الطاقة النووية في فرنسا "مرنة".. وهذه قصتها مع "قناديل البحر"

تُظهر الطاقة النووية في فرنسا قدرةً على التكيف مع معدل الطلب؛ إذ تدير الشركة المشغلة المفاعلات حسب حاجة مزيج الكهرباء ومعدل إنتاج المصادر الأخرى.

ومع نمو حصة الطاقة المتجددة -خاصة الشمسية- بات "تعديل" مستويات الإنتاج النووي ضرورة ملحّة، منعًا لوجود فائض والهبوط بأسعار الكهرباء، وفق تفاصيل تابعتها منصة الطاقة المتخصصة (الصادرة من واشنطن).

ويبدو أن المشروعات النووية تكتسب زخمًا بصورة تدريجية في أوروبا مؤخرًا، إذ وافقت بريطانيا على تطوير محطة "سايزويل سي" وأعلنت الحكومة موافقتها الرسمية على المشروع، في يوليو/تموز 2025.

وتأتي هذه المتغيرات عقب أزمة طاقة خانقة ضربت القارة العجوز، بعد سلسلة من حزم العقوبات المفروضة على الغاز الروسي منذ اندلاع الحرب الأوكرانية في فبراير/شباط 2022.

أداء الطاقة النووية في فرنسا

يُقدر أسطول الطاقة النووية في فرنسا بنحو 57 مفاعلًا، بقدرة إجمالية تتجاوز 60 غيغاواط وإنتاج يسيطر على 70% من مزيج الكهرباء، وتسهم بقدر كبير في الاستهلاك المحلي في حين يُصدّر الفائض.

ولا تقتصر أهمية الطاقة النووية على مزيج الكهرباء الفرنسي فقط، لكن تؤدي دورًا كبيرًا في تلبية طلب غرب أوروبا على الإمدادات منخفضة الكربون.

ويتأثر أداء باريس النووي عادة بقدرة إنتاج الطاقة المتجددة، وخلال الآونة الماضية اكتسحت الطاقة الشمسية مصادر التوليد "النهارية"، متفوقة على الغاز.

ويمنح ذلك المفاعلات النووية مرونة في خفض الإنتاج نهارًا وزيادته ليلًا، وفق تحليل نشرته صحيفة فايننشال تايمز.

وبذلك، توفر شركة كهرباء فرنسا "المشغلة للمفاعلات" الوقود النووي تزامنًا مع انخفاض أسعار الكهرباء صباحًا مع تزايد الإنتاج الشمسي، وتستفيد من ارتفاعها مساء.

وقالت محللة أسواق الطاقة في إس بي غلوبال، أنيكا أمين، إن هذه المرونة تعزز إيرادات شركة كهرباء فرنسا، من خلال زيادة الإنتاج النووي مساء خلال أوقات ارتفاع الأسعار.

وأرجعت ذلك إلى خفض عدد المفاعلات النووية قيد التشغيل نهارًا، وزيادتها ليلًا.

مرونة الإنتاج ومخاطر جدية

أوضحت أنيكا أمين أن الطاقة النووية في فرنسا تناغمت مع نمو إنتاج الطاقة المتجددة، مستشهدة بإنتاج المفاعلات 24 غيغاواط ظهر يوم 3 أغسطس/آب الجاري، وما يقرب من ضعف هذا المعدل مساء اليوم ذاته إلى 42 غيغاواط.

ويملك أسطول المحطات النووية في الدولة الأوروبية القدرة على خفض إنتاج الكهرباء أو زيادته بنسبة تصل إلى 80%، خلال 30 ثانية لمدة مرتين يوميًا، رغم عدم مرونة الأنظمة النووية في المطلق، وفق تصريح للمتحدث باسم شركة كهرباء فرنسا.

وخلال النصف الأول من العام الجاري، ارتفعت نسبة مرونة تعديل إنتاج المحطات النووية 16% بالمقارنة على أساس سنوي.

ورغم ميزات المرونة واستهداف أوقات أسعار الكهرباء المرتفعة لتحقيق مكاسب أكبر، فإن هذا التكيف الذي أبداه الأسطول النووي في باريس ينطوي على مخاطر جمة.

فقد تتعرض المفاعلات إلى "الإجهاد الحراري" نتيجة الإغلاق والتشغيل المتكرر، وتغيير قدرة الإنتاج، ومن المحتمل أن تعاني معدات المحطات التآكل والتلف.

وكانت إمدادات الكهرباء الفرنسية قد واجهت انقطاعات متكررة عام 2021، فسرته هيئة تنظيم السلامة النووية -في يناير/كانون الثاني الماضي- بتآكل المعدات نتيجة التعديل المتكرر للإنتاج.

هجمة قناديل البحر

في حين يتحدث محللون حول "مرونة" إنتاج الطاقة النووية في فرنسا، تعرضت محطة "غرافلين" إلى هجمة من "قناديل البحر"، الأحد 10 أغسطس/آب الجاري.

وأدى الهجوم إلى إغلاق المحطة، بعد دخول مفاجئ لـ"سرب قناديل" إلى "فلاتر" أسطوانات الماء المستعملة في تبريد المفاعلات وإعاقة نشاطها، وفق ما نشرته صحيفة الغارديان آنذاك.

وتوقف عمل مفاعلات المحطة القادرة على تزويد 5 ملايين منزل فرنسي بالكهرباء، لكن هذا الإغلاق لم يؤثر في الصادرات إلى بريطانيا أو سلامة المرافق والأشخاص.

وأعلنت شركة كهرباء فرنسا حينها أن المفاعلات الـ4 المتعطلة بالمحطة ستستأنف عملها في غضون أسبوع، بعد تعطل أنظمة التبريد.

وتصل القدرة الإجمالية لمحطة "غرافلين" إلى 5.4 غيغاواط، مقسمة إلى 900 ميغاواط لكل وحدة من وحداتها الـ6، طبقًا لمعلومات رويترز.

وفسر علماء هجمة قناديل البحر على محطة الطاقة النووية في فرنسا بارتفاع متوسط درجة حرارة البحر، خلال العام الجاري.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

المصادر: