مع اقتراب ذكرى المولد النبوي الشريف، يتجدد سؤال مهم يطرحه الكثيرون: هل يجوز صيام يوم المولد النبوي الشريف؟ وهل يُعد ذلك من الأعمال المستحبة أم هو من البدع المحدثة؟ في هذا التقرير، نستعرض الرأي الشرعي كما ورد عن دار الإفتاء المصرية، مع توضيح أقوال كبار العلماء والفقهاء من المذاهب الأربعة.
هل يجوز صيام يوم المولد النبوي الشريف؟
نعم، يجوز صيام يوم المولد النبوي الشريف شرعًا، بل يُعد من الأعمال المستحبة التي تعبر عن شكر الله تعالى على نعمة بعثة النبي محمد ﷺ، وهو فعل يدخل في باب الصيام التطوعي، الذي رغب فيه النبي ﷺ وحث عليه.
وقد استدلت دار الإفتاء المصرية على مشروعية هذا الصيام بأن النبي ﷺ كان يصوم يوم الإثنين لأنه يوم مولده؛ فعن أبي قتادة رضي الله عنه قال:
سُئل رسول الله ﷺ عن صوم يوم الاثنين، فقال: "ذاك يوم ولدت فيه وبُعثت فيه وأُنزل عليّ فيه." (رواه مسلم)
صيام المولد النبوي.. شكر لا بدعة
صيام يوم المولد النبوي لا يُعد بدعة كما يزعم البعض، بل هو شكر لله على أعظم نعمة وهبها الله للبشرية، وهي ميلاد خاتم الأنبياء والمرسلين. وهذا ما أكده النبي ﷺ في مواقف أخرى؛ فعندما رأى اليهود يصومون يوم عاشوراء، وقالوا إنه يوم نجّى الله فيه موسى عليه السلام، قال النبي ﷺ:
"نحن أحق بموسى منكم"، فصامه وأمر بصيامه. (رواه البخاري ومسلم)
لماذا نصوم يوم المولد النبوي؟
شكرًا لله تعالى على نعمة إرسال النبي ﷺ.
اقتداءً بالنبي في صيام يوم الإثنين، وهو يوم مولده الشريف.
لما للصيام من فضل عظيم، كما في الحديث القدسي:
"كل عمل ابن آدم له إلا الصوم، فإنه لي وأنا أجزي به."
صيام يوم المولد يدخل ضمن "أيام الله" التي أمر الله بتذكّرها، كما في قوله:
﴿وذكّرهم بأيام الله﴾ [إبراهيم: 5]
هل الاحتفال بالمولد النبوي بدعة؟ رأي العلماء
أكد جمهور الفقهاء وأئمة المذاهب الأربعة على أن الاحتفال بالمولد النبوي الشريف عملٌ مستحبٌ، وليس بدعةً مذمومة، لما فيه من تعظيمٍ للنبي ﷺ، وتعبير عن الفرح به، ونشر للرحمة التي بعث من أجلها.
وقد قال الإمام ابن حجر العسقلاني:
"الاحتفال بالمولد أصل ثابت شرعًا، ويقع ضمن أنواع الشكر لله على النعمة."
بينما قال الإمام السيوطي:
"إظهار الفرح بمولد النبي ﷺ مشروع، وأدلة ذلك كثيرة، منها صيام الإثنين."
هل المولد النبوي يُعد عيدًا؟
نعم، يعد يوم المولد النبوي الشريف من "أيام العيد" من جهة المعنى، لا من جهة الاسم، ولذلك يرى بعض فقهاء المالكية أن من حضر وليمة أو احتفالًا في هذا اليوم، يُستحب له الإفطار مشاركةً في الفرح، كما يُكره له الصيام إن كان ذلك يمنعه من مشاركة الناس فرحتهم.
لكن هذا لا يتناقض مع جواز الصيام فيه لمن لا يمنعه الصيام من حضور مظاهر الاحتفال، أو لمن أراد الاقتداء بسنة النبي ﷺ في صيام يوم ولادته.
هل يختلف حكم الصيام إذا صادف يوم المولد يوم الاثنين؟
إذا صادف يوم المولد النبوي يوم الاثنين، كما هو الحال في بعض الأعوام، فإن صيامه يكون أكثر استحبابًا، لأنه يجمع بين نيتين:
نية صيام يوم الإثنين، اقتداءً بسنة النبي ﷺ.
نية الشكر لله على مولد النبي ﷺ.
وفي الحديث:"من صام يومًا في سبيل الله، باعد الله وجهه عن النار سبعين خريفًا." (رواه مسلم)
خلاصة الحكم الشرعي
✅ صيام يوم المولد النبوي جائز ومستحب شرعًا، ويدخل ضمن الصيام التطوعي المشروع.
✅ الاحتفال بالمولد النبوي أيضًا مشروع، وليس بدعةً كما يروج بعض المتشددين.
✅ يمكن الجمع بين الصيام والاحتفال دون تعارض، ما دام القصد منهما شكر الله ومحبته لنبيه الكريم.
تابع أحدث الأخبار عبر
