طفل صغير من أطفال غزة يعانى من سوء التغذية، يسير عدة كيلومترات ليصل إلى ضابط أمريكي ويأخذ منه الفتات فيشكره، ولكن بمجرد أن يتحول أمير ويسير في الطريق عائدًا، يغتاله رصاص الاحتلال ويطرحوه بدمٍ بارد جثة هامدة لا تجدها حتي الآن والدته الثكلى.
قصة دامية كشف عنها جندي أمريكي سابق خدم في أحد مراكز توزيع المساعدات في غزة، في شهادة مؤلمة تدمي القلوب، فقد تحدث الجندي الأمريكي أنتوني أجيلار عن تفاصيل اللحظات الأخيرة في حياة الطفل الفلسطيني أمير، وقال في شهادته: "قطع الطفل أمير الذي كان حافي القدمين وجسده نحيلاً، مسافة 12 كيلومتراً سيراً تحت الشمس الحارقة أملاً في الحصول على ما يسد رمقه بعد ساعات من الانتظار، ولم يحظ سوى بحفنة من الأرز والعدس التقطها من الأرض.. ثم اقترب مني ووضع يديه النحيلتين على وجهي وقبّل يدي وقال لي شكراً بالإنجليزية ثم عاد إلى الحشد.. وبعد دقائق فقط وبينما كان يغادر برفقة بقية المدنيين أطلق الجيش الإسرائيلي الغاز والرصاص على الحشد فأصيب أمير وسقط قتيلاً في المكان".
اغتيال طفل جائع
ماذا فعل أمير الطفل الفلسطيني الجائع لكي يلقى حتفه بتلك الخسة والندالة، هل اغتالوا أمير لأنه فسلطيني؟ أم اغتالوه لأن جوعه كان مثالاً حيَا لانعدام الإنسانية ولخستهم الشديدة فقرروا طمس الدليل على ذلك؟.
ثم يجعجع نتنياهو بمشروع إسرائيل الكبرى أو يفصح عنه، ذلك المشروع الذى يزعمون أنه "توراتي" ويداعب الوجدان اليهودي؛ تحت أوهام إسرائيل الكبرى من النيل إلى الفرات مستندًا زوراً وبهتاناً إلى وعد الله لسيدنا إبراهيم في سفر التوراة "لنسلك أعطى هذه الأرض من نهر مصر إلى النهر الكبير نهر الفرات" 18:15
ولكن يبدو أن اليهود لا يتعاملون مع النصوص الدينية بدقة، إذ يأخذون ما يعجبهم ويبرر مطامعهم الاستعمارية، ولكنهم تناسوا عندما قال الله في التوراة أيضًا: "غلظ قلب هذا الشعب وثقل أذنيه وطمس عينيه لئلا يبصر بعينيه ويسمع بأذنيه ويفهم بقلبه ويرجع فيشفي" أش 10:6
وأيضاً "الثور يعرف قانيه والحمار معلف صاحبه أما إسرائيل، فلا يعرف شعبي لا يفهم" أش 3:1.. وفى العهد الجديد لعنهم السيد المسيح قائلاً: هو ذا بيتكم يترك لكم خرابًا.
ولكن يبدو أنهم يؤمنون أنهم شعب الله المختار، وباقي الشعوب والأمم ما هي إلا أعداد زائدة، أرضهم مستباحه من أجل شعب الله – كما يزعمون – ودائمًا ما أقول إن أشرس عقليه في التفاوض أو التعامل معها، هي تلك التي تجادل بخلفيه دينية خاطئة وتؤمن أن كل ما تفعله من مجازر ووحشية وإبادة وانتهاك صريح لوصايا الله العشر هو في خدمة العقيدة الدينية.
موقف عربى موحد
ومن ثمّ، لابد أن يكون هناك موقف عربي موحد وقوى لمجابهة ذلك المخطط الآثم سواء في احتلال غزة أو في إعلان إسرائيل الكبري التي تريد تغيير ملامح الإقليم برمته بل وتغيير الخرائط والاعتداء على التاريخ.
وهناك فرصة جيدة جدًا قادمة في الشهر المقبل ألا وهي اجتماع الجمعية العمومية للأمم المتحدة، وهنا فإن الفرصة سانحة لكل الدول العربية للتحدث بلهجة حادة لكشف تلك المخططات الاستعمارية وعرض الخرائط للتأريخ وفضح كل المجازر البشعة التي حدثت في حق الشعب الفلسطيني والمطالبة بمحاكمة كل أفراد اليمين المتطرف الإسرائيلى ووقوفهم أمام محكمة العدل الدولية لينالوا عقابهم وحشد الرأي الدولي و الدول الأوروبية لمشاركة الموقف العربي الموحد تجاه دولة الاحتلال الصهيوني، كي يعود حق أمير وكل أمثاله من أطفال غزة ونثلج صدور أمهاتهم.