لم يعد الإرهاب في صورته التقليدية من تفجيرات وكمائن هو التهديد الأكبر للأمن القومي المصري، بل أصبح الإعلام الموجه والشائعات المنظمة أحد أخطر الأسلحة التي تستخدمها جماعة الإخوان الإرهابية وأذرعها في الخارج. فالجماعة التي لفظها الشعب المصري بثورة 30 يونيو 2013 أدركت أن العودة للحكم بالقوة المسلحة أمر مستحيل في ظل يقظة القوات المسلحة ووزارة الداخلية، فاتجهت إلى ساحة حرب جديدة: حرب العقول والمعلومات.
في هذه الحرب، تتحول الكاميرا إلى بندقية، والمنصات الإعلامية إلى جبهة قتال، بينما تكون الشائعة بمثابة "قنبلة موقوتة" تستهدف ثقة المواطن في دولته ومؤسساته.
وهنا تحديدًا، تتضح خطورة أبواق الإخوان الإعلامية التي تبث من الخارج، حيث تسعى لتشويه صورة مصر عبر سرديات مضللة مدعومة بتمويلات مشبوهة.
استوعبت وزارة الداخلية المصرية مبكرًا خطورة هذه الحرب النفسية، فتبنت إستراتيجية متكاملة تقوم على الرصد المبكر للشائعات، تفنيد الأخبار الكاذبة، وضبط شبكات التواصل المرتبطة بتنظيمات معادية.
فعلى سبيل المثال، نجحت الإدارة العامة لتكنولوجيا المعلومات في كشف وإغلاق آلاف الحسابات المزيفة، بينما يضطلع قطاع الأمن الوطني بدور محوري في تتبع مصادر التمويل والدعم الخارجي.
إن خطورة الشائعة تكمن في سرعة انتشارها على وسائل التواصل الاجتماعي، وقدرتها على اختراق الوعي الجمعي.
فالمجتمع قد يتأثر ويشكك في مؤسساته إذا لم يجد الرد السريع والحاسم. ولهذا يأتي دور الإعلام الوطني الصادق، إلى جانب بيانات الداخلية، كصمام أمان يعزز الثقة ويقطع الطريق أمام دعايات الفتنة.
تاريخيًا، اعتمدت جماعة الإخوان على الشائعات كسلاح منذ نشأتها في عشرينيات القرن الماضي، لكن ما يميز المرحلة الحالية هو القدرة الرقمية الهائلة على نشر الأخبار المفبركة والوصول إلى ملايين المستخدمين في ثوانٍ عبر فيديو أو منشور كاذب.
وتأتي واقعة الإخواني الهارب أنس حبيب والاعتداء على السفارة المصرية في هولندا كحلقة كاشفة لهذه الإستراتيجية، حيث تجسد كيف يتحول الخطاب الإعلامي التحريضي إلى سلوك عدائي مباشر ضد رموز الدولة المصرية.
أنس حبيب يعتدي على السفارة المصرية في هولندا
في واحدة من الوقائع الصادمة للجالية المصرية في أوروبا، أقدم القيادي الإخواني الهارب أنس حبيب على الاعتداء على السفارة المصرية في هولندا.
قام حبيب بمحاولة اقتحام محيط السفارة ورفع لافتات تحريضية، مرددًا شعارات مسيئة ضد الدولة المصرية ومؤسساتها.
الواقعة لم تمر مرور الكرام، إذ واجهته الشرطة الهولندية بالإجراءات القانونية بعد تقديم السفارة المصرية مذكرة احتجاج رسمية.
كما أصدرت الجالية المصرية في أمستردام بيانًا استنكرت فيه التصرفات الهمجية التي تسيء إلى صورة المصريين في الخارج وتؤكد الطابع الإرهابي لجماعة الإخوان.
الأخطر في الحادث أن أنس حبيب بث مقاطع فيديو مباشرة على منصات تابعة للإخوان، محاولًا استثمار الواقعة في حملة إعلامية جديدة ضد مصر. وهو ما يكشف عن الترابط العضوي بين منصات الإخوان الإلكترونية والتحركات العدائية على الأرض.
الداخلية المصرية تكشف وتحبط مخططات الشائعات
رصد الحملات الإعلامية الممولة من الخارج.
ضبط وإغلاق حسابات وهمية تبث أخبارًا كاذبة.
سرعة إصدار بيانات رسمية تفند الأكاذيب.
استخدام التكنولوجيا الحديثة لتتبع مصادر الأخبار المزيفة.
التعاون مع الإعلام الوطني لرفع وعي المواطنين.
خبراء يحللون.. ماذا تعني واقعة أنس حبيب؟
اللواء د. خالد عكاشة – مدير المركز المصري للفكر والدراسات الإستراتيجية في تصريحات صحفية: الاعتداء على السفارة المصرية في هولندا لم يكن عملًا فرديًا، بل هو جزء من إستراتيجية الإخوان في الخارج، مضيفا أن الجماعة تسعى إلى تدويل الأكاذيب، وتستغل الحريات الأوروبية لإضفاء شرعية على تحركاتها العدائية.
ومن جانبها أكدت د. سامية خضر – أستاذة علم الاجتماع السياسي: الشائعات أخطر من الرصاص، لأنها تستهدف النسيج الاجتماعي. الإخوان يحاولون نشر عدم الثقة بين المواطن ومؤسسات الدولة، وهو ما يضاعف من أهمية دور وزارة الداخلية في فضح هذه الأكاذيب.
وفي ذات السياق أوضح د. ياسر عبد العزيز – خبير الإعلام، أن إعلام الإخوان يعتمد على التضليل الممنهج، عبر اقتطاع أجزاء من الحقيقة وفبركة مقاطع الفيديو، لخلق صورة مشوهة عن مصر، مؤكدًا أن واقعة أنس حبيب دليل على أن خطاب الكراهية الإخواني لم يعد مجرد كلام، بل أصبح سلوكًا عدائيًا.
معركة وعي تتجاوز الحدود
تؤكد واقعة أنس حبيب أن معركة مصر مع الإخوان لم تعد مقتصرة على الداخل، بل امتدت إلى الخارج عبر حرب إعلامية نفسية تسعى لتشويه صورة الدولة. وفي مواجهة ذلك، تواصل وزارة الداخلية المصرية إستراتيجيتها في تفكيك الشائعات وملاحقة الإعلام المضلل، بالتعاون مع القوى الوطنية والمجتمع الواعي.
فالرهان لم يعد فقط على قوة السلاح، بل على قوة الكلمة والحقيقة.