في الوقت الراهن تواجه شركة نيسان اليابانية أزمة هيكلية غير مسبوقة تهدد وجودها العالمي، بعد سنوات من التوسع الطموح بقيادة رئيسها التنفيذي السابق "كارلوس غصن".
كانت نيسان تسعى جاهدة لتوسيع حصتها في السوق العالمية من 6% إلى 8%، وهو ما دفعها لزيادة الطاقة الإنتاجية بوتيرة غير مسبوقة ولكن ذلك السعي الإيجابي تراجع بشكل عكسي وهو وجود فائض هائل في الطاقة الإنتاجية.
ولكن الوضع اليوم اختلف بشكل كلي، حيث تستعد نيسان لإغلاق عدد من مصانعها من بينها أكبر مصانعها في إطار خطة تحول قاسية تهدف إلى إنقاذ ما تبقى من الشركة.
تراجع حاد في مبيعات نيسان العالمية
عند بحلول السنة المالية 2024، تراجعت مبيعات نيسان إلى 3.3 مليون وحدة فقط، مقارنة بذروتها البالغة 5.8 مليون وحدة في 2017.
في الولايات المتحدة الأمريكية، تراجعت المبيعات من 1.6 مليون إلى 938 ألف وحدة، وفي الصين، انخفضت من 1.5 مليون إلى 697 ألف وحدة فقط.
أجبرت هذه الأرقام الصادمة الشركة على إعادة تقييم نموذجها التشغيلي. وبحسب محللين، فإن غصن ترك وراءه تركة من التوسع السريع الذي لم يدعم بإستراتيجية مستدامة، مما أدى إلى أزمات متلاحقة.
خطة لمحاولة إنقاذ هذا التراجع
في أبريل 2025، تولى "إيفان إسبينوزا" منصب الرئيس التنفيذي، ليواجه واحدة من أعقد المراحل في تاريخ الشركة. أطلق إسبينوزا خطة تحول جذرية تشمل:
خفض التكاليف السنوية بمقدار 500 مليار ين.
تسريح 19 ألف موظف حول العالم (نحو 15% من القوى العاملة).
إغلاق 7 مصانع من أصل 17 مصنعًا، لتصبح نيسان بـ10 قواعد إنتاج فقط.
احتمال إغلاق أكبر مصانع نيسان، الذي يقع ضمن نطاق التخفيضات الجديدة.
وقال إسبينوزا في مؤتمر صحفي: "الواقع واضح. لدينا هيكل تكاليف مرتفع للغاية، والأسواق العالمية متقلبة، مما يجعل التخطيط والاستثمار أمرًا بالغ الصعوبة".
خسائر تاريخية لمبيعات شركة نيسان
أعلنت نيسان عن خسارة صافية قدرها 670 مليار ين (حوالي 4.5 مليار دولار) في السنة المالية 2024، وهي ثالث أكبر خسارة في تاريخها.
رغم ذلك، تمتلك الشركة أكثر من 2 تريليون ين نقدًا، إضافة إلى 2 تريليون ين من خطوط الائتمان غير المستخدمة، مما يمنحها هامش بقاء يقدر بـ 12 إلى 18 شهرًا.
على عكس الإدارة السابقة التي وصفت بالبطء والمحافظة، يتكوّن الفريق الإداري الحالي من مزيج بين كوادر شابة يابانية ومديرين تنفيذيين غير يابانيين، في محاولة لإحداث قفزة في طريقة اتخاذ القرار.
ويقول المحللون المختصين إن هذا التغيير في الهيكل الإداري قد يكون الفرصة الأخيرة لإنقاذ نيسان.
ضمن خطة إسبينوزا، قررت نيسان إغلاق مصنعها الأكبر عالميًا الذي لم يذكر اسمه رسميًا حتى الآن في خطوة تعكس مدى حرج الوضع.
كان المصنع يمثل ركيزة أساسية في سلسلة الإمداد العالمية للشركة، لكن تكاليف تشغيله لم تعد قابلة للاستمرار في ظل انخفاض الطلب وهذا الإغلاق هو أكثر من مجرد تقليص إنتاج؛ إنه إعادة هيكلة جذرية لأحد أضخم اللاعبين في صناعة السيارات.