شهدت الأيام الماضية حراكا واسعا بين الحكومة ومجتمع الأعمال في مصر، أسفر عن إطلاق مبادرة وطنية تهدف إلى تخفيض أسعار السلع والخدمات، في خطوة وصفت بأنها "تكاتف حقيقي" بين الدولة والقطاع الخاص من أجل التخفيف عن كاهل المواطن.
مبادرة خفض أسعار السلع يقودها اتحاد الغرف التجارية واتحاد الصناعات المصرية، وجاءت في توقيت دقيق يتزامن مع تحسن المؤشرات الاقتصادية الكلية، لكنها تسعى بالأساس إلى أن يلمس المواطن أثر هذا التحسن في حياته اليومية.
تفاصيل مبادرة خفض الأسعار
وفي هذا السياق، أكد أحمد الوكيل، رئيس الاتحاد العام للغرف التجارية، أن فكرة المبادرة انبثقت من الحوار المستمر بين الحكومة ومجتمع الأعمال، موضحا أن المرحلة الحالية تستدعي تعزيز التعاون من أجل دفع عجلة الإنتاج وتخفيف الأعباء المعيشية.
وقال الوكيل: “تحركنا مع زملائي من رؤساء الغرف التجارية والصناعية منذ نحو تسعة أيام لتطبيق هذه المبادرة على أسس طوعية بحتة، بعيدا عن أي تدخل حكومي أو فرض أسعار، فهي مبادرة خالصة من القطاع الخاص الوطني الذي ظل على مر التاريخ عمود الاقتصاد المصري، سواء خلال الحرب العالمية الثانية أو أثناء جائحة كوفيد-19”.
وأوضح الوكيل أن اجتماعا موسعا عقد بحضور وزير التموين والتجارة الداخلية ورؤساء الغرف الصناعية والتجارية، إضافة إلى المنتجين والشعب التجارية، جرى خلاله الاتفاق على إطلاق المبادرة بمرحلة أولى تشمل مجموعة من السلع الأساسية.
وأكد رئيس الاتحاد العام للغرف التجارية، أن وفرة المعروض في الأسواق تفوق حجم الطلب، وهو ما يعزز فرص نجاح هذه الخطوة ويشجع المزيد من التجار والمصنعين على الانضمام إليها تباعا.
نتائج ملموسة لمبادرة خفض الأسعار
من جانبه، استعرض الدكتور علاء عز، أمين عام اتحاد الغرف التجارية، نتائج خطة العمل التي انطلقت على مستوى الجمهورية، موضحا أن الغرف التجارية في المحافظات الـ27 عقدت اجتماعات مكثفة مع التجار وأعضاء الشعب المختلفة، ما أسفر عن إطلاق مبادرات محلية داعمة.
وأشار عز إلى أنه تم تبكير موعد الأوكازيون الصيفي ليبدأ في الرابع من أغسطس الجاري، بمشاركة أكثر من 1600 محل، قدمت خصومات تراوحت بين 10% و50%، مع استمرار الأوكازيون حتى بدء العام الدراسي لتلبية احتياجات الأسر من ملابس ومصنوعات جلدية بأسعار مخفضة.
تراجع الأسعار في قطاعات مختلفة
ولفت عز إلى أن وزارة التموين بدأت تطبيق المبادرة عبر الشركة القابضة ومنافذها التي تتجاوز ألف مجمع استهلاكي في مختلف المحافظات، حيث جرى طرح خصومات تراوحت بين 5% و18% على نحو 640 سلعة تشمل السلع الأساسية.
كما تم عقد لقاءات مع المنتجين والمستوردين والسلاسل التجارية لطرح تخفيضات إضافية بين 5% و20% على الأغذية والأجهزة المنزلية والكهربائية، وصلت في بعض الماركات إلى 35%.
وأشار عز إلى أن المبادرة انعكست على أسعار السيارات التي شهدت خصومات بين 10% و25% سواء للسيارات المحلية أو المستوردة، إلى جانب انخفاض أسعار الخضر والفاكهة بنحو 10% مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، بالإضافة إلى أسعار مواد البناء في التراجع، إذ هبط سعر طن الأسمنت من أكثر من 5000 جنيه إلى أقل من 4000 جنيه، بنسبة انخفاض بلغت 20%.
أما شركات الحديد، فقد أعلنت عن خفض إضافي لسعر طن حديد التسليح بقيمة 2200 جنيه، أي بنسبة 6% تقريبا، بينما قدمت شركات مواد البناء الأخرى، خاصة المتخصصة في الحراريات، تخفيضات تراوحت بين 15% و25%.
أسواق اليوم الواحد والمزارعين
وتابع عز أن وزارة التموين بالتعاون مع التنمية المحلية والغرف التجارية نظمت أكثر من 110 أسواق "اليوم الواحد" بمختلف المحافظات، لتقديم سلع بخصومات بين 15% و20%، كما توسعت التجربة لتشمل "أسواق المزارعين" بعد نجاح تجربة غرفة الإسكندرية بالتعاون مع المعونة الإيطالية واتحاد المزارعين الإيطالي، وهو ما ساهم في خفض أسعار الخضر والفاكهة بشكل ملحوظ.
دعم من منافذ الحكومية لخفض الأسعار
وأضاف أمين عام اتحاد الغرف التجارية أن المنافذ التابعة لوزارات الدفاع والداخلية والزراعة والتنمية المحلية انضمت للمبادرة، حيث توفر منتجات بخصومات تصل إلى 20% عن أسعار السوق، بما يعزز انتشار السلع المخفضة في مختلف المناطق.
وأشار عز إلى أن المبادرة في توسع مستمر، إذ ينضم يوميًا نحو 500 منتج جديد، ما يبشر بانتشارها على نطاق أوسع خلال الفترة القليلة المقبلة، مؤكدا أن أسعار الجملة للسلع الأساسية، بما فيها البروتين، شهدت انخفاضات واضحة خلال الأسابيع الثلاثة الماضية، حيث تراجعت أسعار الدواجن البيضاء وبيض المائدة بشكل متواصل، مما انعكس إيجابًا على ميزانية الأسر المصرية.
وأوضح عز أن المبادرة لا تقتصر على الغذاء فحسب، بل تشمل الملابس، والأحذية، والحقائب، والأجهزة الكهربائية والمنزلية، بخصومات تصل إلى 50% في بعض المنتجات، كما توسعت لتشمل قطاع السيارات، حيث شهدت محافظة أسيوط وحدها مشاركة 110 معارض سيارات في يوم واحد ضمن المبادرة.
وشدد عز على أن الإصلاحات الاقتصادية الجارية في مصر انعكست إيجابا على الاقتصاد الكلي من خلال تحسن العملة وانخفاض معدلات التضخم، لكن التحدي الحقيقي يتمثل في شعور المواطن بثمار هذه الإصلاحات بشكل مباشر، مضيفا: “القطاع الخاص يمثل نحو 80% من الناتج المحلي الإجمالي ومن فرص التوظيف، وبالتالي فإن أي خطوة من جانبه لتخفيف الأعباء عن المواطن هي انعكاس حقيقي للشراكة مع الحكومة”.
قريبا.. المواطن سيشعر بانخفاض الأسعار
وبذلك، تبدو مبادرة خفض الأسعار خطوة عملية تعكس تلاحم الدولة مع القطاع الخاص، وتؤكد أن الإصلاح الاقتصادي لا يكتمل بالأرقام فقط، بل بترجمة نتائجه إلى واقع يخفف الأعباء عن المواطن.
ومع استمرار انضمام مئات المنتجين والتجار يوميًا، تتسع دائرة المبادرة لتشمل سلعًا وخدمات أوسع، بما يرسخ مبدأ أن الشراكة الحقيقية بين الحكومة ومجتمع الأعمال هي الطريق الأمثل لتحقيق التوازن بين النمو الاقتصادي وحياة كريمة لكل أسرة مصرية.
إخلاء مسؤولية إن موقع عاجل الإخباري يعمل بطريقة آلية دون تدخل بشري،ولذلك فإن جميع المقالات والاخبار والتعليقات المنشوره في الموقع مسؤولية أصحابها وإداره الموقع لا تتحمل أي مسؤولية أدبية او قانونية عن محتوى الموقع.
