شهد سوق العمل المصري خلال الربع الثاني من عام 2025 تغيرات ملحوظة في مؤشرات التشغيل والبطالة، وفقًا لبيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء وتعكس الأرقام الصادرة صورة أكثر تفصيلًا عن واقع القوى العاملة، سواء من حيث معدلات التوظيف أو نسب البطالة بين مختلف الفئات العمرية والجغرافية والتعليمية. ويأتي هذا التقرير في وقت يسعى فيه الاقتصاد المصري إلى تعزيز فرص العمل وتحسين كفاءة سوق العمل، وسط تحديات اقتصادية محلية وعالمية.
حيث أعلن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء نتائج بحث القوى العاملة للربع الثاني من عام 2025 (الفترة من أبريل إلى يونيو)، والتي أظهرت انخفاض معدل البطالة إلى 6.1% من إجمالي قوة العمل، بتراجع قدره 0.2% مقارنة بالربع السابق وبلغ عدد المتعطلين 2.054 مليون شخص، بينهم 932 ألف ذكر و1.122 مليون أنثى، بانخفاض 57 ألف متعطل عن الربع السابق بنسبة 2.7%، بانخفاض طفيف قدره 4 آلاف متعطل عن نفس الفترة من العام الماضي بنسبة 0.2%.
وأوضحت البيانات أن معدل البطالة بين الذكور تراجع إلى 3.5% مقابل 3.6% في الربع السابق و4.2% في نفس الفترة من العام الماضي، فيما انخفض معدل البطالة بين الإناث إلى 15.8% مقارنة بـ16.4% في الربع السابق و17.3% في الربع المماثل من العام السابق.
وبالنسبة للتوزيع العمري، بلغ معدل البطالة 10.2% للفئة العمرية من 15 إلى 19 سنة مقابل 9.3% في الربع السابق، و28.9% للفئة من 20 إلى 24 سنة وهي نفس النسبة في الربع السابق، و20.7% للفئة من 25 إلى 29 سنة مقارنة بـ20.4% في الربع السابق، بينما بلغت نسبة المتعطلين في الفئة العمرية من 30 إلى 64 سنة نحو 40.2% من إجمالي المتعطلين مقابل 41.4% في الربع السابق.
وعلى صعيد التوزيع الجغرافي، سجل معدل البطالة في الحضر 9.7% مقابل 9.8% في الربع السابق و10% في نفس الفترة من العام الماضي، بينما تراجع المعدل في الريف إلى 3.3% مقارنة بـ3.6% في الربع السابق و3.8% في الربع المماثل من العام الماضي.
أما من حيث المستوى التعليمي، فقد أظهرت النتائج أن 78.2% من المتعطلين هم من حملة المؤهلات المتوسطة وفوق المتوسطة والجامعية وما فوقها، مقابل 78.7% في الربع السابق وتوزعت النسب بين 21.8% من أصحاب التعليم الأقل من المتوسط وما دونه، و33.4% من حملة المؤهلات المتوسطة وفوق المتوسطة، بينما بلغت نسبة المتعطلين من حملة المؤهلات الجامعية وما فوقها 44.8%، وهي نفس النسبة المسجلة في الربع المماثل من العام الماضي.
توسع بعض القطاعات الاقتصادية
وفي هذا السياق يقول الدكتور سعيد صادق الخبير الاجتماعي، شهدت مصر خلال الربع الثاني من عام 2025 انخفاضًا طفيفًا في معدل البطالة إلى 6.1%، وهو ما اعتبره مؤشرًا إيجابيًا على تعافي سوق العمل نسبيًا، لكنه أكد أن هذا التحسن يحتاج إلى تعزيز بخطط مستدامة لضمان استمرار تراجع البطالة في الفترات المقبلة.
وتابع صادق، إن الانخفاض الحالي يعود إلى عدة عوامل، أبرزها توسع بعض القطاعات الاقتصادية في التوظيف مثل الإنشاءات والخدمات، وزيادة المشروعات الصغيرة والمتوسطة المدعومة من الدولة، فضلًا عن برامج التدريب والتأهيل التي أطلقتها وزارات العمل والتعليم الفني كما أشار إلى أن استقرار بعض القطاعات الإنتاجية بعد فترات من التذبذب ساهم في توفير فرص عمل جديدة.
تحفيز قطاع السياحة
من جانبها، ترى الدكتورة سامية خضر أستاذة علم الاجتماع، أن جزءًا من الانخفاض يرجع إلى تحسن النشاط الاقتصادي في الريف وزيادة الطلب على العمالة في مواسم الإنتاج الزراعي، إلى جانب تحفيز قطاع السياحة الذي بدأ يستعيد نشاطه تدريجيًا، ما خلق وظائف موسمية ودائمة على حد سواء.
وفيما يتعلق بالنصائح لضمان استمرار انخفاض معدل البطالة، أوصت خضر بضرورة التوسع في برامج التدريب المهني وربطها باحتياجات السوق الفعلية، ودعم ريادة الأعمال بين الشباب من خلال تسهيلات تمويلية وتشريعية، وتبني سياسات لجذب الاستثمارات المحلية والأجنبية في القطاعات كثيفة العمالة كما شدد على أهمية تطوير التعليم الفني والتقني ليواكب التطورات التكنولوجية، ما يتيح للخريجين فرصًا أوسع للانخراط في سوق العمل.
