الدعاء عبادة جليلة تجمع بين طاعة الله والامتثال لأمره، وهو صلة العبد بربه، وملاذه عند الكرب، ومفتاح فرج لكل هم، وقد قال الله تعالى في كتابه الكريم:﴿وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ﴾ [البقرة: 186].
ساعة استجابة
يعد جوف الليل من الأوقات المفضلة للدعاء، لما ورد عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله ﷺ قال:«يَنْزِلُ ربُّنا تباركَ وتعالى كلَّ ليلةٍ إلى السماءِ الدنيا، حينَ يَبْقَى ثُلُثُ الليلِ الآخرِ، يقولُ: مَن يَدعوني فأَستجيبَ لهُ؟ من يَسْأَلُني فأُعطيَهُ؟ من يَستغفرني فأَغفرَ لهُ؟» [صحيح البخاري].
كما روى جابر رضي الله عنه عن النبي ﷺ قوله:«إنَّ في الليلِ لَساعةٌ، لا يوافقُها رجلٌ مسلمٌ يسأل اللهَ خيرًا من أمرِ الدنيا والآخرةِ، إلا أعطاه إياه، وذلك كلَّ ليلةٍ» [صحيح مسلم].
روائع المناجاة
ومن أجمل ما يقال في هذا الوقت المبارك:"يا خيرَ معروفٍ عُرِفَ، يا أفضَلَ مَعبودٍ عُبِدَ، يا أجَلَّ مَشكورٍ شُكِرَ، يا أعَزَّ مَذكورٍ ذُكِرَ، يا أعلى مَحمودٍ حُمِدَ، يا أقدَمَ مَوجودٍ طُلِبَ، يا أرفَعَ مَوصوفٍ وُصِفَ، يا أكبَرَ مَقصودٍ قُصِدَ، يا أكرَمَ مَسؤولٍ سُئِلَ، يا أشرَفَ مَحبوبٍ عُلِمَ، أصلح لي شأني كله ولا تكلني إلى نفسي طرفة عين، وارزقني عملاً صالحاً يقربني إلى رحمتك ولساناً ذاكراً شاكراً لنعمتك."
وفي دعاء آخر يلهج به المؤمنون في سكون الليل:"اللهم أنت المعين وبك الأنفس تستعين وبك القلوب تستكين، فاجعلنا لنعمك شاكرين وبقضائك راضين وبرضاك طامعين وفي ظل عرشك آمنين مطمئنين وفي الجنة خالدين."
رجاء القلوب
ويتضرع العبد قائلاً:"اللهم لا تجعل لنا همًّا إلا أزحته، ولا ضيقًا إلا فرجته، ولا حزنًا إلا أجليته، ولا عسراً إلا يسرته، ولا أمراً مستعصياً إلا حللته، وحقق لنا ما نتمنى. اللهم إنا نسألك اللطف فيما قضيت، والمعونة على ما أمضيت، ونستغفرك من قول يعقبه الندم، أو فعل تزل به القدم، فأنت الثقة لمن توكل عليك، والعصمة لمن فوض أمره إليك، {وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ}."
الصلاة على الحبيب ﷺ
ويختم المؤمن دعاءه بالصلاة على النبي ﷺ، فيقول:"اللهم صلِّ وسلم وبارك على سيدنا محمد نور النور، الذي تفتح به الصدور، وجميع الأمور، زين الكون والحب الرباني المكنون، بعدد كل ما قال له الله كن فيكون، وعلى آله وصحبه وأتباعه إلى يوم النشور، بجاهك يا عزيز يا غفور، ويا خالق النبي محمد من نورك، والملائكة من نوره، يا حي يا قيوم يا نور النور."