الطاقة المتجددة في أستراليا رهينة "صفقة" مع المواطنين (تقرير)

أصبحت مشروعات الطاقة المتجددة في أستراليا "صفقةً مربحةً" بالنسبة للمجتمعات الريفية والإقليمية التي ترغب في الاستفادة من مشروعات طاقة الشمس والرياح والبطاريات الضخمة المقامة على أراضيها.

ووفق نتائج تقرير حديث صادر عن مؤسستي إف آر آر آر (FRRR) وبروجيكتس جيه إس إيه (Projects JSA)، ترغب المجتمعات التي تقطن بمناطق الطاقة المتجددة في البلاد بتحقيق عوائد جيدة نظير استضافتها البنية التحتية للطاقة النظيفة.

وترغب تلك المجتمعات في وضوح أكبر بشأن فرص تلك المشروعات ومخاطرها، ومزيد من الموارد، ومشاركة أكبر في اتخاذ القرارات التي ستؤثّر في مناطقها لعقود مقبلة.

وحدَّد حزب العمال الأسترالي هدفًا طموحًا يتمثل في أن تُشكّل المصادر المتجددة 82% من مزيج الطاقة بحلول عام 2030، في إطار خطة أوسع لتقليص انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بنسبة 43%.

وتستهدف الحكومة الأسترالية تحقيق أهداف الحياد الكربوني بحلول أواسط القرن الحالي (2050)، حسب تفاصيل تابعتها منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن).

دعم كبير.. ولكن

على الرغم من دعم غالبية الأشخاص بمناطق الطاقة المتجددة في أستراليا لجهود تحول الطاقة، فإن الفرصة السانحة أمام إنجاز تلك المشروعات قد تتلاشى بين "عشية وضحاها".

وتتسابق المشروعات التي ستساعد بتحقيق أهداف الطاقة المتجددة في أستراليا المقرر لها في عام 2030، أو حتى تعرقلها، نحو الحصول على التراخيص والبدء في مرحلة البناء.

وتحظى المشروعات في المناطق التي ستستضيفها بالدعم، وإن كان هذا الدعم غير مضمون؛ إذ يُظهِر تقرير يحمل عنوان "سترايكينغ نيو دييل فور رينيوابولز إن ريجنز (Striking a New Deal for Renewables in Regions) أن 70% من السكان في مناطق الطاقة المتجددة يدعمون التحول الأخضر.

وعلى الرغم من أن تلك النسبة تمثّل قاعدة دعم قوية، فإنها مشروطة؛ إذ ترغب المجتمعات في الحصول على فوائد ملموسة وتأثير حقيقي وإظهار احترام لبيئتها ونمط حياتها.

ودون اتخاذ إجراءات فورية من قِبل القائمين على المشروعات النظيفة، قد تتلاشى تلك النوايا الحسنة.

ولا يكمن التحدي في إقناع المعارضين بمشروعات الطاقة المتجددة في أستراليا فحسب، بل في تأمين الدعم الموجود بالفعل أيضًا.

وبناءً عليه؛ تلوح أمام الحكومات وقطاع الصناعة فرصة لدمج تقاسُم المنافع، وإدارة المخاطر، والوكالة المحلية في كل مشروع.

تقاسم المنافع

لدى بعض الولايات الأسترالية إرشادات قوية لتقاسم المنافع وبرامج لبناء السعة، بينما تترك ولايات أخرى الأمر برمته إلى ترتيبات معينة.

ومن شأن هذا التناقض أن يزعزع الثقة؛ وينبغي على الوزراء أن يلتزموا بوضع إطار وطني مدعوم بمجموعة عمل متخصصة منوط بها تحقيق ما يلي:

• إدارة المخاطر بشفافية لكل مشروع وكل منطقة طاقة جديدة لتوضيح تفاصيل الصفقة للمجتمعات.
• إبرام اتفاقيات ملزمة مفيدة للمجتمع، مرتبطة بالمشروع، والحصول على موافقات التوصيل بالشبكة، حتى يثق السكان المحليون في أن الحكومة والصناعة ملتزمة بالاتفاقيات نفسها.

تحديث المناطق

تفتقر معظم مناطق الطاقة المتجددة في أستراليا إلى الجاهزية المطلوبة لإحداث طفرة؛ فالإسكان نادر، وخدمات الصحة والتعليم ليست على ما يُرام، ما ينطبق كذلك على البنية التحتية المحلية التي تحتاج إلى تحديث.

ودون "حزمة جديدة لمناطق الطاقة المتجددة في أستراليا" المموّلة بشكل مشترك من قِبل الحكومات المحلية، ستتفاقم تلك الضغوط لتغذّي شعورًا بالاستياء بدلًا من أن تكون هناك فرصة حقيقية لتطوير المشروعات.

ويتطلب تحديث مناطق الطاقة المتجددة اهتمامًا قبل الشروع في تحقيق طفرة في أنشطة بناء المشروعات.

مثال حي

تُظهِر منطقة الطاقة المتجددة "سنترال ويست أورانا" في ولاية نيوساوث ويلز فرصًا وتحديات؛ إذ تشهد المنطقة تنفيذ 10 مشروعات كبرى، بدعم من مشروعات نقل كبرى.

وتسهم المشروعات الـ10 جميعها في توفير انبعاثات ثاني أكسيد كربون بواقع 10.3 مليون طن سنويًا؛ ما يعادل 2.2% من إجمالي الانبعاثات في أستراليا، حسب تقديرات رصدتها منصة الطاقة المتخصصة.

ومن الأمور الإيجابية أن ثمة استثمارات مجتمعية مؤكدة تزيد قيمتها على 214 مليون دولار، ومدفوعات سنوية لملُّاك الأراضي تتجاوز قيمتها 22 مليون دولار، إلى جانب تحديثات البنية التحتية للطرق والمياه.

في المقابل، لا تخلو تلك الصورة الوردية من العلامات السلبية مثل نقص الوحدات السكنية، والخدمات الصحية المتردية، والانقسام المجتمعي وانعدام فرص الوصول إلى الكهرباء بالنسبة للسكان المحليين، إلى جانب تحديثات الاتصالات السلكية واللاسلكية والتحسينات البيئية.

وبناءً على ذلك، فإنه على الرغم من أن منطقة الطاقة المتجددة "سنترال ويست أورانا" تمثّل "صفقة جيدة"، فإنها تحتاج إلى استمرار التعاون وتضافر جميع الجهود، حتى بعد مرحلة الحصول على التراخيص.

تراجُع استثمارات طاقة الشمس والرياح

تمضي استثمارات طاقة الشمس والرياح في أستراليا في مسار تنازلي خلال الأشهر الـ6 الأولى من العام الجاري؛ ما يوجّه ضربة قويةً لجهود التحول الأخضر في البلاد.

ولم تصل أيٌّ من مشروعات طاقة الرياح المخطط تنفيذها في أستراليا إلى مرحلة الغلق المالي، وهي مدة تتولى فيها فرق المحاسبة بشركةٍ ما غلْق دفاترها في نهاية مدة محاسبية (شهرية أو فصلية أو سنوية) بهدف التأكد من دقة الأرصدة المالية.

وتراجعت الاستثمارات في مشروعات طاقة الشمس والرياح في أستراليا بنسبة 64% في النصف الأول من عام 2025، مقارنةً بالمدة ذاتها من العام الماضي؛ ما يسلّط الضوء على مخاوف متنامية من أنّ تحوُّل الطاقة في أستراليا لا يجذب رؤوس أموال كافية تقريبًا.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

المصادر:
1.مشروعات الطاقة المتجددة في أستراليا والمجتمعات المحلية، من تقرير صادر عن مؤسسة " إف آر آر آر"
2.استثمارات طاقة الشمس والرياح في أستراليا، من "رينيو إيكونومي" نقلًا عن "بلومبرج إن إي إف"
3.مستهدف الطاقة المتجددة في أستراليا، من "ديلي ميل"