تحت ظلال حرب أهلية مستمرة بلا هوادة، يغرق السودان في كارثة إنسانية متصاعدة التعقيد والوحشية، حيث تحوّل الجوع إلى سلاح، وأصبح النزوح واقعًا مفروضًا على الملايين.
تقرير أمريكي لشبكة "بي بي إس نيوز آور" يصف ما يجري بأنه أكبر أزمة إنسانية في العالم حاليًا، في ظل صراع دام أكثر من عامين ونصف بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع.
نزوح ربع السكان وحصار خانق للفاشر
بدأ الصراع على السلطة، لكنه سرعان ما حصد أرواح عشرات الآلاف، وشرّد أكثر من 14 مليون شخص، أي ما يزيد على ربع سكان البلاد.
وتُجسد مدينة الفاشر في إقليم دارفور هذه المأساة، حيث تعيش منذ أكثر من عام تحت حصار كامل تفرضه قوات الدعم السريع، ما قطع طرق الإمداد وترك سكانها يواجهون مجاعة فعلية.
في مخيم زمزم، وهو الأكبر في السودان، بلغ اليأس حدّ إجبار النازحين على أكل علف الحيوانات للبقاء على قيد الحياة.
شهادات الأمهات تنقل صورة صادمة: "أطفالنا جياع ولا نملك سوى علف الحيوانات للطعام"، في ظل نقص حاد في الغذاء والماء.
اتهامات بالإبادة والتطهير العرقي
لم تعد الحرب محصورة في جبهات القتال، بل تحولت إلى مشهد دموي من الانتهاكات الجسيمة للقانون الدولي الإنساني.
اتهامات تطال طرفي النزاع، لكن تقارير حقوقية تشير إلى ارتكاب قوات الدعم السريع فظائع أوسع نطاقًا، تشمل الإبادة الجماعية والتطهير العرقي.
طالبة نازحة تبلغ 19 عامًا، تُدعى إنعام عبد الله محمد، روت مشاهد الرعب قائلة: "قتلوا الناس أمام أعيننا. أخذوا الفتيات واغتصبوهن".
هذه الشهادات توثق استخدام العنف الجنسي كسلاح حرب لإرهاب السكان وتهجيرهم قسرًا.
الوضع الإنساني يتدهور مع انهيار شبه كامل للبنية التحتية والخدمات الأساسية. وبحسب اللجنة الدولية للصليب الأحمر، فإن 80% من المرافق الصحية خرجت عن الخدمة، تاركة ملايين السودانيين بلا رعاية طبية، عرضةً للأمراض الفتاكة مثل الكوليرا والملاريا.
المتحدث باسم اللجنة، عدنان حزام، حذّر من تجاهل المجتمع الدولي للأزمة، مشيرًا إلى أن 25 مليون شخص يحتاجون إلى مساعدات عاجلة تشمل الغذاء والماء والمأوى والدواء.
