تعدّ صفقات الاندماج والاستحواذ إحدى أبرز الآليات الداعمة لاستثمارات النفط والغاز؛ إذ تتغلب على تحديات التكلفة، وتوفر التقنيات والخبرات اللازمة في الوقت ذاته.
وفي منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، تتجه الأنظار إلى الإمكانات الواعدة لأصول المنبع، حتى في ظل التراجع العالمي لأسعار النفط والتقلبات التي تشهدها السوق، وفق تفاصيل أوردها مقال تابعته منصة الطاقة المتخصصة (الصادرة من واشنطن).
وجذبت إمكانات بعض دول المنطقة استثمارات أجنبية، سواء من خلال الاستحواذ أو ترسية جولات التراخيص، في حين انطلقت دول عربية وأفريقية أخرى للاستثمار خارج الحدود.
وفي خضم ذلك، ما تزال استثمارات النفط والغاز تواجه قيودًا عالمية خاصة مع الاندفاع باتجاه تلبية الأهداف البيئية، والتزام الحكومات وصنّاع القرار بمستهدفات مناخية.
استثمارات النفط والغاز العالمية
تشكّل استثمارات النفط والغاز العالمية عنصرًا رئيسًا في سبيل الحصول على الموارد وتلبية الطلب، غير أن قيود السياسات البيئية عززت تراجعًا الآونة الماضية.
ويبدو أن الحاجة المُلحّة لتأمين الإمدادات دفعت بعضهم إلى إعادة النظر في تداعيات نقص الاستثمارات، ليظهر اتجاه مختلف تجاه الإنفاق على أصول النفط والغاز.
وتُشير التوقعات إلى ارتفاع الإنفاق على قطاع المنبع لضعف مستويات عام 2020 المقدّرة بنحو 300 مليار دولار، لتصل إلى 600 مليار دولار.

وسجلت الاستثمارات ارتفاعًا بقيمة 63 مليار دولار خلال عام 2023 مقارنة بالعام السابق له، ويتوقع محللون زيادة هذا المعدل بقيمة 26 مليار دولار إضافية العام الماضي، حسب بيانات المنتدى الدولي للطاقة.
وفيما يتعلق بالتوقعات المستقبلية، تطرقت تقديرات المنتدى لاحتياج أمن الإمدادات إلى زيادة استثمارات المنبع لنحو 738 مليار دولار بحلول عام 2030، بزيادة قدرها 135 مليار دولار.
وبذلك، يكون إجمالي الإنفاق 4.3 تريليون دولار، بدءًا من العام الجاري 2025 حتى نهاية العقد.
ويبدو أن هناك علاقة وثيقة بين الاستثمارات وصفقات الدمج والاستحواذ لأصول بقطاع المنبع، إذ زادت وتيرة الأخيرة لتُقدَّر الصفقات العالمية بما يصل إجماليه إلى 205 مليارات دولار العام الماضي، طبقًا لتقديرات ريستاد إنرجي.
صفقات الاندماج والاستحواذ
مع تحرُّر الشركات من مخاوف الضغوط البيئية والحكومة، زاد ضخ رأس المال في عمليات الدمج والاستحواذ بقطاع المنبع، بدلًا من الاستثمار في الموارد قصيرة الأجل.
وتُركز شركات النفط الدولية، وشركات الاستكشاف والإنتاج، على الدمج والاستحواذ "العابر للحدود" حاليًا، لتأمين الموارد اللازمة، رغم تقلبات أسعار النفط المتأثرة بقرار الرسوم الجمركية للرئيس الأميركي دونالد ترمب، والصراعات الجيوسياسية مثل الحرب الإسرائيلية الإيرانية.
وتعدّ منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في قلب الاهتمام العالمي بتعزيز استثمارات المنبع، عبر صفقات الدمج والاستحواذ في النفط والغاز.
ويستند هذا التفسير إلى "موارد الهيدروكربونات المؤكدة" التي يمكن للمنطقة تأمينها على المدى الطويل بشكل موثوق؛ ما يجذب المطورين والمشترين العالميين باختلاف أنواعهم (شركات نفط دولية، وشركات وطنية، وشركات استكشاف وإنتاج صغيرة).
وينطبق هذا على شركات النفط الوطنية في آسيا، المدفوعة بضرورة تلبية الطلب المحلي على الطاقة الآخذ بالارتفاع، وفق تفاصيل أوردها المدير الإداري لقسم النفط والغاز في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بشركة "هوليان لوكي" للخدمات المالية والاستثمارية، روزبه فازلينجاد، ضمن مقاله المنشور بموقع إربيان غولف بيزنس إنسايت (AGBI).
وتلقّت الصفقات بين الحكومات الآسيوية وبعض دول الشرق الأوسط دعمًا من العلاقات الإيجابية بين الطرفين، خاصة في: الإمارات، وقطر، وسلطنة عمان.

إستراتيجيات الشركات وفرص المنطقة
تتنوع إستراتيجيات الشركات تجاه صفقات الدمج والاستحواذ في النفط والغاز، إذ اتجهت بعض شركات النفط الوطنية في الشرق الأوسط إلى ضخ استثمارات خارج حدودها لتعويض الموارد الداخلية الضعيفة.
وقد تزداد وتيرة الاستحواذ على الأصول في الآونة المقبلة، خاصة في أميركا، تحت مظلة الآثار المترتبة على زيارة الرئيس دونالد ترمب للمنطقة قبل أشهر.
وركزت الشركات الإماراتية (الشهيرة بالموارد النفطية) على المشاركة في استثمارات الغاز العالمية، في حين تبحث الشركات القطرية (الوفيرة بإمدادات الغاز) عن استثمارات نفطية.
وأطلقت أدنوك الإماراتية ذراعًا استثمارية لها في السوق الدولية، العام الماضي، حملت اسم "إكس آر جي XRG".
وقدّمت الشركة الإماراتية عروض الاستحواذ على "سانتوس الأسترالية"، وحصة في مشروع غاز تابع لبتروناس الماليزية في تركمانستان.
ومقابل ذلك، ما تزال السعودية والكويت تتحفظان على فتح المجال أمام استقبال الاستثمارات الأجنبية في القطاع.
وقد تأخذ الصفقات بُعدًا آخر بجانب تأمين الموارد، إذ قد تأتي في سياق المنفعة المزدوجة أو لتطويد العلاقات الحكومية (شركات نفط دولية تستثمر في أصول الشرق الأوسط، والعكس).
وجذبت إمكانات وموارد بعض دول شمال أفريقيا العديد من الاستثمارات الأجنبية، منها:
- استفادة الجزائر من موقعها الإستراتيجي واحتياطياتها الوفيرة من النفط والغاز، لجذب مساحة أكبر في السوق الأوروبية، والتحول إلى مورد رئيس مع تقليص القارة العجوز اعتمادها على موارد الطاقة الروسية.
- جذب موارد مصر الأنظار بوتيرة مكثفة مؤخرًا، وبدت سوقًا مهمة لصفقات الدمج والاستحواذ في النفط والغاز.
- اهتمام الشركات الأجنبية بجولة التراخيص الليبية الأخيرة، والاستثمار في موارد الهيدروكربونات، رغم تداعيات النزاعات الأهلية.
موضوعات متعلقة..
اقرأ أيضًا..
المصادر: