الصين تتوسع في تصنيع الطاقة المتجددة بالخارج.. هل نفدت حيل الغرب لإيقافها؟

توسعت الصين في خطط تصنيع الطاقة المتجددة خارج حدودها خلال السنوات الأخيرة، لمواجهة محاولات الغرب للتحرر من هيمنتها المبكرة على السوق.

وبحسب تقرير حديث -اطّلعت عليه وحدة أبحاث الطاقة، ومقرّها واشنطن- فقد نجح مصنّعو الطاقة المتجددة الصينيون في توسيع حضورهم العالمي عبر إنشاء 35 منشأة تصنيع خارجية جديدة خلال عام 2024 وحده.

وبهذا التوسع ارتفع إجمالي منشآت تصنيع الطاقة المتجددة خارج الصين إلى 114 منشأة في قطاعات طاقة الرياح والطاقة الشمسية والبطاريات.

وتتركز هذه المنشآت أو المصانع بمواقع إستراتيجية مميزة في الشرق الأوسط وآسيا والمحيط الهادئ وأوروبا.

صادرات الصين من الطاقة المتجددة

ارتفعت أحجام صادرات الصين من الطاقة المتجددة بنسبة 20% على أساس سنوي خلال عام 2024، مع تحوّل الشركات بصورة متزايدة من نمط التصدير المباشر إلى التصنيع في الخارج، تجنبًا للقيود التجارية المفروضة على الواردات الصينية في الأسواق الغربية.

وبحسب التقرير الصادر عن شركة أبحاث الطاقة وود ماكنزي، ارتفعت صادرات الصين من توربينات الرياح بنسبة 72% خلال عام 2024، في حين ارتفعت أحجام صادرات وحدات الطاقة الشمسية والبطاريات بنسبة 11%، و28% على التوالي.

وكانت صادرات الصين من الوحدات الشمسية والبطاريات قد ارتفعت في عام 2023 بمعدلات نمو أكبر بلغت 48% و39% على التوالي، ما يشير إلى تباطؤ نموها خلال عام 2024.

وتهيمن الصين على قطاع تصنيع الطاقة المتجددة العالمي، حيث تنتج أكثر من 80% من توربينات الرياح والألواح الشمسية وبطاريات تخزين الكهرباء في العالم.

وتوفر هذه الهيمنة مزايا تكلفة كبيرة يصعب على المنافسين مواكبتها، حيث تعدّ المنتجات الصينية المصنّعة خارج الصين أرخص من نظيرتها الغربية المصنّعة محليًا.

وبحسب بيانات وود ماكنزي، فإن منتجات توربينات الرياح الصينية المصنّعة في الخارج ما زالت أرخص بنسبة 28% من نظيرتها الغربية المشهورة تاريخيًا بأنها معقل الصناعة.

كما ما تزال تكلفة الوحدات الشمسية والبطاريات الصينية المصنّعة في الخارج أقل بنسبة 4%، و31% على التوالي من نظيرتها الغربية.

وتشير هذه البيانات إلى أن مصنّعي الطاقة المتجددة الصينيين أصبحوا أكثر قدرة على التكيّف مع القيود التجارية والرسوم الجمركية المتصاعدة ضدّهم في أسواق أوروبا وأميركا.

استثمارات مبادرة الحزام والطريق

ما تزال استثمارات الصين ضمن مبادرة الحزام والطريق قوية؛ ما يشكّل ميزة إضافية للشركات الفاعلة في تصنيع الطاقة المتجددة.

وبلغ عدد مشروعات الطاقة التي استثمرت فيها الصين ضمن هذه المبادرة قرابة 369 مشروعًا خلال السنوات الـ10 الممتدة من 2015 إلى 2024.

وتتوقع وود ماكنزي أن تسيطر الصين على 80% من قدرة الطاقة الشمسية وطاقة الرياح في أهم أسواق مبادرة الحزام والطريق بحلول عام 2030، ما سيشكّل حصنًا إستراتيجيًا لبكين يتجاوز أثر القيود التجارية الغربية بصورة كبيرة.

ويعزز من هذه التوقعات أن شركات تصنيع الطاقة المتجددة الصينية صارت تُصنَّف ضمن أفضل الشركات من حيث الجودة، ما زاد من قدرتها على جذب المستثمرين لإقامة مشروعات مشتركة في عديد من الأسواق العالمية.

ورغم زيادة حجم صادرات الطاقة المتجددة الصينية خلال العام الماضي، فإن إيراداتها انخفضت بنسبة 13%، نتيجة لانخفاض الأسعار الناتج عن احتدام المنافسة.

فعلى سبيل المثال: انخفضت إيرادات تصدير وحدات الطاقة الشمسية بنسبة 29%، في حين انخفضت إيرادات صادرات البطاريات بنسبة 5%، ما يشير إلى أن هوامش أرباح الشركات الصينية تعرضت لهزّة بسبب القيود التجارية، رغم أنها ظلّت محافِظة على حصتها السوقية.

خطط تصنيع الطاقة المتجددة في الخارج

من المتوقع أن يتوسع المصنعون الصينيون في خطط تصنيع الطاقة المتجددة خارجيًا، بسبب سياسات المحتوي المحلي المتشددة، إذ يشترط الاتحاد الأوروبي -على سبيل المثال- زيادة حصة المكون المحلي في التصنيع إلى 40% بحلول عام 2030.

كما تشترط حوافز التصنيع الأميركية زيادة المكون المحلي في التصنيع وبناء المصانع على أراضيها، ما سيحفّز المصنّعين الصينيين على توسيع إستراتيجية التصنيع في الخارج لتجنُّب القيود التجارية الحالية والمحتملة.

ومن المرجّح أن يكون التوسع الأكبر للصين في الأسواق ذات الظروف السياسية المستقرة، خاصة في آسيا والشرق الأوسط وأميركا اللاتينية، بينما ستقلّ جاذبية التوسع في أوروبا بسبب حواجز الدخول الكبيرة وارتفاع تكاليف المشروعات.

وتقع السعودية وسلطنة عمان على رأس المناطق التي تستهدفها الاستثمارات الصينية في الطاقة المتجددة حتى عام 2030، خاصة في ظل الأهداف الوطنية الطموحة للبلدين لزيادة قدرة الطاقة المتجددة وتوسيع مشروعات الهيدروجين وغيرها.

وتشير إستراتيجية التصنيع في الخارج إلى أن الحواجز التجارية وقواعد المحتوي المحلي لن تُضعف نفوذ الصين، بل ستعيد تشكيله، وربما تؤدي في نهاية المطاف إلى تعزيز النفوذ الصيني من خلال شبكات تصنيع موزعة عالميًا، بحسب رئيس قسم الطاقة المتجددة في وود ماكنزي.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

المصدر:

خطط تصنيع الطاقة المتجددة خارج الصين، من وود ماكنزي