
المنصات الرقمية أنقذت الدراما من القالب التقليدي
"ما تراه، ليس كما يبدو".. فلسفة العمل لا مجرد عنوان
لا توجد منافسة بين حكايات العمل بل طاقة مشتركة
الدراما القصيرة تناسب إيقاع الجمهور السريع
كواليس "فلاش باك" كانت احترافية وداعمة
في أجواء درامية مشحونة بالتوتر والمشاعر الإنسانية، يخوض الفنان أحمد خالد صالح تجربة جديدة ومختلفة من خلال مسلسل "فلاش باك"، أحد حكايات عمل "ما تراه، ليس كما يبدو". شخصية مركبة، أحداث متشابكة، ورسائل فكرية عميقة، جعلت من التجربة بالنسبة له تحديا فنيا وإنسانيا في آن واحد.
وفي حوار مع "البوابة نيوز"، يكشف لنا أحمد خالد كواليس العمل، أسرار تحضيره لشخصية "زياد الكردي"، ورؤيته للدراما المعاصرة، وتأثير المنصات على صناعة المحتوى فكان الحوار الآتي:
* في البداية؛ ما الذي جذبك للمشاركة في "فلاش باك"؟
** منذ قراءتي الأولى للسيناريو شعرت بأنني أمام مشروع مختلف. النص مكتوب بحس إنساني عالٍ جدًا، ويحتوي على تفاصيل نفسية غير مألوفة في الدراما. وبيني وبينك، القصة جذبتني كمشاهد قبل أن تهمني كممثل. كنت متحمسًا لمعرفة نهايتها، وهذا دليل على نجاح الكاتب في شد انتباهنا منذ اللحظة الأولى.
* وماذا عن شخصية "زياد الكردي" التي تقدمها؟
** زياد شخصية معقدة للغاية، فهو مصوّر جنائي يعمل في بيئة مظلمة مليئة بالجثث والأسرار، لكنه في داخله إنسان بسيط يثق في الآخرين. يتعرض لصدمة نفسية مفاجئة تغيّر كل مفاهيمه وتدفعه لإعادة التفكير في كل ما حوله.
هذه الشخصية أخذتني إلى مناطق تمثيلية جديدة، واحتاجت مني صدقًا داخليًا وتفاصيل دقيقة في الانفعالات وردود الأفعال. كانت تجربة مرهقة نفسيًا لكنها مهمة جدًا بالنسبة لي.
* وكيف استعددت لتجسيد هذه الشخصية؟
** حضّرت نفسي بطريقة مختلفة؛ ركزت على لغة الجسد، ونظرة العين، واللحظات التي يكون فيها الصمت أبلغ من الكلام. جلست مع المخرج جمال خزيم كثيرًا لضبط الإيقاع الداخلي للشخصية، لأنها ليست كثيرة الكلام، لكن كل شيء ينعكس في عينيها. حاولت العيش في تفاصيله حتى شعرت أنه يخرج مني لا من النص.
* وكيف كانت كواليس العمل مع فريق "فلاش باك"؟
** الأجواء كانت احترافية ومريحة. الفنانة مريم الجندي شريكة موهوبة، وسعيد جدًا بالعمل معها. المخرج جمال خزيم يهتم بأدق التفاصيل، ويمنحنا الحرية للتجربة والإضافة. أما فريق الإنتاج بقيادة كريم أبو ذكري فكان داعمًا جدًا، وهذا أمر معتاد منه، فهو ليس منتجًا فقط، بل صانع محتوى يعشق الفن ويؤمن به.
* التعاون مع كريم أبو ذكري جاء بعد صداقة طويلة بينكما.. ما تعليقك؟
** كريم صديق قديم، وكنا نخطط للعمل سويًا منذ سنوات، لكن كل شيء يأتي في وقته المناسب. كنت أنتظر مشروعًا مميزًا بالفعل، وعندما عرض عليّ "فلاش باك" شعرت أن الوقت قد حان. كريم يمتلك ذوقًا فنيًا رفيعًا، ويعرف متى يقول: "هذه الحكاية تستحق".
* المسلسل يحمل عنوان "ما تراه، ليس كما يبدو".. فهل ترى أنه معبّر عن محتواه؟
** هي عبارة قوية للغاية، ليست مجرد عنوان، بل فلسفة العمل بالكامل. جميع القصص تناقش فكرة أن الظاهر ليس دائمًا الحقيقة. وهذا يتقاطع مع حياتنا اليومية، إذ نحكم على الآخرين والأحداث سريعًا دون معرفة خلفياتهم. المسلسل يضع أمامك مرآة تجعلك تعيد التفكير قبل إصدار أي حكم.
* من خلال تجربتك.. هل تفضل الدراما القصيرة؟
** أنا مع القصة، سواء كانت خمس حلقات أو ثلاثين، لكن الواقع يقول إن أغلب الجمهور الآن يفضّل الإيقاع السريع، وهو ما يناسب الدراما القصيرة. "فلاش باك" مثلًا لا يمكن أن يمتد لثلاثين حلقة، وإلا فقد قوته. كل حلقة تحمل معلومة جديدة، وتوترًا متصاعدًا، ومفاجآت، وهذا النوع أحبه كثيرًا كممثل.
* هل ترى أن المنصات الدرامية أثرت على اختيارات الفنانين؟
بالتأكيد، فقد فتحت آفاقًا جديدة ليس للممثلين فحسب، بل للمخرجين والكتّاب أيضًا. أصبحنا نرى موضوعات جريئة، وشخصيات غير تقليدية، وإيقاعًا أسرع. أعتقد أن وجود منصات مثل "واتش إت" و"شاهد" ساعد الدراما المصرية على الخروج من القالب التقليدي لتصبح منافسة على مستوى عربي كبير.
* هل لديك هاجس المنافسة مع الحكايات الأخرى في نفس العمل؟
** على العكس تمامًا، نحن كجزء من مجموعة قصص في "ما تراه، ليس كما يبدو" ندعم بعضنا. لا يوجد غيرة أو منافسة، بل طاقة مشتركة هدفها تقديم أفضل ما لدينا. لكل حكاية روحها وطابعها، والمهم أن تصل لجمهورها وتترك أثرًا.
* وأخيرًا.. ما رسالتك للجمهور مع بدء عرض "فلاش باك"؟
** أدعوهم لمشاهدة حكاية مختلفة، وجوانب نفسية ربما لم يروها من قبل. "فلاش باك" تجربة إنسانية أكثر منها درامية، وقريبة من كل شخص لديه ماضٍ يطارده أو مشاعر لم يفهمها بعد. وأتمنى أن يلمس زياد قلوبهم كما لمس قلبي أثناء تقديمه.