أثارت خطة رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لاحتلال مدينة غزة والسيطرة الكاملة عليها معارضة علنية نادرة من أعلى مستويات جيش الاحتلال الإسرائيلي، حتى مع موافقة مجلسه الأمني المصغر على هذه الخطوة.
ووفقا لمسئولين أمنيين إسرائيليين كبار، حذر الفريق إيال زامير، رئيس أركان جيش الاحتلال، من توسيع العمليات في غزة، مشيرًا إلى إرهاق جنود الاحتياط وتراجع جاهزيتهم بعد ما يقرب من عامين من القتال المتواصل، ويقول العديد من كبار القادة إنهم يفضلون السعي إلى وقف إطلاق نار جديد بدلًا من إعادة إشعال القتال على نطاق واسع. وصرح غادي شامني، اللواء المتقاعد الذي قاد القوات الإسرائيلية في غزة قبل انسحاب عام ٢٠٠٥، لصحيفة نيويورك تايمز بأن توسيع نطاق الحرب لن يحرر الرهائن المتبقين ولن يهزم حركة حماس هزيمة ساحقة.
وقال شامني: "هذا لن يُعيد الرهائن ولن يُؤدي إلى هزيمة حماس أو دفعها إلى التخلي عن سلاحها، بل سيُخلّف المزيد من العائلات الثكلى، ويضرّ بمكانة إسرائيل العالمية، ويُقوّض الاقتصاد، ويُعمّق أزمة الثقة بين الحكومة والجيش".
وجادل شامني بأنّ احتلالًا عسكريًا طويل الأمد لغزة سيستغرق سنوات لتنفيذه، وموارد هائلة لا تملكها إسرائيل حاليًا، ومن غير المُرجّح أن يُفكّك نفوذ حماس بالكامل.
وصرّح نتنياهو لقناة فوكس نيوز يوم الخميس بأنّ إسرائيل تنوي السيطرة على كامل قطاع غزة "لضمان أمننا"، وإبعاد حماس عن السلطة، وفي نهاية المطاف نقل الإدارة المدنية إلى كيان آخر، على حد قوله. ومع ذلك، لم يُعلن بيانٌ صادرٌ عن مكتبه يوم الجمعة عن الالتزام باستعادة القطاع بأكمله، مُركّزًا بدلًا من ذلك على الاستعداد للسيطرة على مدينة غزة - تاركًا الهدف النهائي للحكومة غامضًا.
ويعتقد بعض المحللين أن التهديد بهجوم جديد قد يكون تكتيكًا تفاوضيًا يهدف إلى انتزاع تنازلات من حماس في محادثات وقف إطلاق النار المتعثرة.
ومنذ أكتوبر، عندما أسفر هجوم حماس على جنوب إسرائيل عن مقتل حوالي ١٢٠٠ شخص واحتجاز ما يقرب من ٢٥٠ أسيرا، نفذت قوات الاحتلال الإسرائيلية عدة غارات في مدينة غزة. في كل مرة، وأعادت حماس تنظيم صفوفها بعد انسحاب القوات، وتقدر سلطات الاحتلال الإسرائيلية أن ما يصل إلى ٢٠ أسيرا على قيد الحياة ورفات ٣٠ آخرين لا يزالون في غزة.
وحذّر شامني من أن أي هجوم جديد قد يعرض هؤلاء الأسرى للخطر بشكل مباشر: "الآن أصبح من الواضح تمامًا أن الضغط العسكري لا يعيد الرهائن فحسب، بل سيقتلهم أيضًا".
وأثارت خطة نتنياهو أيضًا انتقادات من حلفاء رئيسيين. ووصف رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر قرار التصعيد بأنه "خاطئ" وحث إسرائيل على إعادة النظر فيه. أعلنت ألمانيا أنها ستوقف تصدير المعدات العسكرية التي يمكن استخدامها في غزة حتى إشعار آخر. وحتى مع موافقة حكومة الاحتلال قد تستغرق الاستعدادات العسكرية للسيطرة على مدينة غزة أيامًا، وتشمل استدعاء قوات الاحتياط، وإعادة الانتشار، وإجلاء عشرات الآلاف من الفلسطينيين من الملاجئ والشقق المكتظة.
وبالنسبة للقيادة العسكرية الإسرائيلية، يبقى الشاغل الأساسي هو الموازنة بين الأهداف العملياتية والتداعيات الإنسانية والسياسية، واحتمال أن يؤدي التصعيد إلى إطالة أمد أحد أطول الصراعات وأكثرها استقطابًا في البلاد، بدلًا من حلّها.
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق