أخبار عاجلة

محطات في حياة المرأة المصرية ونضالها

محطات في حياة المرأة المصرية ونضالها
محطات في حياة المرأة المصرية ونضالها
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

إذا حاولت الحديث أن أي حركة وطنية نسائية في أي دولة من الدولة العربية ستجد إسهامات الاتحاد الوطني النسائي المصري هو المتصدر للمشهد.. فالبداية والريادة كانت دائمًا لمصر، فلا يمكن إغفال الدور الذي قامت به المرأة المصرية ونضالها من أجل قضية تحرير الوطن وبالتالي تحرير المرأة، فكانت المرأة المصرية ترى ولا تزال أن الحرية الوطنية لا تنفصل عن حرية المرأة فبتحرير الوطن تتحرر المرأة.

941.jpg

لهذا لن تستغرب كثيرًا حينما تجد كتابًا توثيقيًّا عن نضال المرأة في الأردن يتصدره وثيقة من وثائق الاتحاد النسائي المصري برئاسة هدي شعراوي، يتضمن هذا الخطاب دعوة لرئيسة الاتحاد الأردني لحضور اجتماع الاتحاد النسائي العربي ويحمل توقيع هدى شعراوي بخطها الرقيق، ولهذا سجلت المرأة المصرية عبر العصور الكثير من الإنجازات المتفردة وهنا نجوب في رحلة لأهم المحطات في حياتهن لنأخذ منها ضوءًا نعبر به في المسيرات القادمة.

هدى شعراوي "أول الغيث قطرة"

الاتحاد النسائي المصري أسهم في دعم الحركة النسائية في العديد من الدول العربية 

تقول هدى شعراوي في مذكراتها:«يقولون في الأمثال السائرة (أول الغيث قطرة ثم ينهمر المطر) غير أن الغيث المصري إذ بدأ، انهمر انهمارًا، والمصري أزلي في مدنيته، فإذا صادفه جو طيب جنح إلى أصله وتخطى دور الطفولة في نهضته».. كانت تلك الكلمات التي ألقتها "شعراوي" في الاحتفال بأولى الخريجات في شهر فبراير ١٩٣٢، والتي قامت في وقتها بدعوة عدد كبير من أعلام مصر وعظمائها لحضور حفلة احتفال الجمعية بأولى خريجات الجامعة وأول طيارة مصرية، وقد لبى الدعوة عدد كبير في مقدمتهم الأمير محمد باشا، والدكتور بهي الدين بركات باشا، وأحمد شفيق باشا، ومحمد علي علوبة باشا.

وقد قام محمد علي علوبة باشا بتقديم الآنسة نعيمة الأيوبي، وقام الدكتور طه حسين بتقديم خريجات كلية الآداب، وكان من بينهم الدكتورة سهير القلماوي  وقام الدكتور سامي كمال — وهو أحد الأطباء الذين تطوعوا لخدمة الإنسانية في مستوصف الاتحاد منذ إنشائه — بتقديم الدكتورة كوكب ناصف خريجة لندرة من بعثة مستشفى كتشنر.

دعم حركة النضال العربي 

لم تكن الحركة النسائية العربية والتي قادتها هدى شعراوي تقتصر فقط على الاحتفاء بالمرأة في كل محفل وإنما ايضًا نشأت الحركة النسائية العربية في إطار اجتماعي وسياسي مغاير عن الحركة النضالية للمرأة الغربية، فقد تميزت بطابعها الخاص وخصوصية ثقافية من حيث هموم ومشكلات النساء في الدول النامية، مغاير للمشكلات التي تتعرض لها المراة في الغرب، ولهذا تميزت الحركة النسائية العربية بطبيعة خاصة، ففي الوقت التي بدأت فيه النساء في أوروبا وأمريكا السعي من أجل نيل حقوقهن في بدايات القرن التاسع عشر، كانت المنطقة العربية تعيش تحت أوضاع متردية، باعتبارها ولايات تابعة للإمبراطورية العثمانية والتي عملت على تأسيس وظهور ما يسمي بـ"حركة النهضة العربية" وذلك في فترة سقوط الدولة العثمانية، وهنا بدأت الحركة النسائية كواحدة من القضايا المعبرة عن مشكلة اجتماعية وأن لا نهضة دون تحرر المرأة، وبالتزامن من دخول الاستعمار باتت قضية الوطن هي قضية المرأة وأن المرأة لن تتحرر إلا بتحرر الأوطان، ولهذا لم تكن حركة النضال النسائي بعيدًا عن حركة التحرر الوطني، وحق النساء في التعليم والتحرر، وهو ما نادي به رفاعة رافع الطهطاوي في كتابه "المرشد الأمين في تعليم البنات والبنين" والذي نشر في عام 1869. 

مؤتمر برلين

ولعل أبرز المحطات التي يجب أن نتوقف عندها هو مؤتمر برلين 1929، والتي شهد حضورًا لافتًا للاتحاد النسائي المصري برئاسة هدى شعراوي وسيزا نبراوي والتي خرجت بعده البارونة "كاردورف" بعد أن تقابلت مع الوفد النسائي المصري لتقول في خطبتها عنهم «وبلغ من شدة إعجابي بنشاطهن وحماستهن أنني قلت في نفسي لو لم أكن ألمانية لأحببت أن أكون مصرية» تعبر عن امتنانها للجهود التي تبذها المرأة المصرية في قضايا التحرر والنضال من أجل تحقيق حقوق المرأة، وهو الدرس التي خرجت منه عن سيدات مصر.

وقالت هدى شعراوي في مذكرتها عن هذا المؤتمر: "وكان الغرض من عقد مؤتمر برلين السعي لتحرير نساء جميع الأمم بتوسيع نطاق حق تصويت المرأة وإصلاح أمور أخرى لا بد منها لإيجاد مساواة حقيقية في الحريات والحالات بين الرجال والنساء، وتعليم النساء ليتمكن من زيادة تنورهن في الحياة العامة، وكان الاتحاد النسائي الدولي قد ازدهر في هذه الفترة، فبعد أن كان يضم في البداية عددًا قليلًا من الدول، كبر شأنه واتسع نطاقه وصارت له فروع في ٤٥ قطرًا من أقطار العالم"، وكانت اللجنة العاملة للمؤتمر تضم اثنتي عشرة سيدة من اثني عشر قطرًا من أوروبا وأمريكا ومصر، فلم يكن بين هذه الأقطار أي قطر شرقي آخر غير مصر.

وقد عقد المؤتمر في 17 يونيو 1929، وبلغ عدد أعضائه 500 عضو، وكان هناك من بين الدول المشتركة فيه 25 دولة قد منحت النساء حق الانتخاب.

فى مواجهة الاحتلال

سيزا نبراوي أول فتاة تخلع الحجاب وتؤسس 15 جمعية نسائية فى مصر

اقترن اسم «سيزا نبراوى» بكلمة أول، فقد كانت أول فتاة تخرج فى مظاهرات 1919، بل كانت من أشجعهن، وكانت أول فتاة تخلع الحجاب أمام سلطات الاحتلال خلال المظاهرات، والتي شهدت أول خروج للنساء للمشاركة فى الثورة، كما كانت من أول شاركن فى تنظيم نسائي مصري يدافع عن حقوق المرأة وحريتها، وذلك فى عام 1923 حينما تم تأسيس الاتحاد النسائي المصري، وهى أول منظمة نسائية تدافع حقوق النساء وفى نفس العام شاركت نبراوي في المؤتمر الأول «للحلف النسائي الدولي» بروما.

كما أنها استكملت هذا الكفاح بعد رحيل هدى شعراوي فى عام 1948، وقد أوشك الاتحاد النسائي على الانهيار والجمود لولا أنها أكلمت مسيرتها لتغير ذلك الجمود إلى حيوية ونشاط واستكمل الاتحاد النسائي مسيرته فى النضال من أجل حقوق المرأة والمساواة والاستقلال الوطني.

فقد شاركت فى 14 مؤتمرًا نسائيًا دوليًا فى أنحاء العالم العربى، وأسست 15 جمعية نسائية فى مصر وحدها، وكانت رئيسة الاتحاد النسائي المصري، وأسست مجلتين نسائيتين هى مجلة المصري والتي تميزت بالطابع الاجتماعي والسياسي وكان هدفها الدفاع عن حقوق المرأة، ومجلة «ليجسبيان» والتي كانت تصدر بالفرنسية، والتي استمرت فى الإصدار قرابة الـ15 عامًا من 1925 وحتى 1940، وكانت المجلة تتمتع بانتشار واسع فى العالم وقد لقبت بـ«أحسن مجلة نسائية فى العالم»، ونقلت أفكار تحرير المرأة من مصر إلى باقى دول العالم.

وتقول سيزا نبراوى عن مجلة  L'Egyptienne "لقد كان هدف المجلة هو تعريف الغربيين بمصر والشرق وتحبيبها إلى نفوسهم، بالقضاء على أسباب سوء التفاهم وعلى الآراء السابقة التي تقف حجر عثر فى سبيل التفاهم. ومن ناحية أخرى، أن يعرف المصريون بأصدقائهم الأجانب وبجميع صفوف الذين يعطفون على قضيتنا لتحقيق تعاون أوثق فى سبيل العدالة والسلام".. ولكى تؤكد فى المجلة على الاتحاد بين الشرق والغرب، فقد اشتركت فى تحريرها «جان ماركيس» وهى كاتبة فرنسية، فكان هذا التعاون منذ ذلك التاريخ خرجت المرأة المصرية من الظلام لتتجه نحو مستقبل زاخر بالآمال.

المشرع والمرأة 

لم تترك "سيزا" الأمر عند حقوق المرأة فقط، وإنما أحقيتها في التعليم ولهذا وضعت بعض البنود الخاصة التي يجب أن يراعيها المُشرع خلال سن قوانين تخص المرأة وذلك على النحو الآتى: أولًا، تحديد حق تعدد الزوجات فى بعض الأحوال التي لم يتحقق بها إحدى أغراض الزواج الأساسية، كحالتي العقم والمرض، ثانيًّا، تخويل القاضي دون سواه حق الطلاق بين الزوجين، ثالثًّا، إطالة مدة وصابة الأم المتعلمة، فإنها تكون دائمًا أقدر من الرجل على تربية أولادها، كما اقترحت بإنشاء مدارس متنقلة فى الأرياف، تعرض على العامة أشرطة سينمائية تهذيبية وتعليمية، يستعان بها على تلقين الفلاحات مبادئ أولية فى العناية بالصحة، وفى الآداب، وعلى إعطائهن دروسًا عملية فى التعليم الزراعي والتدبير المنزلي، يستطعن تطبيقها فى حياتهن وأعمالهن. 

المرأة والحياة السياسية

كانت كلمات «نبراوي» قوية وواضحة فيما يتعلق بدور المرأة فى الحياة السياسية ولما لا فكان لها دور كبير فى الحراك الوطني، وتقول سيزا نبراوى "لبت المرأة المصرية نداء العاطفة الوطنية، واشتركت اشتراكًا فعالًا في الحركة الوطنية، وساهمت فيها بنصيب وافر، قابلته الأحزاب جميعًا بالثناء والترحيب، وكان من الطبيعي أن تحتفظ من هذا الاشتراك بنزعة سياسية، إذ إن المرأة تكون نصف الأمة، ويعنيها أن تهتم اهتمامًا وثيقًا بكل ما يتعلق برقى البلاد ومستقبلها، على أننا لا نريد أن نحذو فى هذه الناحية حذو النساء فى بعض البلاد الغربية، ولا يظهر تأثير المرأة فى الحركة السياسية إلا عن طريق خفى غير مباشر، إذ أن المرأة سوف لا تقدر واجباتها الوطنية حق قدرها إلا أذا أُلقيت عليها المسئولية أيضًا، وأنه يجب أن تشترك المرأة مع الرجل فى حق الانتخاب، ومن الظلم أيضًا ألا تشترك المرأة المتعلمة، أو الغنية، فى سن القوانين التي تخضع لها، وألا يكون لها حق المراقبة على أموال الدولة، التى تساهم فى دفعها، بينما الجهلة والفقراء من الرجال، تتمتع بهذه الحقوق".

 

الرسائل الزينبية

زينب فواز أول شخصية نسائية تنادي بحق المرأة في التعليم

ولا عجب أن نرى في صفحات التاريخ ما يخبرنا عن أول شخصية نسائية تنادي بحق المرأة في التعليم من خلال رسائلها والتي سميت بـ"الرسائل الزنيبية" هي زينب فواز وهي أول امرأة تبدأ في الدفاع عن حقوق النساء والتي بدأت بنشر رسائل في الصحف المصرية منذ عام 1892 تنادي فيها وتطالب بحقوق المرأة وبذلك تكون قد سبقت قاسم أمين في كتابه "تحرير النساء". 

تقول زينب فواز في إحدى رسائلها بعنوان: «ليست السعادة بكثرة المال»، ونشرت في صحيفة لسان الحال في العدد ١٤٠٢: "مضى زمان والمرأة منا — نحن الشرقيات — مغلق أمامها باب السعادة، لا تعرف نفسها إلا آلة بيد الرجل يُسيِّرها أنَّى سار، ويديرها كيف شاء، ويشدد عليها النكير بأغلاظ الحجاب، وسد أبواب التعليم، وعدم الخروج من المنزل، وبحرمانها من حضور المحافل النسائية العامة، إلى حد أنه كان يخيل لها أن تلك الأفعال من الموبقات، لو اتبعتها لخلت بنظام شرفها وناموس صيانتها، وحجة الأزواج في ذلك أنها لو علمت المرأة كنه الهيئة الاجتماعية وأحوال طبقات الناس، فإنها تصير على زعمهم غير راضية بعيشها كارهة لحكم زوجها الجائر؛ فيوجهها العلم والتعلم إلى أن تشق عصا الطاعة، وتخرج من ربقة العبودية إلى ميدان الحرية، هذا إذا كانت المرأة فقيرة والرجل غنيًّا."

فكانت تركز زينب فواز في مقالتها وحديثها عن قضايا النساء على دورهن في التقدم البشري، فهن  أساس العمران، والمدرسة الأولى لكل من دب على وجه الأرض من جنس الرجال، فبهن يتقدم وبهن يتأخر، لتسوغ دعوتها إلى مساواتهن فهي لا تسعى إلى تفضيل جنس على أخر، بقدر ما كانت تسعى إلى مشاركة الجنسين في الحياة، كما أنها لم تنكر اختلاف النساء عن الرجال، لكنها تعيد هذا الاختلاف إلى استعباد الرجال للنساء، وتسلطهم على حقوقهن، وذلك من خلال حرمانهن من التعليم، كما أيدت حقوق النساء السياسية، وذلك من خلال التأكيد على التساوي في القدرات العقلية للمرأة بل وتفوقها في بعض الأحيان عليه في التحصيل العلمي، كما كشفت من خلال رسائلها عن دور المجتمع في أوضاع النساء، فقد كانت زينب فواز سابقة للجميع في تفجير قضايا المرأة ومطالبتها بالمساواة مع الرجل، ورفع الظلم عنها، وأحقيتها في الخروج للمجتمع والتعليم.

 وزينب فواز أديبة، وكاتبة، وشاعرة. لقبت ﺑ«درة الشرق»، لها مقالات في الأدب والإصلاح الاجتماعي ذات مكانة ثقافية رفيعة، جعلتها في طليعة رائدات التيار النسوي العربي كعائشة التيمورية ومي زيادة.

ولدت زينب بنت علي بن حسين بن عبيد الله بن حسن بن إبراهيم بن محمد بن يوسف فوَّاز عام١٨٦٠م على الأرجح، في بلدة «تبنين» بصيدا جنوب لبنان. كان والدها فقيرًا؛ فخدمت السيدة «فاطمة بنت أسعد الخليل» زوجة حاكم البلدة «علي بك الأسعد»، وقد كانت صاحبة فضل عليها؛ فعلَّمتْها القراءة والكتابة. وتزوَّجت زينب مرتين؛ الأولى من ««أديب نظمي الدمشقي» أحد رجال الحاشية، غير أن الزيجة لم تستمر طويلًا. ثم رحلت إلى الإسكندرية حيث درست الصرف والبيان والعروض على يد «حسن حسني الطويراني» صاحب جريدة «النيل»، كما درست على يد الشيخ «محيي الدين النبهاني» النحو والإنشاء، ثم ارتحلت إلى القاهرة. أما زواجها الثانى فتم بعدما حازت الشهرة، حيث أُعجب بها «أديب نظمي»، وبعد عدة مراسلات سافرت إلى دمشق وتزوَّجته، وقد دام الزواج ثلاث سنوات فقط، عادت بعدها إلى مصر.

ذاعت شهرتها فكتبت في عدة جرائد، منها: «النيل»، و«لسان الحال»، و«المؤيد»، و«اللواء»، و«الأهالي»، و«الاتحاد المصري»، وفي مجلتَي «الفتاة»، و«أنيس الجليس». وتعدَّدت أعمالها، منها:الروائية ﮐ«حسن العواقب أو غادة الزاهرة» و«كورش ملك فارس»، والمسرحية ﮐ«الهوى والوفاء»، والسيرة ﮐ«الدر المنثور في طبقات ربات الخدور»، ومجموعة مقالات بعنوان «الرسائل الزينبية»، وعدة قصائد. وكان لها دور بارز فى الحركة النسائية؛ فكانت أسرع المُطالِبات بحقوق النساء، ورفْع مستواهن قبل دعوة «قاسم أمين»، وقد تشبثت بالمطالبة بحقوق المرأة، ورفْع مكانتها الاجتماعية، فطالبت بمنح المرأة كل ما يتعاطاه الرجل من الأعمال الاقتصادية والسياسية والإدارية، فأكدت أنه ما من أمةٍ انبعثت فيها أشعة التمدُّن في أى زمان، إلا وكان للنساء فيه اليد الطولى، والفضل الأعظم.

939.jpg
937.jpg
سبزا نبراوى وهدى شعراوى
165.jpg
زينب فواز
166.jpg

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

السابق رئيس اللجنة العامة بالمنوفية: "انتظام العملية الانتخابية.. وإقبال كثيف من المواطنين"
التالى نقابة الصحفيين المصريين تجدد إدانتها للجرائم الوحشية للعدوان الصهيوني في غزة