وجّه ديفيد فرينش، وهو من التيار المسيحى الصهيونى ومحارب قديم فى حرب العراق، رسالةً إلى إسرائيل وأنصارها حول العالم: لقد حان الوقت لأصدقاء إسرائيل للتدخل. وبينما يُؤكّد إيمانه الراسخ بحق إسرائيل فى الوجود والدفاع عن نفسها ضدّ التهديدات الإرهابية مثل حماس وحزب الله وإيران، يُحذّر فرينش من أنّ الحكومة الإسرائيلية "تجاوزت حدودها"، مُسبّبةً كارثةً إنسانيةً فى غزة لا تُهدّد المدنيين الفلسطينيين فحسب، بل تُهدّد أمن إسرائيل ومكانتها الأخلاقية على المدى الطويل.
فظاعة أخلاقية
تستند حجة فرينش إلى الخبرة والحقائق. فبعد أن عمل قاضيًا فى العراق، ودافع لاحقًا عن إسرائيل ضدّ اتهامات جرائم الحرب، يُقرّ فرينش بحتمية سقوط ضحايا مدنيين فى الصراعات. لكنه يكتب أن مستوى المعاناة فى غزة "يتجاوز بكثير حدود الضرورة العسكرية". فقد مات آلاف الأطفال، وتلوح المجاعة الآن فى الأفق، وهى نتيجة يصفها بـ"فظاعة أخلاقية" وكارثة استراتيجية لإسرائيل.
ولفت إلى الانخفاض الحاد فى المساعدات الإنسانية الداخلة إلى غزة، خاصة بعد الحصار الإسرائيلى فى مارس. فقد انخفضت كمية المساعدات، التى كانت تتجاوز ٢٠٠ ألف طن شهريًا، إلى الصفر تقريبًا، وحتى بعد تخفيف القيود، لا يزال التدفق ضئيلًا جدًا عما هو مطلوب.
ويقول فرينش إن أسلوب التوزيع هذا يفرض أعباءً قاسية على أضعف سكان غزة، مما يضطرهم إلى عبور خطوط عسكرية خطيرة والمخاطرة بالتعرض للعنف من أجل الغذاء.
ويشير إلى أن "مئات الفلسطينيين الذين كانوا يبحثون عن الطعام قُتل كثير منهم على يد جنود إسرائيليين"، مشيرًا إلى الأعداد والتوقيت كدليل على مأساة كان من الممكن تجنبها.

القوة والمسؤولية
مع إضعاف حماس، وتفكك حكومة غزة، وتفشى الفوضى، يجادل فرينش بأن إسرائيل "تهيمن" الآن على القطاع، وهى وحدها من يملك وسائل إيصال المساعدات. ومع ذلك، يقول إن قرار إسرائيل بقطع المساعدات عن الأمم المتحدة دون إيجاد بديل عملي، جعل سكان غزة معتمدين عليها تمامًا ويائسين بشكل متزايد.
واستنادًا إلى تجربته فى العراق، يوضح فرينش أن الجماعات الإرهابية، مثل حماس، تتعمد إثارة معاناة المدنيين، أملًا فى تأجيج الغضب الدولى ضد خصومها. لكنه يحذر: "لماذا تمنح إسرائيل حماس ما تريده؟" ويصر على أنه فى حين يجب إدانة جرائم حرب حماس، فإنها "لا تعفى إسرائيل من التزاماتها الأخلاقية والقانونية".
وحذر فرينش من أن إسرائيل تواجه "قوة على المدى القصير وهشاشة على المدى الطويل". لقد أضعفت الانتصارات على حماس وإيران أعداءها أكثر من أى وقت مضى، لكن الرأى العام فى الغرب آخذ فى الانخفاض. تُظهر استطلاعات الرأى الأخيرة انخفاضًا تاريخيًا فى دعم إسرائيل، سواء فى أوروبا أو الولايات المتحدة. ويؤكد أن بقاء إسرائيل يعتمد على الصداقة الدولية، التى أصبحت الآن فى خطر.

خطر العزلة
ينفى فرينش فكرة أن انتقاد إسرائيل يشير إلى دعم حماس. فى الواقع، يشير إلى أن جامعة الدول العربية والاتحاد الأوروبى طالبا حماس بنزع سلاحها واستسلامها. حتى الرئيس ترامب، الحليف الوثيق، حث إسرائيل على "التصرف بطريقة مختلفة" بعد اعترافه بوجود "مجاعة حقيقية" فى غزة.
ومع ذلك، يُحذّر فرينش من أنه إذا سمحت إسرائيل لتحالفها مع أمريكا بأن يصبح قضية حزبية - بالاعتماد فقط على دعم الجمهوريين مع تنفير الديمقراطيين - فإنها تُخاطر بصدع ذى عواقب وخيمة. ويُذكّر القراء بتاريخ الدعم الأمريكى لإسرائيل، من حزمة المساعدات العسكرية القياسية التى قدمها باراك أوباما إلى نشر جو بايدن للقوات الأمريكية للدفاع عن إسرائيل من إيران.
حلفاء إسرائيل
وانتقد أصدقاء إسرائيل لالتزام الصمت فى مواجهة إخفاقات السياسة. "إن أحد أكثر الجوانب المُحبطة فى خطابنا السياسى هو توقع أنه بمجرد تحديد موقفك من جانب ما، فإنك تُخون جانبك بطريقة ما إذا تكلمت عندما تسوء الأمور بشكل فادح". ومع ذلك، يُصرّ على أن "أصدقاء إسرائيل يجب أن يتحدثوا بصوت واحد: أنهوا المجاعة فى غزة. تخلّوا عن أى حديث عن الضم. احموا السكان المدنيين".
رسالته واضحة: هزيمة حماس لا تتطلب تجويع طفل واحد. ويرى الفرنسيون أن الصداقة الحقيقية تعنى المطالبة بأن تحترم إسرائيل أمنها والتزاماتها الأخلاقية.