استيقظ سكان منطقة الطالبية بالجيزة، صباح أحد الأيام على صراخ مفزع قادم من إحدى الشقق المتواضعة في عقار سكني هادئ، ليتحول الهدوء الذي اعتادوا عليه إلى حالة من الذهول والرعب، بعدما كشفت الصرخات عن جريمة قتل مروعة، نفذها زوج في حق شريكة عمره، فلم يتخيل أحد أن الرجل الذي كان يمر صباح كل يوم بعربة الفاكهة أمام أعين الجيران، يخفي وراء هدوئه نارًا من الشك دمرت حياة أسرة بأكملها.
جريمة فكهاني
بائع فاكهة خمسيني، يبدو متزنًا في هيئته وتصرفاته، عرفه الجميع ببساطته ومظهره الوقور، لكنه كان يعيش صراعًا داخليًا مع الشك تجاه زوجته، حتي تراكمت الخلافات بينهما على مدى السنوات، إلا أن وتيرتها ارتفعت مؤخرًا بشكل غير معتاد.
صباح يوم الجريمة، وقعت مشادة عنيفة داخل الشقة، تصاعدت فيها الأصوات وتبادلت فيها الاتهامات، قبل أن تنتهي بسكون مرعب، لم يكن سوى بداية لدماء تُراق بلا رحمة.
فجأة، خرج الزوج من وسط الجدال غاضبًا، وتوجه إلى المطبخ، وهناك أمسك بسكين حاد وعاد إلى غرفة النوم، حيث كانت زوجته لا تزال تحاول تهدئة الأجواء، لكنه لم يمنحها فرصة، حيث سدد لها طعنة قاتلة في رقبتها، لتسقط على الأرض بلا حركة لم يفر هاربًا كما يفعل القتلة في العادة، بل جلس بجوار جثتها مذهولًا، يحدق في الفراغ، وكأن الزمن توقف عند لحظة الجريمة.
البلاغ الذي تلقته الشرطة من أحد الجيران قاد قوة أمنية إلى موقع الجريمة، بقيادة اللواء هاني شعراوي مدير إدارة البحث الجنائي بالجيزة. وبمجرد دخول رجال الشرطة إلى الشقة، وجدوا الزوج جالسًا في حالة انهيار تام بجوار جثة زوجته، التي بدت وكأنها لفظت أنفاسها الأخيرة في لحظة صمت دامية.
المشهد كان صادمًا لكل من دخله، فلم تكن هناك مقاومة أو محاولة للهروب، فقط جثة وزوج قاتل ينتظر مصيره.
من خلال المعاينة المبدئية، تبين أن الضحية سيدة خمسينية، تعرضت لطعنة نافذة في الرقبة أودت بحياتها على الفور. الزوج لم ينكر فعلته، بل أقر أمام رجال المباحث بتفاصيل الجريمة كاملة، وادعى أن الشك في سلوك زوجته هو الدافع الوحيد الذي قاده للقتل، لكنه لم يقدم أي دليل يبرر به ما فعله، ما زاد من غموض دوافعه الحقيقية.
أقوال المتهم أمام رجال المباحث كانت متضاربة، إذ قال إنه لم يعد يحتمل الشكوك التي تسيطر عليه، رغم أن الزوجة عاشت معه سنوات طويلة من الشقاء والحياة المشتركة، لم تشهد فيها أي شبهة سلوك سيئ.
الجيران أيضًا أكدوا أن العلاقة بين الزوجين كانت طبيعية، وأن الضحية كانت سيدة محترمة لا يسمع لها سوى كل خير.
النيابة العامة انتقلت إلى مسرح الجريمة فور إخطارها بالواقعة، ورافقت فريق الأدلة الجنائية لمعاينة مكان الحادث ورفع البصمات وآثار الدماء، كما تحفظت على كاميرات المراقبة الموجودة في محيط العقار لرصد أي تحركات قد تكشف مزيدًا من التفاصيل حول ملابسات الجريمة، خاصة أن المتهم لم يترك أي علامات واضحة حول ما إذا كانت هناك جهات أخرى متورطة.
كما أمرت النيابة بتشريح الجثمان لبيان سبب الوفاة بشكل دقيق، ومعرفة مدى تطابق الإصابات مع أقوال المتهم، وتم نقل الجثة إلى المشرحة وسط حالة من الحزن الشديد خيمت على سكان المنطقة، الذين لم يصدقوا أن جريمة بهذا الشكل يمكن أن تقع في شارعهم الهادئ الذي لم يشهد من قبل مثل هذه الحوادث.
التحقيقات لا تزال مستمرة، حيث قررت النيابة حبس الزوج المتهم 4 أيام على ذمة التحقيق، مع تكليف رجال المباحث بسرعة الانتهاء من التحريات وجمع شهادات الجيران وأقارب الزوجين، ومن المقرر أن تُستكمل التحقيقات خلال الأيام المقبلة لكشف جميع الملابسات.