ملفات خاصة
الإثنين 07/يوليو/2025 - 05:42 م

أذكر أن أول حديث حفظناه في سنوات الدراسة ولم ننسه أبدًا هو حديث “من غشّنا فليس منا”، كان الحكمة الختامية لقصة أم تغش اللبن، فنهتها طفلتها الصغيرة عن ذلك ورددت الحديث، الذي تكرر أكثر من مرة في مناهج اللغة العربية.
ويبدو أن السيدات المحجبات اللواتي طاردن المراقبة المسيحية معتديات عليها بالسب والقذف ومحاولات أكلها حية؛ لأنها رفضت أن تسمح لأولادهن بالغش، قد حفظن هذا الحديث ولكنهن لم يدركن دلالاته الواسعة واعتبرن أن الغش ممنوع في اللبن فقط.
قبل هذه الواقعة المشينة انتشر فيديو لطالبة في الإعدادية تسب مراقبًا وتصفه بعديم الرحمة لأنه رفض أن يغششها في الامتحان.
ففي ظل الوجود المقلوب وسعار المجتمع المتدين ببطنه والمتدين بشكله والمتدين بجهله، انتحرت القيم والمبادئ وصارت مطاردة ملعونة مذمومة، لأنها تقف كتلك السيدة العظيمة التي للأسف لم نعرف اسمها.
هذه السيدة العالية فوق كالشمس، التي تعطي ظهرها للمزيفين، لا تبالي بسفالتهن التي صارت علامة ووصمة عند بعض المؤمنين.
هذه السيدة لم تكرمها حتى الآن جهة لا حكومية ولا مدنية ولا جمعية ولا المجلس القومي للمرأة ولا مجلس حقوق الإنسان ولا الوزارة التي تعمل بها.
وأرى أن الأولى بتكريمها هو شيخ الأزهر، وأطالبه بذلك اعتذارًا لما لحقها من أذى، ولأنها حققت قيمة كبرى من المفترض أنه يعلمها للمجتمع ويتباهى بها.
هذه السيدة دون أن تنطق بحرف أو ترد على الإهانات، وصفت بطن الجحيم الذي نحيا فيه، وعرت قبح التدين الشكلي، وبسفورها الجميل غطت وكفنت نتانة واقع يتهاوى ويسقط في قبر الغش.
فكل شيء صار مغشوشًا حتى التدين.
اللبن أصبح بودرة.
الحنان سيليكون.
التفوق في السماعة.
والمستقبل مهزوم.
فالغشاش إذا صار في منصب حساس – دكتور، مهندس – ووصل إلى أعلى المناصب، سقطت العمائر ومات المرضى بالأخطاء وساد الفساد والإهمال، والنتيجة هي ما نعاني منه.
وبالصمت والتغاضي وتجاهل ما حدث، كأننا نصرخ ونقول: هل من مزيد؟
لا أدري إذا كان الحديث ما زال موجودًا في مناهج اللغة العربية أم لا، ولكني متأكد أنه ليس موجودًا في الواقع الذي بُني على الكثير من الغش، بدءًا من الخطب والمواعظ الرنانة، مرورًا بالغش في سرادقات الانتخابات، وأيضًا في الكوافيرات وعيادات التجميل وتصغير الأنف وتكبير الغش في أعضاء أخرى.
إفيه قبل الوداع
أنا مش قادر أستوعب إزاي ميكب خطيبة صديق لي بـ 14 ألف جنيه، وهو عامل دهان الشقة والسلم بـ 8 آلاف جنيه بس.
(تساؤل حائر على الفيسبوك.)