أخبار عاجلة

خبراء الاستثمار السياحى يرسمون خريطة الغرف الفندقية المستهدفة فى مصر

خبراء الاستثمار السياحى يرسمون خريطة الغرف الفندقية المستهدفة فى مصر
خبراء الاستثمار السياحى يرسمون خريطة الغرف الفندقية المستهدفة فى مصر
العدد الورقي - محمد محسب

573 ألف غرفة فندقية خطة السياحة لسد الفجوة حتى 2028

الحكومة تسعى لرفع إيرادات السياحة خلال 3 سنوات إلى 30 مليار دولار سنويًا

الأقصر وأسوان ووجهات أخرى تتصدر المشهد

رامي فايز: التوسع الفندقي ليس استجابة لطلب وقتي بل ركيزة للنمو الاقتصادي المستدام

سامح حويدق: توازن توزيع الإستثمارات يضمن استيعاب النمو المتزايد دون إهدار للموارد

محمد فاروق: الفجوة بين العرض والطلب خطرعلى سمعة المقصد السياحي المصري

د.عاطف عبد اللطيف: «براند ريزيدنس» يتطلب استراتيجية تشمل الجانب التشريعي والترويجي والخدمي

30 مليون سائح..الوصول إلى هذا الرقم فى عام 2028 يواجهه تحديات ربما تكون حجر عثرة في طريقه، يجب أن نعمل جميعا على إزالتها، أهم هذه التحديات، تلك الفجوة الواضحة بين الطاقة الفندقية الحالية والطلب المتزايد، الأمر الذي يستدعي خطة توسعات عاجلة ومدروسة، وهذا - حسبما يرى الخبراء - ليس خيارا بل ضرورة إقتصادية ملحّة لضمان استدامة النمو، فهى ليست مجرد مشروع استثماري أو استجابة لطلب سياحي وقتي، بل ركيزة من ركائز النمو الاقتصادي المستدام، وأداة رئيسية لدعم موازنة الدولة من خلال العملة الصعبة، وتوفير فرص عمل مباشرة وغير مباشرة، وتنشيط قطاعات أخرى مثل النقل، والتجارة، والخدمات ، لأن السياحة لم تعد قطاعًا تقليديًا بل تحولت إلى صناعة شاملة ومتكاملة تلامس الاقتصاد الكلي، وأي تطوير في البنية الفندقية هو بمثابة استثمار في مستقبل مصر ولا شك أن توزيع هذه التوسعات الفندقية بناء على خطة مدروسة ووفقًا للطلب الإقليمي وتوفير بيئة استثمارية مرنة هو مفتاح النجاح في مواجهة أى تحديات تحول دون النهوض بالقطاع السياحي بإعتباره أحد أهم القطاعات، وواحدًا من أبرز روافد الدخل القومي ومصادر النقد الأجنبي للدولة المصرية. الخطة الحالية تتواكب مع رؤية الدولة 2030 والتى تتضمن توسعات ضرورية للغرف الفندقية لمناطق الساحل الشمالى وغرب القاهرة ومنطقة وسط البلد وهذا ما يتماشي مع رؤية الدولة التطويرية.

رامي فايز عضو غرفة المنشآت الفندقية بالبحر الأحمر، يلتقط طرفه بداية الحديث عن هذا المطلب الضروي والمهم لتحقيق رقم الـ «30 مليون سائح»، قائلا : إن قطاع السياحة يواجه منذ بداية النصف الثاني من عام 2025، تحديًا كبيرا يتمثل في ضرورة الإسراع برفع الطاقة الاستيعابية للفنادق في مختلف المقاصد السياحية، لمواكبة التوقعات الحكومية باستقبال ما بين 18 إلى 20 مليون سائح قبل نهاية العام.

وأكد فايز أن هذا الرقم غير مسبوق من حيث الكثافة السياحية السنوية، ويعكس حالة من التعافي والنمو المتسارع في أداء القطاع السياحي بعد سنوات صعبة، لكنه في الوقت ذاته يكشف الفجوة الواضحة بين الطاقة الفندقية الحالية والاحتياجات الفعلية لاستيعاب هذا العدد من السائحين، وهو ما يتطلب تحركًا سريعًا من الجهات المعنية والمستثمرين لمواكبة هذه الطفرة.

وأوضح عضو غرفة المنشآت الفندقية في حديثه لـ «العقارية»، أن مصر تمتلك في الوقت الراهن نحو 223 ألف غرفة فندقية موزعة على 1247 منشأة سياحية، تغطي غالبية المناطق السياحية الرئيسية مثل البحر الأحمر، وجنوب سيناء، والأقصر، وأسوان، والقاهرة الكبرى، ومدينة الإسكندرية، ومرسى مطروح.

وهذه القدرة الاستيعابية الحالية تمكن مصر من استقبال من 16 إلى 17 مليون سائح سنويًا ،وهو عدد مقارب لمستهدف العام 2025، وأي زيادة في عدد الزوار عن هذا المعدل ستحدث ضغطًا شديدًا على المنشآت والفنادق، وقد تؤدي إلى انخفاض في جودة الخدمات أو فقدان فرص سياحية لعدم توفر الإقامة المناسبة خاصةٍ في أوقات الذروة، مشددًا على أن الحدود الحالية للطاقة الفندقية أصبحت تمثل «عنق زجاجة» حقيقي في مسار نمو السياحة، مؤكدًا أن التوسع الفندقي لم يعد رفاهية أو خيارًا استثماريًا، بل تحول إلى ضرورة وطنية واستراتيجية اقتصادية لضمان استدامة المكاسب السياحية، وتحقيق المستهدفات القومية حتى عام 2028.

خطة طموحة

وأشار عضو غرفة المنشآت الفندقية بالبحر الأحمر، إلى أن وزارة السياحة والآثار وضعت خطة شاملة وطموحة تستهدف مضاعفة عدد الغرف الفندقية في مصر خلال السنوات القليلة المقبلة، بحيث يرتفع عدد الغرف من 223 ألف غرفة حاليًا، إلى ما بين 423 ألف و573 ألف غرفة، وهي طفرة غير مسبوقة في حجم المشروعات الفندقية المطلوبة في وقت زمني محدود.

وأكد فايز على أن هذه الخطة وضعت لاستيعاب النمو المتوقع في حركة السياحة الوافدة، وتستهدف الدولة من خلالها الوصول إلى 30 مليون سائح سنويًا بحلول عام 2028، وهو ما يتطلب بنية تحتية فندقية متطورة وقابلة للتوسع السريع، مضيفا أنه لكي نحقق هذا الرقم، نحن بحاجة إلى إضافة ما لا يقل عن 200 ألف غرفة إضافية جديدة خلال 3 سنوات فقط، بمعدل لا يقل عن 60 إلى 70 ألف غرفة سنويًا، وهو معدل مرتفع جدًا مقارنةٍ بالسنوات الماضية، لكنه ضروري لتلبية الطلب المتزايد وفتح أسواق جديدة.

3 مليارات دولار سنويًا

وأوضح أن الحكومة تسعى جديا، خلال السنوات الثلاث المقبلة، إلى رفع إيرادات القطاع السياحي من نحو 13 مليار دولار سنويًا حاليًا إلى 30 مليار دولار سنويًا، ما يعني مضاعفة العائدات خلال فترة قصيرة، وهو ما لن يتحقق إلا إذا تم توفير بنية فندقية قوية تواكب هذا الطموح، وتقدم مستوى خدمة يليق بتوقعات السائحين من مختلف الجنسيات، مشيرا إلى أن الأسواق السياحية لا تقيم الوجهات فقط بالمقومات الطبيعية أو التاريخية، بل تضع جودة الإقامة، وتنوع المنتج، وسهولة الوصول، وتوافر أماكن الإقامة المناسبة في مقدمة معاييرها، وهو ما يتطلب التوسع في جميع الفئات الفندقية من الاقتصادية إلى الفاخرة.

المقاصد الأكثر جذبًا

وحول المواقع الجغرافية التي تحتاج إلى تعزيز في الطاقة الفندقية، أوضح فايز، أن الخطة الحكومية تستهدف المقاصد السياحية الأكثر جذبًا، وعلى رأسها الأقصر وأسوان كمراكز للسياحة الثقافية والتاريخية، وجنوب سيناء ومرسى علم والغردقة وشرم الشيخ في البحر الأحمر، وأيضًا القاهرة الكبرى بإعتبارها العاصمة ومركزًا مهمًا للسياحة الدينية والمتحفية، وكذلك الإسكندرية والساحل الشمالي لسياحة المصايف وسياحة المؤتمرات، مشيرًا إلى ضرورة فتح أسواق جديدة مثل العلمين الجديدة ومنطقة سفنكس غرب القاهرة، حيث تتمتع هذه المناطق ببنية تحتية حديثة وموقع جغرافي مميز، مما يؤهلها لأن تكون نقاط جذب سياحي رئيسية خلال السنوات المقبلة.

كما ركز على المنطقة المحيطة بالمتحف المصري الكبير، والتي تشهد حاليًا إنشاء عدد من الفنادق الجديدة، مشيرًا إلى أن هذه المنطقة ستكون من أهم مناطق الجذب السياحي في العالم بعد افتتاح المتحف، وبالتالي يجب أن تكون مستعدة لاستقبال الأعداد المتوقعة من الزائرين الذين سيرغبون في الإقامة بالقرب من هذا المعلم العالمي الفريد.

تحديات المستثمرين

ورغم هذه الخطط الطموحة، أشار فايز إلى أن هناك العديد من التحديات التي تواجه المستثمرين في القطاع الفندقي، وعلى رأسها بطء وتيرة الحصول على التراخيص، وطول الإجراءات الإدارية، وتعدد الجهات المشرفة على التراخيص، مما يؤدي إلى تأخر تنفيذ المشروعات لسنوات، حيث طالب الحكومة بضرورة تبسيط الإجراءات الخاصة بتراخيص الفنادق الجديدة، وتفعيل نظام «الشباك الواحد»، ومنح حوافز استثمارية جاذبة للمطورين، تشمل الإعفاءات الضريبية، وخفض رسوم التراخيص، وتسهيل تخصيص الأراضي مع تيسير عمليات التمويل الفندقي، مؤكدا أن المستثمر المحلي والأجنبي بحاجة إلى بيئة عمل مستقرة وسريعة، خاصةٍ أن مصر تتمتع بميزة تنافسية حقيقية على مستوى المنطقة، بفضل تنوع المقاصد وتكامل المنتج السياحي وإعتدال الطقس وتوفر العمالة المدربة نسبيًا، لأن الوقت الحالي يمثل فرصة استثنائية لمصر لاستغلال التحولات العالمية في سوق السياحة، حيث بدأ السائح الأوروبي في البحث عن وجهات دافئة وآمنة وأقل تكلفة، وهو ما يتوفر في المقصد المصري مقارنة بدول أخرى في المنطقة، موضحا أن إرتفاع نسب الإشغال الفندقي في المدن السياحية المصرية يعكس تحسنًا في أداء السوق، ويؤكد وجود طلب حقيقي على مصر، ما يجعل من الضروري زيادة الطاقة الاستيعابية حتى لا نخسر هذا الزخم.

وأكد فايز خلال حديثه على أن مضاعفة عدد الغرف الفندقية في مصر ليست مجرد مشروع استثماري أو استجابة لطلب سياحي وقتي، بل هي ركيزة من ركائز النمو الاقتصادي المستدام، وأداة رئيسية لدعم موازنة الدولة من خلال العملة الصعبة، وتوفير فرص عمل مباشرة وغير مباشرة، وتنشيط قطاعات أخرى مثل النقل، والتجارة، والخدمات، موضحا أن السياحة لم تعد قطاعًا تقليديًا بل تحولت إلى صناعة شاملة ومتكاملة تلامس الاقتصاد الكلي، وأي تطوير في البنية الفندقية هو بمثابة استثمار في مستقبل مصر، ودعا إلى التعاون الكامل بين الحكومة والقطاع الخاص لتنفيذ خطة التوسع الفندقي بشكل منظم وسريع، مؤكدًا أن نجاح هذه الخطة سيمثل تحولًا حقيقيًا في خريطة السياحة المصرية، وسيسهم في ترسيخ موقع مصر كمقصد عالمي على مدار العام.

العرض والطلب

أما قال محمد فاروق عضو الإتحاد المصري للغرف السياحية، إن عدة مناطق سياحية بارزة في مصر، وعلى رأسها الأقصر وأسوان، وجنوب سيناء، والقاهرة الكبرى، والبحر الأحمر، والإسكندرية، تعاني من تفاوت واضح بين العرض الفندقي المتاح والطلب السياحي المتوقع خلال السنوات القليلة المُقبلة، في ظل التوجه الحكومي نحو رفع أعداد السائحين إلى نحو 30 مليون سائح سنويًا بحلول عام 2028.

وأوضح فاروق في تصريحات خاصة لـ «العقارية»، أن هذا التفاوت يمثل تحديًا هيكليًا للقطاع السياحي، خاصةٍ مع تزايد شهية الأسواق الدولية على المقصد المصري، وعودة النشاط السياحي بقوة بعد سنوات من التراجع، مضيفًا أن هذه الفجوة تهدد بعرقلة مستهدفات الدولة، ما لم يتم التحرك سريعًا لسد الفجوة الفندقية من خلال زيادة عدد الغرف وتسهيل إجراءات التراخيص وتوفير الحوافز للمستثمرين ، مؤكدا أن الأقصر وأسوان تشهدان ذروة سياحية في موسم الشتاء وتحديدًا بين «أكتوبر ومارس»، ويزداد الإقبال عليها من السائحين الأوروبيين الباحثين عن المنتج الثقافي والتاريخي، إلا أن الطاقة الفندقية في المحافظتين لا تزال محدودة، حيث لا تكفي لتلبية الطلب المرتفع، ما يؤدي إلى رفع الأسعار وتراجع مدة الإقامة، وربما إحجام بعض الزوار عن تكرار التجربة.

وأشار إلى أن جنوب سيناء، وعلى رأسها شرم الشيخ ودهب ونويبع، تعد من أكثر المناطق التي تشهد حركة سياحية على مدار العام، لكن تشهد ضغطًا كبيرًا على البنية التحتية الفندقية خلال مواسم الأعياد والعطلات، لافتًا إلى أن الحاجة ماسة لإضافة ما لا يقل عن 10 إلى 15 ألف غرفة فندقية جديدة في المنطقة، لاستيعاب النمو المستهدف.

وفيما يخص القاهرة الكبرى، قال عضو الإتحاد المصري للغرف السياحية إن العاصمة تشهد انتعاشًا ملحوظًا في الطلب السياحي، خاصة مع اقتراب افتتاح المتحف المصري الكبير الذي من المتوقع أن يجذب ملايين الزوار سنويًا، مشيرًا إلى أن منطقة غرب القاهرة، ولا سيما محيط الأهرامات والمتحف، تحتاج إلى مضاعفة الطاقة الفندقية وتوفير فنادق من فئات مختلفة تناسب شرائح متنوعة من الزوار ، موضحا ، أن محافظة البحر الأحمر التي تضم الغردقة وسفاجا ومرسى علم، من أكثر المناطق التي استطاعت استعادة عافيتها سريعًا بعد الجائحة، وتحقق معدلات إشغال مرتفعة، لكنها بحاجة إلى توسع مدروس في الغرف الفندقية لمواكبة الزيادة المتوقعة في الطلب من الأسواق الأوروبية والروسية والشرق الأوسط .

كما أشار فاروق، إلى أن الإسكندرية بإعتبارها العاصمة الثانية ، والتي لا تزال تعاني من ضعف في الطاقة الفندقية، رغم كونها مقصدًا سياحيًا داخليًا وخارجيًا على مدار العام، الا انها بحاجة لتوسيع قدراتها الاستيعابية، خاصةً خلال أشهر الصيف وموسم الإجازات المدرسية ، ولفت إلى أن التوسع الفندقي في هذه المناطق يجب أن يأخذ في الاعتبار التوزيع الجغرافي، وتنوع أنماط الإقامة، من الفنادق الفاخرة إلى النُزل البيئية والفنادق الاقتصادية، بما يسهم في جذب شرائح مختلفة من السائحين، ويطيل مدة الإقامة، ويرفع متوسط الإنفاق.

التراخيص الفندقية

وأوضح عضو الاتحاد المصري للغرف السياحية أن أحد أبرز التحديات التي تواجه المستثمرين في الوقت الراهن هو بطء وتيرة التراخيص الفندقية، وتعدد الجهات المسؤولة عن منحها، فضلًا عن غياب التنسيق بين الوزارات المعنية مما يعطل تنفيذ مشروعات فندقية واعدة، مطالبا بضرورة تفعيل منظومة الشباك الواحد، وتسهيل الإجراءات الإدارية، وإقرار حوافز ضريبية وجمركية للمستثمرين الجادين، خاصةً في المناطق التي تعاني فجوة في العرض الفندقي، لافتًا إلى أن الدولة يمكن أن تلعب دورًا محوريًا من خلال تقديم الأراضي المرفقة وتوفير البنية التحتية الداعمة.

وأكد فاروق أن وجود فجوة بين العرض الفندقي والطلب المتوقع لا يعني فقط فقدان فرص اقتصادية، بل يمثل خطرًا على سمعة المقصد السياحي المصري، إذ أن ارتفاع الأسعار الناتج عن قلة الغرف قد يؤدي إلى انطباع سلبي لدى الزائرين، وينعكس على التقييمات الدولية لمستوى الخدمة ، مضيفا أن السائح الحديث يبحث عن مزيج من الراحة والسعر المناسب والتنوع في الخدمات، وهو ما يتطلب تطويرًا شاملًا في المنظومة الفندقية، بدءًا من التخطيط العمراني، ومرورًا بالتصميم والتشغيل، ووصولًا إلى التسويق وإدارة الجودة.

وأشار إلى أن القاهرة الكبرى والعلمين الجديدة ستكونان وجهتين مركزيتين خلال السنوات المقبلة، لا سيما مع تطور البنية التحتية، وظهور مناطق جذب جديدة مثل العاصمة الإدارية، مشددًا على ضرورة الاستعداد المسبق من خلال التوسع الفندقي النوعي، وتوفير أنماط إقامة متعددة، وأكد أن البحر الأحمر وجنوب سيناء يملكان فرصًا واعدة لزيادة الطاقة الفندقية، خصوصًا مع الاستقرار الأمني وتحسن خدمات الطيران وعودة شركات السياحة الكبرى للتسويق للمقصد المصري، ما يتطلب دعمًا استثماريًا مباشرًا من الدولة والقطاع المصرفي.

مفتاح رئيسي

واختتم محمد فاروق عضو إتحاد الغرف السياحية حديثه قائلا : نجاح مصر في سد الفجوة الفندقية خلال السنوات الثلاث المقبلة سيكون مفتاحًا رئيسيًا لتحقيق مستهدفات استراتيجية السياحة الوطنية، وزيادة الإيرادات إلى 30 مليار دولار سنويًا، مشيرًا إلى أن ذلك يتطلب تكاتفًا بين القطاعين العام والخاص، ورؤية واضحة لتنمية المقاصد ذات الأولوية، وتوفير البيئة التشريعية والتنفيذية الداعمة، وأن كل غرفة فندقية جديدة يتم إنشاؤها لا تمثل فقط فرصة لاستقبال سائح إضافي بل تعني أيضًا دخلاً جديدًا من العملة الصعبة، وفرصة عمل مباشرة وغير مباشرة ودعامة اقتصادية لمئات الأنشطة المرتبطة بالسياحة، مؤكدًا أن الوقت قد حان لتحويل التحدي إلى فرصة، والطموح إلى واقع ملموس.

الطلب الإقليمي

وفي سياق متصل يرى سامح حويدق، نائب رئيس جمعية الاستثمار السياحي بالبحر الأحمر، إن تحقيق النمو المستهدف في قطاع السياحة خلال السنوات المقبلة يستدعي وضع خطة دقيقة لتوزيع التوسعات الفندقية وفقًا للطلب الإقليمي في كل منطقة سياحية، مشيرًا إلى أن توزيع الاستثمارات بطريقة متوازنة يضمن استيعاب حركة السياحة المتزايدة دون إهدار للموارد أو تكدس في مناطق دون أخرى .

وأكد أن البحر الأحمر وعلى رأسه مدينتا الغردقة ومرسى علم، يُعد من أكثر المناطق احتياجًا لتوسعات فندقية فورية، في ظل ارتفاع معدلات الإشغال على مدار العام، وتزايد التدفقات السياحية من الأسواق الأوروبية، مشيرًا إلى أن المنطقة تتمتع ببنية تحتية قوية وشبكة طيران مباشر، وهو ما يعزز فرص التوسع المدروس ، مشيرا إلى أن جمعية الاستثمار السياحي بالبحر الأحمر تعمل بالتعاون مع وزارة السياحة والآثار على رصد الاحتياجات الفعلية من الغرف الفندقية في مختلف المدن، وتحديث البيانات الخاصة بمعدلات الإشغال، وتفضيلات السائحين، ونقاط القوة والضعف في البنية الفندقية القائمة .

وفيما يتعلق بجنوب سيناء، أوضح حويدق أن مدينة شرم الشيخ تشهد هي الأخرى طلبًا سياحيًا قويًا، لكنها بحاجة إلى رفع كفاءة الفنادق القائمة، إلى جانب بناء منشآت جديدة تخاطب الشرائح المختلفة من السائحين، وخاصةٍ فئة السياحة الفاخرة وسياحة المؤتمرات، لافتًا إلى أهمية ربط هذه المنشآت بخدمات متكاملة مثل النقل الداخلي والمرافئ الترفيهية والمراكز التجارية، مضيفا أن مدينة دهب أصبحت في السنوات الأخيرة مركز جذب متزايد لسياحة المغامرة والبيئة، ما يتطلب دعم منشآت الإقامة الصغيرة والمتوسطة، وتطوير نُزل بيئية تتماشى مع طبيعة المدينة وتوجهات السائحين الباحثين عن التجارب الأصيلة.

وحول منطقة القاهرة الكبرى، أكد حويدق أن العاصمة بحاجة إلى توسعات فندقية مركزة في محيط المتحف المصري الكبير، والمناطق المحيطة بالأهرامات، والعاصمة الإدارية الجديدة، في ضوء التوسع العمراني والنمو في الفعاليات الثقافية والدولية، مشيرًا إلى أن الطلب المتوقع على القاهرة سيشهد طفرة كبيرة بعد افتتاح المتحف وبدء تسيير الخطوط السياحية المتكاملة.

أما بالنسبة لمنطقة الساحل الشمالي والعلمين الجديدة، فأوضح حويدق أن التوسعات الفندقية في هذه المنطقة يجب أن تتم بشكل مدروس ومرحلي، يتماشى مع تطور البنية التحتية واستكمال المشروعات الكبرى، مشددًا على أن المنطقة تمتلك مقومات تنافسية عالية، لكنها تحتاج إلى بنية فندقية متنوعة تستهدف مختلف الفئات .

تحليل دقيق

وأوضح حويدق أن التوزيع الذكي للتوسعات الفندقية يعتمد على تحليل دقيق للطلب، وليس فقط على الفرص الاستثمارية، داعيًا إلى ضرورة إشراك القطاع الخاص في رسم الخرائط الفندقية المستقبلية، من خلال الشراكة مع الجهات الرسمية، وتبادل البيانات والاحتياجات الميدانية ، مشيرا إلى أهمية تبني نماذج تطوير متنوعة، تتضمن بناء فنادق تقليدية، وإنشاء مجمعات سياحية متكاملة، ودعم الفنادق الصغيرة والمتوسطة ، ومنشآت الإقامة البديلة مثل الشقق الفندقية، والنُزل البيئية، بما يتماشى مع التطورات العالمية في نمط الطلب السياحي، كما أكد أن التوسعات الفندقية يجب أن تأخذ في الاعتبار مفاهيم الاستدامة البيئية، وكفاءة الطاقة، وتوظيف التكنولوجيا في إدارة الفنادق، لتقليل التكاليف وتحسين الخدمة، بما يضمن تعزيز تنافسية المقصد المصري في الأسواق العالمية ، وشدد أيضًا على ضرورة أن توفير حوافز استثمارية حقيقية، من إعفاءات ضريبية وتسهيل إجراءات التراخيص وتوفير أراضٍ مرفقة، يعد من العناصر الأساسية التي تشجع المستثمرين على ضخ رؤوس أموال جديدة في قطاع الإقامة السياحية.

فرصة حقيقة

فيما قال الدكتور عاطف عبد اللطيف رئيس جمعية مسافرون للسياحة والسفر، إن مصر تمتلك فرصة حقيقية لتبني نموذج (Brand Residence)كأداة فعالة لتعزيز مكانتها كوجهة عالمية مستدامة تجمع بين السياحة والإقامة والاستثمار طويل الأجل، موضحًا أن هذا النموذج لا يقتصر فقط على منح الإقامة مقابل التملك أو الاستثمار بل يعتمد على دمج العلامة السياحية الوطنية مع أنماط الإقامة طويلة الأجل، وترويج مصر باعتبارها مقصدًا متكاملًا يجمع بين جودة الحياة، والفرص الاقتصادية، والثراء الثقافي، والعديد من الدول اعتمدت هذا النموذج لتوسيع قاعدة المقيمين الدوليين وتحقيق عوائد اقتصادية مستدامة.

وأضاف عبداللطيف أن تطبيق نموذج الـ «براند ريزيدنس» يتطلب استراتيجية متكاملة تشمل الجانب التشريعي والترويجي والخدمي، بحيث تتحول الإقامة في مصر إلى تجربة متكاملة تُقدَّم تحت مظلة العلامة الوطنية للسياحة، ما يعني أن كل مقيم يصبح سفيرًا للوجهة المصرية، يروج لها من خلال تفاعله اليومي داخل وخارج البلاد.

وأكد عبد اللطيف، أن مصر بما تمتلكه من مميزات تنافسية مثل الطقس المعتدل، وتكلفة المعيشة المناسبة، والبنية التحتية المتطورة في مناطق مثل البحر الأحمر، وجنوب سيناء، والقاهرة الجديدة، مؤهلة تمامًا لتطبيق نموذج «براند ريزيدنس»، لاسيما في ظل الإقبال المتزايد من فئات مثل المتقاعدين، والعاملين عن بُعد، والمستثمرين في السياحة والعقارات.

وأشار إلى أن التجارب الدولية تؤكد جدوى هذا النموذج، حيث اعتمدته دول مثل الإمارات، والبرتغال، وإندونيسيا، لتوسيع دائرة التأثير السياحي وتحقيق تنمية عمرانية واقتصادية متكاملة، مؤكدًا أن مصرتستطيع تكييف هذا النموذج بما يتناسب مع خصوصيتها الاجتماعية والثقافية، وبما يُعزز من مساهمة قطاع السياحة في الاقتصاد القومي.

العلامة التجارية

وشدد على أهمية الربط بين العلامة التجارية لمصر كمقصد سياحي وبين تجربة الإقامة، من خلال إطلاق برامج ترويجية تستهدف الأسواق العالمية، تبرز المزايا النوعية للإقامة في مصر، مثل القرب من أوروبا وسهولة الوصول وتنوع الأنشطة الترفيهية والثقافية، بالإضافة إلى فرص التعليم والرعاية الصحية، موضحًا أن نجاح نموذج «براند ريزيدنس» يعتمد على توفر حوافز واقعية مثل الإعفاءات الجمركية، والتسهيلات البنكية، وحق تملك العقارات، والحصول على خدمات رقمية متطورة، إلى جانب تأمين بيئة معيشية آمنة ومنفتحة تدعم اندماج المقيم الأجنبي في المجتمع، مؤكدا على أن الجانب العقاري هو أحد المحركات الأساسية لهذا النموذج، فكل وحدة سكنية تُباع لأجنبي في إطار مشروع «براند ريزيدنس» تعني فرصة استثمارية جديدة، وعائدًا مستدامًا على الاقتصاد المحلي، وسلسلة قيمة تشمل العمالة والمرافق والخدمات، وأشار إلى أن المناطق المؤهلة لتطبيق هذا النموذج تشمل الغردقة والجونة والعلمين الجديدة وشرم الشيخ والعاصمة الإدارية، لافتًا إلى أن وجود بيئة عمرانية مخططة جيدًا هو عامل حاسم في قرار المقيم الدولي، إلى جانب توافر المدارس الدولية، والمستشفيات، والمرافق الترفيهية.

ورقة عمل

وقال إن جمعية «مسافرون» بصدد إعداد ورقة عمل متكاملة لعرضها على الجهات المعنية، تتضمن المقترحات التنفيذية لتطبيق نموذج «براند ريزيدنس» في مصر، بما يشمل التعديلات المطلوبة على اللوائح والإجراءات والتسويق والتكامل المؤسسي بين الجهات، مضيفًا أن من الضروري أن تكون هناك وحدة مركزية أو جهة حكومية مختصة بتيسير وتنظيم هذا الملف، تتولى وضع الأطر العام والتصاريح وحماية حقوق المقيمين وتنسيق الجهود بين الوزارات المعنية، مثل السياحة والإسكان والاستثمار والداخلية.

ولفت إلى أن أحد أركان النجاح يتمثل في تقديم «باقة إقامة» شاملة تتضمن السكن والتأمين والتعليم والخدمات اللوجستية، بحيث يشعر المقيم بالأمان والثقة، ويشجع معارفه وأسرته على اتخاذ نفس القرار ما يخلق سلسلة جذب تلقائية طويلة الأجل، مشيرًا إلى أن مصر تمتلك فرصة نادرة لاحتلال موقع متقدم على خريطة الإقامة الدولية، في ظل التغيرات العالمية المتسارعة من حيث التنقل والعمل عن بعد والبحث عن جودة حياة بأسعار مناسبة، وهو ما يجعل مصر خيارًا مثاليًا لفئات واسعة.

اقرأ ايضا

إخلاء مسؤولية إن موقع عاجل نيوز يعمل بطريقة آلية دون تدخل بشري،ولذلك فإن جميع المقالات والاخبار والتعليقات المنشوره في الموقع مسؤولية أصحابها وإداره الموقع لا تتحمل أي مسؤولية أدبية او قانونية عن محتوى الموقع.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

السابق مؤتمر جماهيري حاشد لدعم مرشحي مجلس الشيوخ 2025 بقرية الروضة بطامية في الفيوم
التالى رئيس الوزراء العراقي: لا تهاون في حفظ القانون وحماية مؤسسات الدولة