مثل الجناح المصري في معرض كراكاس الدولي للكتاب والذي افتتح بحضور الرئيس نيكولاس مادورو، والذي حرص أن الجناح المصري وجهته الأولى في تفقد أروقة المعرض، مرآةً نابضةً لهوية مصر الحضارية الأصيلة، وذلك من خلال تصميمه البصري الذي جمع بين الرمزية المصرية القديمة وعمقها التاريخي، والبساطة المعاصرة التي تعكس حيوية الثقافة المصرية الحديثة.
مجموعة غنية من الإصدارات
وقد ضم الجناح مجموعة غنية من الإصدارات لمؤسسات ثقافية عريقة، شملت: الهيئة المصرية العامة للكتاب، ودار الكتب والوثائق القومية، والمركز القومي للترجمة، والمجلس الأعلى للثقافة، وكذلك المؤسسات الدينية المصرية وعلى رأسها الأزهر الشريف والكنيسة المصرية، والمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية التابع لوزارة الأوقاف المصرية، وقد تنوعت هذه الإصدارات لتشمل ألوانًا عديدة من الآداب المصرية والعربية الأصيلة، والفنون المختلفة، إضافة إلى دراسات فكرية متعمقة لكوكبة من رموز الفكر والإبداع المصريين، والتي قدمت باللغتين العربية والإسبانية لضمان وصولها لأوسع شريحة من الجمهور اللاتيني الشغوف بالثقافة المصرية والعربية.
فنون النسيج
ولم يقتصر العرض على المطبوعات، بل امتد ليشمل معروضات بديعة من صندوق التنمية الثقافية، تضمنت فنون النسيج المصري اليدوي ، ومجموعة واسعة من الحرف اليدوية المصرية التقليدية بأنواعها المختلفة، التي تجسد الإبداع والمهارة المتوارثة عبر الأجيال.
إن هذا الحضور لم يكتفِ بالشكل الجمالي فحسب، بل قدَّم نموذجًا تفاعليًا حيًا؛ إذ عكست هذه المعروضات "التراث المُعاش" الذي يشكل جزءًا لا يتجزأ من الحياة اليومية والثقافة المصرية الأصيلة. إن الجمع بين الكنوز المعرفية المتمثلة في الكتاب، والفنون المتجسدة في الحرف التراثية، يُعبّر بوضوح عن عمق الهوية المصرية، رابطًا بين جذورها الضاربة في القدم وحيويتها المعاصرة، مقدمًا بذلك صورة شاملة ومتكاملة للحضارة المصرية الخالدة.
برنامج ثقافي.. مصر تحاور الثقافة اللاتينية
شهد المعرض إقامة العديد من المحاضرات والندوات الفكرية المتخصصة، قدمها نخبة من الأساتذة والمفكرين المصريين البارزين، مما أثرى الحراك الثقافي للمعرض:
الدكتور أحمد زايد: تناول في محاضرته مكتبة الإسكندرية، مستعرضًا دورها الإقليمي والدولي ومكانتها الثقافية المرموقة. كما أبرز مشاريعها العلمية والثقافية الطموحة، وما يمكن أن تقدمه هذه المنارة المعرفية للعالم أجمع من إسهامات قيمة.
الدكتور أسامة طلعت: قدم ندوة شيقة حول الحضارة المصرية عبر العصور، مركزًا على الحضارتين الإسلامية والقبطية. سلط الضوء على اهتمام مصر البالغ بصون إرثها الثقافي العريق، ودور هذا الإرث في صياغة هوية مصر الحالية، متناولاً كذلك رحلة العائلة المقدسة وأهميتها التاريخية والدينية.
الإعلامي سيد جبيل: استعرض تجربته في الإعلام المحايد والموضوعي، الذي لا يتبنى أجندة معينة ولا يعتمد على تمويل يفرض عليه قيودًا، مما يحرره من ضغوط أصحاب المال والجهات الرسمية. تركز هذه التجربة على محاولة رصد وفهم مواقف الدول من القضايا المختلفة، وتبسيط القضايا الجيوسياسية والاقتصادية المعقدة بلغة واضحة ومناسبة للجميع، دون ابتذال يخل بالعمق.
المعماري حمدي السطوحي: قدم قراءة ثقافية متعمقة في العمارة التقليدية المصرية، محللاً دلالاتها الحضارية وقيمها الجمالية التي تتسق مع البيئة والإنسان. وأكد أن العمارة التقليدية تحمل في طياتها المعنى الحقيقي لكلمة "سكن"، حيث تجسد الانسجام بين الإنسان ومحيطه.
كما أُقيمت قراءة نقدية وشعرية لأعمال الكاتب والشاعر طارق وليم صعب، والذي يشغل منصب النائب العام لجمهورية فنزويلا، مما أضاف بعدًا آخر للتبادل الثقافي بين البلدين.
من المتوقع أن تشهد قاعة مصر في المعرض خلال الأيام القادمة عددًا من الفعاليات واللقاءات الثقافية الإضافية، مما يؤكد استمرارية هذا الزخم الثقافي.
لقد قدّمت هذه الفعاليات مجتمعة مضمونًا فكريًا، وربط بين إرث الماضي وحداثة العصر. هذا التلاقح الفكري يعزز قدرة مصر على تقديم "خميلة" ثقافتها الغنية للعالم بأسره، مؤكدةً بذلك دورها الحضاري الرائد.
يُعد هذا الحضور الأكاديمي والثقافي البارز في أمريكا اللاتينية خطوة محورية نحو تأسيس منصة دائمة وفاعلة للحوار الثقافي البنَّاء بين الحضارات. وتزداد أهمية هذه الخطوة في ظل الاهتمام العالمي المتزايد بـدراسات ما بعد الكولونيالية، وهو مجال تملك فيه مصر رصيدًا فكريًا وتاريخيًا غنيًا يمكن أن يسهم بفاعلية في إثراء هذا النقاش العالمي، ويفتح آفاقًا جديدة للتعاون الفكري والمعرفي.
زيارات رسمية للجناح المصري
شهد الجناح المصري خلال الأيام الماضية زيارات رفيعة المستوى من مسؤولين فنزويليين بارزين، مما يعكس الأهمية التي توليها فنزويلا للحضور المصري في المعرض.
وكان من أبرز الزوار: نائب رئيس الجمهورية، والنائب العام الفنزويلي، والمدعي العام، ووزير الثقافة الفنزويلي.
هذه الزيارات لا تبرز فقط العلاقات الدبلوماسية المتينة، بل تؤكد أيضًا على التقدير الرسمي الفنزويلي للثقافة المصرية وإسهاماتها الحضارية.
الجناح المصري.. جاذبية بصرية وثقافية
أصبح الجناح المصري نقطة جذب رئيسية، حيث حرص الزوار على التقاط الصور داخل أروقته المزينة بالنقوش والرموز الحضارية.
نجحت وزارة الثقافة المصرية في أن تعبّر عن ذاتها الثقافية بصورة جامعة من خلال مشاركتها كضيف شرف في معرض كراكاس الدولي للكتاب.







