
يواجه سكان مدينة الغردقة الساحرة أزمة غير مسبوقة تتمثل في ارتفاعات جنونية وغير مبررة في أسعار إيجارات الوحدات السكنية، وصلت في بعض الحالات إلى ما يقارب 60%، وسط غياب تام للرقابة الحكومية. هذه الزيادات المفاجئة، التي تتجاوز قدرة غالبية السكان على التحمل، تهدد بزعزعة استقرار آلاف الأسر وتدفعهم نحو مصير مجهول.

أين الرقابة؟ سؤال يتردد على ألسنة الأهالي
يعيش الأهالي حالة من اليأس والإحباط، فمع كل صباح يزداد قلقهم من مصيرهم أمام جشع بعض الملاك الذين يستغلون غياب الرقيب. "الملاك يستنزفون السكان والأهالي تشتكي ضعفهم لله"، هكذا يلخص، عم محمد علي، أحد المتضررين من سكان مدينة الغردقة، والذي كان يقوم بدفع إيجار استوديو ، وتشمل غرفة واحدة وصالة بالإضافة إلى المطبخ والحمام، مبلغ ٢٦٠٠ جنيه شهريا، قبل الزيادة، مشيرا إلى أن وبعد الزيادة يدفع ٤١٠٠ جنيه، معربًا عن عجزه أمام مطالب أصحاب العقارات التي لا تراعي الظروف المعيشية الصعبة.
السؤال الذي يتردد على ألسنة الجميع هو: أين دور الجهات الرقابية في حماية المستأجرين من هذا الاستغلال الواضح؟
أسباب الزيادات: تضارب المصالح وغياب التشريعات
في ظل غياب الأسباب المنطقية لارتفاع الإيجارات بهذه النسبة المبالغ فيها، يتساءل الكثيرون عن المسببات الحقيقية لهذه الأزمة. يرى سيف عبد الحميد موظف ويقيم بمدينه الغردقة، أن زيادة رواتب الموظفين الأخيرة، والتي كان الهدف منها تحسين الظروف المعيشية، قد تم استغلالها من قبل بعض الملاك كذريعة لزيادة الإيجارات بشكل مضاعف.
وأشار إلى وضع المستأجرين في دوامة لا تنتهي من الأعباء المالية: “زيادات الموظفين تفتح المجال لأصحاب الملك بزيادات مضاعفة على السكان”.
ومن جانبه يقول رفعت عبدالحميد، مدرس أحد سكان الغردقة، إن أي تحسن طفيف في الدخل يقابله ارتفاع فوري في الإيجارات، مما يلغي أي أثر إيجابي لهذه الزيادات.
"الدفع أو الطرد": تهديد يلاحق الأسر
وتتفاقم الأزمة مع سياسة "الدفع أو الطرد" التي يتبعها بعض الملاك، حيث لا يجد المستأجرون أمامهم سوى خيارين: إما الرضوخ للمطالب غير المنطقية ودفع زيادات "بالألف" دون مراعاة لأي ظروف، أو مواجهة مصير الطرد من منازلهم، وهو ما يهدد بـ "خراب بيوت" وتشريد عائلات بأكملها، الأهالي يستغيثون، مطالبين بتدخل عاجل من الحكومة لوضع حد لهذا النزيف المالي الذي يستنزف مدخراتهم ويدفعهم نحو الهاوية.
ماذا بعد؟ دعوات للتدخل العاجل
مع استمرار هذه الأزمة، يتزايد القلق في مدينة الغردقة، وتتجه الأنظار نحو الجهات المعنية لوضع حلول جذرية لهذه المشكلة. يدعو السكان إلى: تفعيل دور الرقابة الحكومية على سوق الإيجارات - سن قوانين وتشريعات واضحة لتنظيم العلاقة بين المالك والمستأجر وتحديد نسب الزيادة المسموح بها - تشكيل لجان متخصصة لتلقي شكاوى المستأجرين والتحقيق فيها واتخاذ الإجراءات اللازمة ضد المخالفين.
يبقى الأمل معلقًا على استجابة سريعة من المسؤولين لإنقاذ آلاف الأسر من براثن ارتفاع الإيجارات الذي يهدد استقرارهم وأمنهم المعيشي في مدينة الغردقة.