أخبار عاجلة
نمو الاقتصاد الكويتي 1% في الربع الاول من 2025 -
تفوق دولي لجامعة طنطا في تصنيف Webometrics العالمي -

أزمة إنسانية.. أم فلسطينية: مغادرة غزة ليست هروبًا بل محاولة ليبقى أطفالي على قيد الحياة

أزمة إنسانية.. أم فلسطينية: مغادرة غزة ليست هروبًا بل محاولة ليبقى أطفالي على قيد الحياة
أزمة إنسانية.. أم فلسطينية: مغادرة غزة ليست هروبًا بل محاولة ليبقى أطفالي على قيد الحياة

في خطاب مؤثر سلطت عليه الضوء صحيفة أيرش إندبندنت، تروي مادلين حنونة، أم فلسطينية، قصتها المؤلمة عن مغادرة قطاع غزة مع طفليها، حسام (8 سنوات) ونايا (6 سنوات)، بحثًا عن الأمان في القاهرة. 

وتقول إن قرارها بالرحيل لم يكن هروبًا، بل كان محاولة يائسة لضمان بقاء أطفالها على قيد الحياة وسط القصف المستمر والظروف الإنسانية القاسية في غزة. تاركة زوجها فادي خلفها بسبب قيود السفر عبر معبر رفح، تعيش مادلين الآن في شقة صغيرة مستأجرة، تواجه تحديات المنفى والغربة، بينما تحاول الحفاظ على الأمل لأطفالها. تسلط قصتها الضوء على الأزمة الإنسانية المستمرة في غزة، حيث يواجه الفلسطينيون خيارات مستحيلة بين البقاء تحت التهديد أو مواجهة غموض الحياة في المنفى.

الأزمة الإنسانية في غزة

وتعاني غزة من حصار مستمر منذ عقود، مما جعل الحياة في القطاع شبه مستحيلة. القصف العنيف، انقطاع الكهرباء لساعات طويلة، ونقص الإمدادات الأساسية مثل الغذاء، الماء النظيف، والأدوية، حولت الحياة اليومية إلى صراع من أجل البقاء. تصف مادلين كيف كانت تعيش مع عائلتها في خوف دائم من القنابل، حيث "الصوت المرعب لصفير القذيفة قبل الانفجار يجمد القلب". 

وعاشت عائلتها نزوحًا متكررًا، بدءًا من منزلهم في غزة إلى مستشفى الشفاء، ثم إلى زويدة، ولاحقًا إلى خان يونس، حيث لجأوا إلى ملحق منزل صديق. لكن حتى هذا المأوى لم يكن آمنًا، إذ تعرض للقصف، مما أدى إلى إصابة مادلين بجروح. اضطرت العائلة للعيش في ظروف قاسية، من النوم في السيارات إلى الإقامة في خيمة بلاستيكية في أرض زراعية مفتوحة، معرضين للبرد القارس وانتشار الأمراض.

قرار المغادرة: تضحية مؤلمة

كانت الظروف المروعة في غزة هي الدافع وراء قرار مادلين بالرحيل. تقول: "لم أغادر غزة لأنني أردت ذلك. غادرت لأنه لم يكن هناك خيار آخر. البديل كان أن أشاهد أطفالي يكبرون بين الأنقاض والقبور الجديدة." كان قرار ترك زوجها فادي خلفها مؤلمًا بشكل خاص، إذ لم يُسمح له بعبور معبر رفح بسبب القيود الصارمة. 

وتصف مادلين هذا القرار بأنه "شعور بالخيانة"، لأنها كانت تتمنى مواجهة الكابوس مع زوجها معًا. لكن فادي أصر قائلًا: "يجب أن تذهبي لإنقاذ أطفالنا." تحملت مادلين ألم الانفصال، مدركة أنها كانت الخيار الصحيح، لكنها تكره أن تكون هذه الحقيقة. كانت الرحلة إلى القاهرة مليئة بالتحديات، حيث واجهت مادلين عوائق لوجستية وأمنية، إلى جانب الصعوبات العاطفية لترك عائلتها ووطنها.

في القاهرة، استقرت مادلين حيث تحاول خلق بيئة تشبه المنزل لأطفالها حسام ونية. تزين الجدران الخرسانية برسومات الأطفال وتشتري وسائد ملونة لإضفاء البهجة، لكن الفراغ العاطفي الناتج عن غياب فادي يظل قائمًا. تقول: "القاهرة حيوية كما كانت غزة يومًا ما، لكنها ليست وطني. إنها مزدحمة، صاخبة، وغريبة." 

وتواجه الأم تحديات اجتماعية كبيرة، فلا تجيد التعامل مع شعور الغربة والابتعاد عن الأهل، ويواجهون صعوبات في تسجيل أطفالهم في المدارس بسبب نقص الأوراق الرسمية، ويدفعون إيجارات تفوق قدرتهم المادية. وتضيف: "نعيش على وعد هش بالبقاء، دون ضمانات، ودون شبكة أمان." الاتصال بفادي متقطع بسبب انقطاع الكهرباء وفشل الإشارة في غزة، مما يزيد من شعورها بالعزلة. تقول: "نتحدث عندما نستطيع، لكن أحيانًا تمر أيام دون مكالمة كاملة. أقول له: 'ابقَ قويًا'، فيرد: 'وأنتِ أيضًا'."

ويعاني الطفلان حسام ونايا من آثار نفسية عميقة بسبب تجاربهما في غزة. يسأل حسام: "متى سيأتي بابا؟"، فتجيب الأم مادلين: "قريبًا، يا حبيبي"، رغم عدم يقينها. تحاول إخفاء حزنها، لكنها تعترف بصعوبة أداء "الأمل المستمر" وتمثيل دور المتفائلة. 

ووفقًا لتقارير منظمات إنسانية، يعاني العديد من الأطفال الفلسطينيين من اضطرابات ما بعد الصدمة نتيجة العنف المستمر، ويحتاجون إلى دعم نفسي طويل الأمد. تصف مادلين كيف أن نية تعانقها بقوة، كما لو كانت تشعر بحزن والدتها. تضيف: "أن تكوني أمًا في المنفى هو تحويل الخوف إلى أناشيد مهدئة، وإخفاء الحزن حتى لا يسمم طفولتهم." هذه التحديات النفسية تعكس العبء الهائل الذي تحمله العائلات الفلسطينية النازحة.

غزة: ذكريات الحياة والموت

وتصف مادلين غزة بأنها مكان "الحياة ترفض الموت، حتى عندما يكون الموت أسهل". تقول: "غزة هي أم تحتضن ابنتها وهي تحترق، أب يحفر الأنقاض بيديه النازفتين بحثًا عن أطفاله، رائحة الخبز يُخبز حتى بدون دقيق." تؤكد أن الأزمة لم تبدأ في 7 أكتوبر 2023، بل هي نتيجة حصار دام عقودًا، حيث "تُقاس الأحلام بالأمتار، ويعرف الأطفال أسماء الأسلحة أكثر من الأغاني". يترك هذا الواقع جرحًا عميقًا في نفوس الفلسطينيين، مما يجعل مادلين تتساءل عن حقها في تسمية أي مكان "وطنًا". تضيف: "هذا الإبادة الوحشية وغير الإنسانية ستظل جرحًا في صدر كل من عاشها، يتسلل إلى داخلنا، يبني حدودًا جديدة في أرواحنا."

التحديات الاجتماعية والاقتصادية في القاهرة

وتواجه مادلين تحديات اجتماعية واقتصادية كبيرة في القاهرة. تشرح كيف يغلب على الفلسطينيين شعور بانهم “زوار مؤقتين”، وتقول: "أتفاوض مع أصحاب العقارات لتخفيض الإيجار، وأتوسل إلى المدارس التي ترفض أطفالي. أتفاوض مع نفسي كل دقيقة—كم يمكنني الصمود قبل أن أنهار؟" رغم ذلك، ترفض الانهيار، مدفوعة بمسؤوليتها تجاه أطفالها. تفتقد الدعم العائلي والمجتمعي الذي كان موجودًا في غزة، حيث كان الأصدقاء والجيران يشاركون الأعباء والأحزان.

رسالة الأمل والصمود

وتدعو مادلين من خلال خطابها إلى زيادة الوعي بالأزمة الإنسانية في غزة، مطالبة بحلول سياسية وإنسانية مثل توفير ممرات آمنة وضمان حقوق النازحين. تقول: "نحن لسنا أرقامًا في نشرات الأخبار. نحن عائلات، نساء يفتقدن أحضان أزواجهن، أطفال يستحقون أي شيء غير الصدمات في حياتهم البريئة." تتمسك بالأمل في لم شمل عائلتها، قائلة: "أحلم بيوم نعود فيه معًا، حيث يضحك أطفالنا ويلعبون دون خوف." رغم كل الصعوبات، ترى مادلين ضوء الأمل في ضحكات حسام ونايا، وتقول: "رغم كل شيء، لا يزال هناك ضوء فيهما يرقص ويتألق. سأحمله في قلبي وأتركه يرشدني عبر ظلام الغربة."

وتكشف قصة مادلين حنونة، كما وثقتها أيرش إندبندنت، شجاعة الأمهات الفلسطينيات اللواتي يضحين بكل شيء لحماية أطفالهن.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

السابق مدير "تعليم الجيزة" يتفقد مدارس الهرم لمتابعة تقديم ملفات الطلاب
التالى وزير الداخلية يوافق على قبول دفعة جديدة بكلية الشرطة.. اعرف الشروط