أخبار عاجلة

الحدود تنزف مع أفغانستان: تصاعد الإرهاب يُعيد باكستان إلى نقطة الصفر

الحدود تنزف مع أفغانستان: تصاعد الإرهاب يُعيد باكستان إلى نقطة الصفر
الحدود تنزف مع أفغانستان: تصاعد الإرهاب يُعيد باكستان إلى نقطة الصفر
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

شهدت باكستان فى الآونة الأخيرة تصعيدًا خطيرًا فى مستوى العنف على حدودها الشمالية الغربية، حيث أقدمت جماعات مسلحة تنتمى إلى حركة طالبان باكستان وتنظيمات متفرعة عنها بمحاولة التسلل عبر الحدود من أفغانستان، ما أدى إلى اندلاع مواجهات عنيفة مع القوات المسلحة الباكستانية.
وأعلن الجيش الباكستانى مقتل ثلاثين مسلحًا خلال الأيام الثلاثة الأخيرة، فى عمليات تصدٍ لتلك المحاولات، مُشيرًا إلى أن هذه التحركات جاءت عقب هجوم انتحارى دموى استهدف قافلة عسكرية فى إقليم خيبر بختونخوا، أسفر عن مقتل ستة عشر جنديًا وإصابة ما يقرب من ثلاثين آخرين، بينهم مدنيون.
العملية الانتحارية التى هزّت المنطقة جرت فى منطقة شمال وزيرستان، وهى واحدة من أكثر المناطق توترًا فى الإقليم، وتقع بمحاذاة الحدود الأفغانية، ما يجعلها عرضة دائمة لاختراق المسلحين عبر ممرات جبلية وعرة تستخدمها الجماعات المتشددة منذ سنوات طويلة كملاذات آمنة.
هذا التصعيد لم يكن معزولًا، بل جاء كحلقة فى سلسلة طويلة من الهجمات التى طالت القوات الأمنية الباكستانية فى الأشهر الماضية، ما يعكس عودة قوية لتنظيم طالبان باكستان بعد فترة من الخمود النسبى.
وأشارت التقارير الصادرة عن الجيش إلى أن المسلحين كانوا مجهزين تجهيزًا عسكريًا متقدمًا، حيث تم ضبط كميات كبيرة من الأسلحة والمتفجرات والذخيرة خلال المواجهات، مما يثير تساؤلات حول مصادر دعم هذه الجماعات.
وفى هذا السياق، وجهت باكستان اتهامات مباشرة إلى الهند بدعم هذه التنظيمات المسلحة، وهو ما يمثل تصعيدًا دبلوماسيًا خطيرًا بين الخصمين النوويين.
وقد أعاد هذا الاتهام إلى الأذهان سنوات من الشكوك المتبادلة بين البلدين، حيث تتهم كل دولة الأخرى باستخدام جماعات مسلحة لتحقيق أهداف سياسية وأمنية داخل أراضيها.
رئيس الوزراء الباكستانى شهباز شريف، أعرب عن دعمه الكامل للقوات المسلحة، مُشيدًا بجهودها فى إحباط ما وصفه بمحاولة تسلل إرهابية كان من الممكن أن تؤدى إلى كارثة أمنية كبيرة، ومؤكدًا فى بيان رسمى أن الحكومة عازمة على القضاء على الإرهاب بجميع أشكاله.
كما كرر «شريف» الاتهامات الموجهة إلى الهند بدعم التمرد المسلح فى البلاد، مؤكدًا أن باكستان لن تسمح لأى جهة خارجية بزعزعة استقرارها.
الأوضاع فى خيبر بختونخوا باتت تمثل تحديًا متزايدًا للأمن القومى الباكستانى، نظرًا لطبيعة الإقليم المعقدة جغرافيًا وقبليًا، وقربه من مناطق نفوذ طالبان داخل أفغانستان.
فالإقليم، الذى يضم العديد من المناطق القبلية غير الخاضعة بالكامل لسلطة الحكومة المركزية، شكّل منذ عقود بيئة حاضنة للجماعات المتشددة.
ورغم الحملات العسكرية التى أطلقتها الحكومة فى السنوات الأخيرة، لا تزال تلك الجماعات قادرة على تنفيذ عمليات نوعية مميتة.
وتعانى باكستان من صعوبة فى احتواء هذه التهديدات رغم استخدامها القوة العسكرية المكثفة، خاصة فى مناطق مثل وزيرستان وبلوشستان وخيبر بختونخوا، حيث تنشط الجماعات المتطرفة بكثافة.
وتواجه القوات الأمنية انتقادات من جهات داخلية تتهمها بعدم التنسيق الكافى بين مختلف الأجهزة المعنية بمكافحة الإرهاب، إضافة إلى الثغرات الأمنية التى تسمح بوقوع هجمات متكررة.
هذا الضعف فى التنسيق والاستجابة يزيد من حدة التحديات الأمنية، خصوصًا فى ظل الانقسامات السياسية الداخلية والتوترات الإقليمية.
الاشتباكات الأخيرة تشير أيضًا إلى تنامى قدرة الجماعات المسلحة على تنظيم عمليات معقدة تتضمن تفجيرات انتحارية وهجمات متزامنة على مواقع عسكرية، ما يعكس مستوى عاليًا من التنظيم والتخطيط، قد يكون مرتبطًا بوجود دعم خارجى لوجستى أو استخباراتى.
باكستان لم تتردد فى الإشارة إلى مسئولية الهند، معتبرة أن هناك أدلة على قيام نيودلهى بتقديم الدعم المالى والعسكرى لبعض هذه الجماعات عبر شبكات تعمل من داخل الأراضى الأفغانية، مستغلة هشاشة الوضع الأمنى بعد انسحاب القوات الغربية من أفغانستان.
فى المقابل، ترفض الهند بشكل قاطع هذه الاتهامات، وتؤكد أن باكستان تحاول صرف الأنظار عن إخفاقاتها الداخلية فى السيطرة على التطرف والعنف.
وتتهم نيودلهى إسلام آباد بدعم جماعات إرهابية تعمل فى إقليم كشمير المتنازع عليه، ما يعمّق الخلاف بين الطرفين ويزيد من مخاطر الانزلاق نحو صراع أوسع.
فى خضم هذه التطورات، يعيش سكان المناطق الحدودية حالة من الذعر وعدم الاستقرار، حيث تتكرر الاشتباكات والتفجيرات، مما يدفع العديد من العائلات إلى النزوح باتجاه مناطق أكثر أمانًا.
المدارس تغلق، والمحال التجارية تتوقف عن العمل، بينما تفرض السلطات حظرًا للتجول بشكل دورى للحد من تحركات العناصر المشبوهة. هذه الأوضاع الإنسانية المتدهورة تزيد من تعقيد المشهد الأمنى، حيث تجد الحكومة نفسها مجبرة على التعامل مع تهديدات متعددة الجبهات: أمنية، وسياسية، وإنسانية.
الوضع مرشح لمزيد من التدهور إذا لم تُتخذ إجراءات جذرية وشاملة لمعالجة جذور التمرد، بما فى ذلك تحسين التنسيق بين الأجهزة الأمنية، وتكثيف التعاون مع الجانب الأفغانى لمنع تسلل المسلحين، فضلًا عن معالجة الظروف الاجتماعية والاقتصادية التى تسهم فى تجنيد الشباب فى صفوف الجماعات المتطرفة.
ويبدو أن الاستراتيجية الحالية التى تركز على الحل العسكرى وحده لم تثبت فاعليتها، مما يستدعى إعادة نظر شاملة فى آليات مكافحة الإرهاب فى باكستان.
ورغم أن الحكومة تحاول إظهار سيطرتها على الأوضاع، فإن تكرار الهجمات واتساع نطاقها يطرح تساؤلات جدية حول قدرة الدولة على استعادة الاستقرار فى المناطق المضطربة.
ويرى مراقبون أن استمرار هذا الوضع يؤدى إلى زعزعة الثقة العامة فى قدرة المؤسسات الأمنية والسياسية على حماية البلاد، خصوصًا مع تصاعد الغضب الشعبى فى المناطق المتأثرة، التى ترى أن الدولة لم تفعل ما يكفى لضمان أمنهم وسلامتهم.
ويشير مراقبون إلى أن التطورات الأخيرة تؤكد أن باكستان تقف أمام تحدٍ استراتيجى كبير لا يهدد أمنها فحسب، بل استقرارها السياسى والاقتصادى أيضًا، خاصة فى ظل بيئة إقليمية مضطربة وصراعات دولية متشابكة تلقى بظلالها على الوضع الداخلى فى البلاد.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

السابق إتصال هاتفي بين وزير الخارجية ونظيره السعودي
التالى اتصال هاتفي بين وزير الخارجية والهجرة ونظيره السعودي