نظّمت مكتبة الإسكندرية، اليوم السبت، ندوة لمناقشة كتاب "بهية.. مستقبل الثقافة الرقمية في مصر"، وذلك ضمن فعاليات البرنامج الثقافي المصاحب للدورة العشرين من معرض مكتبة الإسكندرية الدولي للكتاب.
شارك في الندوة مؤلفا الكتاب: الدكتور محمد خليف، استشاري الإبتكار والتحول الرقمي، والمهندس زياد عبدالتواب، خبير التحول الرقمي وأمن المعلومات وعضو لجنة الثقافة الرقمية بالأعلى للثقافة، وأدار النقاش أحمد عصمت؛ استشاري تكنولوجيا الإعلام والتحول الرقمي.
مستقبل الثقافة الرقمية في مناقشات معرض مكتبة الإسكندرية للكتاب
في مستهل الندوة، وصف أحمد عصمت الكتاب بأنه يقدم تشريحًا عميقًا لمستقبل الثقافة الرقمية، ويضع خارطة طريق واضحة للتكامل بين التكنولوجيا والمجال الثقافي في مصر، مشيدًا بتبسيطه للمفاهيم المعقدة وتقديمها للجمهور بطريقة سلسة ومباشرة.
من جانبه، أكد الدكتور محمد خليف أن الكتاب يعكس رؤية شاملة لدمج الثقافة بالتكنولوجيا، مستعرضًا ملامح عبقرية مصر الثقافية الممتدة منذ الحضارة الفرعونية، وما تملكه من ثراء فني يمكن أن يتحول إلى مورد معرفي للأجيال القادمة عبر أدوات العصر الرقمي.
وأضاف أن الكتاب يسلط الضوء على أهمية إشراك فئة الشباب - التي تمثل أكثر من 60% من المجتمع المصري - في عملية التحول الرقمي الثقافي، لما يمتلكونه من قدرات تكنولوجية واستعداد لتبنّي أدوات المستقبل.
وأشار إلى أن كتاب "بهية.. مستقبل الثقافة الرقمية في مصر" يستلهم رؤية الدكتور طه حسين التي قدّمها في كتابه "مستقبل الثقافة في مصر" قبل أكثر من ثمانين عامًا، حيث يُعاد طرح هذه الرؤية بصيغة معاصرة تتلاءم مع التحديات التكنولوجية الراهنة، ويأتي ذلك من خلال تحليل دقيق للوضع الحالي، واستعراض الفرص والتحديات، وصولًا إلى وضع السياسات اللازمة لتعزيز التحول الرقمي الثقافي، أو ما يُعرف بـ"الثقافة الرقمية".
تأثير الذكاء الاصطناعي على المنتج الثقافي في مصر
عن تأثير الذكاء الاصطناعي على المنتج الثقافي، تحدث خليف عن التحديات التي تفرضها التطورات التكنولوجية على أنماط الإنتاج الثقافي، مشيرًا إلى تأثير الذكاء الاصطناعي على الأدب والإعلام والإعلان، حيث أصبحت البيانات الشخصية سلعة، وظهرت أنماط جديدة من المحتوى موجهة بدقة إلى الجمهور.
كما تطرق إلى مبادرة "ثقافة تك"، التي تهدف إلى نشر الوعي بالثقافة الرقمية عبر لقاءات حضورية ومحاضرات أونلاين، موجهة لفئات متعددة من المجتمع.
وقال إن مصر تمتلك العديد من المبادرات الوطنية لتأهيل الكوادر، والتي تسير على نهج الدول المتقدمة، مشيرًا إلى أن تأثير هذه المبادرات سيظهر بوضوح خلال السنوات المقبلة.
وأضاف خليف أن تحقيق التطور الرقمي الشامل يرتبط ارتباطًا وثيقًا بتوظيف تقنيات الذكاء الاصطناعي.
وعند سؤاله عن الحفاظ على الهوية الوطنية، شدد على ضرورة إنتاج محتوى عالي الجودة يرسّخ للتراث الثقافي، ويُقدَّم بأسلوب تكنولوجي يواكب العصر.
ردًا على الانتقادات الموجهة لتشكيل المجلس الأعلى للثقافة، أوضح أن هناك مستويين داخل المجلس: الأول يضم المستشارين المعنيين بوضع الرؤى والتخطيط الاستراتيجي، أما الثاني فيتمثل في اللجان التنفيذية التي تضم عددًا كبيرًا من الشباب، من بينها لجنة مختصة بالتحول الرقمي.
تطور وسائل الإنتاج عن طريق الذكاء الاصطناعي للمحتوى الرقمي
ومن جانبه، أوضح المهندس زياد عبد التواب أن فكرة الكتاب جاءت استجابة للمتغيرات المتسارعة في المشهد الثقافي العالمي.
واستعرض تطور وسائل إنتاج وتلقي الثقافة من الكتاب الورقي إلى المحتوى الرقمي التفاعلي على وسائل التواصل الاجتماعي، وصولاً إلى المحتوى المُنتَج بالذكاء الاصطناعي.
وعن تأثير الذكاء الاصطناعي، أشار عبد التواب إلى أن الذكاء الاصطناعي لن يلغي دور الإنسان أو يزيح الإبداع البشري، بل سيكون أداة مساعدة للمبدعين، مشددًا على أن الثقافة الرقمية تمثل مستقبلًا واعدًا.
وأشار إلى أن الكتاب يدعو إلى إدماج الذكاء الاصطناعي في العملية التعليمية، لأنه يمكن أن يسهم في تحسين جودة المحتوى وتخصيص التجربة التعليمية بما يتماشى مع احتياجات كل طالب.
الثقافة الرقمية وتأثيرها في الاقتصاد الوطني المصري
عن مساهمة الثقافة في الاقتصاد الوطني، أكد أن الثقافة الرقمية تتيح فرصًا جديدة لاكتشاف المواهب، وتوسيع سوق الإنتاج الثقافي، مضيفا أن من الضروري النظر إلى الثقافة باعتبارها صناعة تساهم في الاقتصاد الوطني من خلال استغلال التراث الثقافي والمبدعين.
وأكد أن مستقبل الثقافة في مصر مرهون بقدرتها على التفاعل مع التحول الرقمي، مؤكدًا أن نجاح هذا التحول يعتمد على تكاتف جميع الجهات المعنية، بما في ذلك المجتمع المدني والمتخصصين في التكنولوجيا.
وعند سؤاله عن الحفاظ على الهوية الوطنية، أوضح أن التكنولوجيا تُعد وسيلة لنقل المنتج الثقافي، مؤكدًا أن الأهم هو تقديم محتوى جذاب في العالم الرقمي، بما يسهم في جذب الجيل الجديد، ويساعد في الحفاظ على العادات والتقاليد الأصيلة للشعوب العربية.
وعن التعامل الخاطئ مع الذكاء الاصطناعي، أكد على ضرورة توعية المواطنين بشكل مكثف بكيفية استخدامه، مشددًا على أهمية عدم الاعتماد عليه كمصدر وحيد للمعلومات، وموضحًا أن البحث والتدقيق ضروريان حتى لا يُلغى دور العقل البشري في التحقق والفهم.
فعاليات معرض مكتبة الاسكندرية الدولي للكتاب
يُذكر أن معرض مكتبة الإسكندرية الدولي للكتاب يُقام بالتعاون مع الهيئة المصرية العامة للكتاب، واتحاد الناشرين المصريين والعرب، بمشاركة 79 دار نشر مصرية وعربية تقدم أحدث إصداراتها بخصومات مميزة.
كما يشهد المعرض أكثر من 215 فعالية ثقافية بمشاركة نحو 800 مفكر ومثقف، بالإضافة إلى أنشطة موازية تقام في كل من بيت السناري بالسيدة زينب وقصر خديجة بحلوان.




