في خطوة أثارت جدلًا واسعًا، أعلنت مليشيات الحوثي يوم الثلاثاء، عن طرح عملة ورقية جديدة للتداول، في استمرار لخطواتها الأحادية التي تُعدّ تصعيدًا خطيرًا في الملف الاقتصادي اليمني.
البيان الصادر عن البنك المركزي التابع للمليشيات في صنعاء كشف طرح "الإصدار الثاني من الورقة النقدية فئة 200 ريال"، اعتبارًا من الأربعاء 16 يوليو 2025، وذلك بعد أيام فقط من إصدار عملة معدنية فئة 50 ريالًا.
العملات "المزوّرة": رفض رسمي وتحذيرات شديدة

في المقابل، رفض البنك المركزي اليمني المعترف به دوليًا هذه الخطوة، ووصف العملات الجديدة – الورقية والمعدنية – بأنها "مزوّرة وغير قانونية"، مؤكدًا أنها تُمثل خرقًا واضحًا للاتفاق الأممي بشأن الملف الاقتصادي الصادر في 23 يوليو 2024.
وحذّر البنك جميع المواطنين والبنوك وشركات الصرافة وقطاع الأعمال في مناطق سيطرة الحوثيين من التعامل بهذه العملات، لما قد يعرّضهم إلى العقوبات القانونية، وذلك لسببين رئيسيين:
- أولًا: التعامل بعملة مزوّرة صادرة عن كيان غير شرعي.
- ثانيًا: التعامل مع جماعة مصنّفة على قوائم الإرهاب العالمي.
الانقسام الاقتصادي يشتد: العملة أداة حرب
ومن الجدير بالذكر أن هذه ليست المرة الأولى التي تُقدم فيها مليشيات الحوثي على سكّ أو طباعة عملات، فقد طرحت في يوليو 2024 عملة معدنية فئة 100 ريال، وقبل أيام طرحت فئة 50 ريالًا معدنية، في مؤشر واضح على مساعيها لبناء اقتصاد موازٍ.
ويرى خبراء اقتصاديون أن هذه الإجراءات تُكرّس الانقسام المالي والنقدي في البلاد، وتُعمّق الأزمة السياسية والاقتصادية، إذ تستهدف المليشيات من خلالها ابتزاز الحكومة الشرعية وتقويض أي محاولات لاستعادة الاستقرار.
أهداف خفية خلف العملة الجديدة: تمويل العجز وبناء اقتصاد بديل
حسب محللين، فإن الغرض من هذه الإصدارات النقدية ليس فقط استبدال العملة التالفة، كما تزعم المليشيات، بل يهدف إلى تمويل العجز في الموازنة العامة تحت غطاء "حلّ مشكلة التالف" وتوسيع السيطرة المالية عبر فرض أمر واقع اقتصادي جديد وتشويه السياسة النقدية الوطنية وضرب الثقة بالعملة اليمنية.
ويؤكد الخبراء أن الاستمرار في طباعة العملة خارج النظام المالي الشرعي يُضرّ بالاقتصاد الوطني، ويزيد من معدلات التضخم ويفاقم أزمة الثقة في الجهاز المصرفي اليمني.
التوقيت الحسّاس: بعد العقوبات الأمريكية واستعداد البنوك للانتقال
تأتي هذه التطورات بعد العقوبات الأمريكية المفروضة على قيادات حوثية ومؤسسات مالية مرتبطة بها، وفي وقتٍ تستعد فيه بنوك يمنية للنقل الكامل إلى عدن، العاصمة المؤقتة، لتفادي تأثيرات الخطوات الحوثية غير القانونية.
أزمة متفاقمة في غياب حلول شاملة
في ظل استمرار الحوثيين في اتخاذ قرارات اقتصادية أحادية الجانب، وغياب أي إطار وطني جامع للسياسة النقدية، يبدو أن الانقسام الاقتصادي في اليمن مرشّح للتصاعد، ما يُنذر بمخاطر كارثية تطال المواطن اليمني أولًا، وتُهدد مستقبل الاستقرار المالي في البلاد.
إخلاء مسؤولية إن موقع عاجل الإخباري يعمل بطريقة آلية دون تدخل بشري،ولذلك فإن جميع المقالات والاخبار والتعليقات المنشوره في الموقع مسؤولية أصحابها وإداره الموقع لا تتحمل أي مسؤولية أدبية او قانونية عن محتوى الموقع.