شهد عام 2024 تطورات كبيرة بقطاعات الكهرباء والطاقة المتجددة والهيدروجين الأخضر في سلطنة عمان، مع توجه حكومي واضح نحو ترسيخ الاستدامة وتنويع مصادر الطاقة وتعزيز الأمن الطاقي للبلاد.
وواصلت سلطنة عمان جهودها لخفض الانبعاثات الكربونية وتوسيع قدراتها الإنتاجية من الكهرباء بالاعتماد على الغاز الطبيعي والطاقة المتجددة، بالتوازي مع دخول الهيدروجين الأخضر إلى خريطة الاستثمار الوطني.
ووفقًا لتقرير اطّلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)، سجّل قطاع الكهرباء نموًا ملحوظًا في 2024 على مستوى الإنتاج والسعة الإجمالية والاستهلاك، في حين تقدّمت مشروعات الطاقة المتجددة بخطى ثابتة نحو التنفيذ، إلى جانب توقيع عدة اتفاقيات رئيسة بمجال الهيدروجين الأخضر في سلطنة عمان.
ويُعد هذا المسار بمثابة خطوة مهمة نحو تحقيق أهداف رؤية عُمان 2040، التي تركّز على تنويع مصادر الدخل وتعزيز مساهمة القطاعات غير النفطية في الاقتصاد الوطني، وعلى رأسها قطاع الطاقة منخفضة الكربون.
إنتاج الكهرباء في سلطنة عمان
بلغ إجمالي إنتاج الكهرباء في سلطنة عمان خلال عام 2024 نحو 49.1 تيراواط/ساعة، بزيادة 9% مقارنة بعام 2023، الذي سجل 45 تيراواط/ساعة.
وجاء الغاز الطبيعي في صدارة مصادر الإنتاج، إذ شكّل 91% من إجمالي الطاقة المولدة، بإنتاج بلغ 44.8 تيراواط/ساعة.
في المقابل، بلغ إنتاج الكهرباء من مصادر الطاقة المتجددة، بما في ذلك الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، نحو 2.4 تيراواط/ساعة، بزيادة تُقدّر بـ9% مقارنة بالعام السابق.

وبلغ إنتاج الطاقة الشمسية 2.3 تيراواط/ساعة، في حين استقر إنتاج طاقة الرياح عند 0.1 تيراواط/ساعة، بحسب ما طالعته منصة الطاقة المتخصصة.
أما إجمالي الاستهلاك من الغاز الطبيعي لتوليد الكهرباء فقد ارتفع إلى 9,162.6 مليون متر مكعب، مقابل 8,402.3 مليون متر مكعب في 2023، كما انخفض استهلاك الديزل من 185.5 إلى 163.6 مليون لتر.
مشروعات الكهرباء في سلطنة عمان
واصلت سلطنة عمان تنفيذ مشروعات بنية تحتية كهربائية ذات طابع إستراتيجي، أبرزها مشروع الربط الكهربائي بين شمال السلطنة وجنوبها (المرحلة الثانية - الدقم إلى الجنوب)، بسعة 400 كيلوفولت وطول 550 كيلومترًا، بنسبة إنجاز بلغت 11%، مع توقعات بالانتهاء منه في ديسمبر/كانون الأول 2026.
كما تقدّمت الأعمال في مشروع ربط جزيرة مصيرة بالشبكة الكهربائية الرئيسة بقدرة 132/400 كيلوفولت، بنسبة إنجاز 30%، ومن المتوقع الانتهاء منه في يونيو/حزيران 2026.
وعلى مستوى التحديث التقني، أحرز المشروع الوطني للعدادات الذكية تقدمًا ملحوظًا، إذ بلغ معدل الإنجاز نحو 75%، ويستهدف استبدال العدادات التقليدية والاعتماد على أخرى ذكية في مختلف أنحاء السلطنة بحلول نهاية 2026.

الطاقة المتجددة في سلطنة عمان
في سياق موازٍ، تعوّل سلطنة عمان على مشروعات الطاقة المتجددة لتقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري وتوفير الغاز الطبيعي المستعمل في توليد الكهرباء.
وتهدف الخطط الحالية إلى تعزيز سلسلة التوريد المحلية عبر التصنيع الوطني للألواح الكهروضوئية وتوربينات الرياح، بما يدعم الاستقلالية الطاقية.
ومن أبرز هذه المشروعات، محطة "الشمال للطاقة الشمسية" التي تُنفّذ بالشراكة بين شركات تنمية نفط عُمان وأوكيو وتوتال إنرجي، بقدرة 100 ميغاواط، ومن المتوقع أن تبدأ البناء في 2025 وتدخل حيز التشغيل أواخر 2026.
وتُقدَّر مساهمة المشروع في خفض الانبعاثات بنحو 220 ألف طن من ثاني أكسيد الكربون سنويًا.
كما يتوقع أن يسهم مشروعا "رياح 1" و"رياح 2" في منطقتَي أمين ونمر الجنوبي، بقدرة إجمالية 200 ميغاواط، في تقليل الانبعاثات بأكثر من 740 ألف طن سنويًا.
وفي ولاية منح بمحافظة الداخلية، طوّرت السلطنة مشروعين رئيسين للطاقة الشمسية: "منح 2" بقدرة 500 ميغاواط، الذي بدأ التشغيل في ديسمبر/كانون الأول 2024، و"منح 1" بالقدرة نفسها، الذي دخل حيز التشغيل في يناير/كانون الثاني 2025.
ويُنتظر أن تُسهم هذه المشروعات مجتمعة في تقليل الانبعاثات بما يفوق 1.4 مليون طن سنويًا.

استثمارات الهيدروجين الأخضر في سلطنة عمان
برز الهيدروجين الأخضر في سلطنة عمان بوصفه أحد الأعمدة الجديدة ضمن إستراتيجية التحول الطاقي، مع توقيع 8 اتفاقيات رئيسة لإنتاجه خلال عام 2024، بينها 5 اتفاقيات في ولاية الدقم و3 في ولاية ظفار.
وبحسب البيانات الرسمية، تُقدّر المساحة المخصصة لمناطق الطاقة المتجددة في السلطنة بنحو 65 ألف كيلومتر مربع، تشمل 15 ألف كيلومتر مخصصة للطاقة الشمسية، و50 ألف كيلومتر لطاقة الرياح والشمس معًا.
وفي محافظة ظفار، تقود تحالفات دولية كبرى جهود تطوير بعض أبرز مشروعات الهيدروجين الأخضر في سلطنة عمان، من بينها تحالف يجمع "إي دي إف" الفرنسية (EDF) ، وشركة جي باور، وشركة يامنة، بطاقة إنتاجية تصل إلى 178 كيلوطن سنويًا، إضافة إلى تحالف ثانٍ بين شركة أكتس وفورتسكيو، بقدرة تبلغ 200 كيلوطن سنويًا.
ووقّعت شركة هيدروجين عُمان "هايدروم" مشروعين تطويريين في محافظتَي الدقم وظفار، بإجمالي استثمارات يُتوقع أن يصل إلى 11 مليار دولار أميركي، وقدرة إنتاجية إجمالية تبلغ 378 كيلوطن سنويًا حتى الآن.
مستقبل الطاقة منخفضة الكربون في سلطنة عمان
مع تسارع وتيرة تنفيذ المشروعات وتوسيع نطاق الاتفاقيات، تمضي سلطنة عمان بخطى ثابتة نحو ترسيخ مكانتها بصفتها مركزًا إقليميًا للطاقة النظيفة، ولا سيما في مجالي الطاقة المتجددة والهيدروجين الأخضر.
ويعكس أداء عام 2024 توجهًا إستراتيجيًا لخفض الانبعاثات، وتنويع مصادر الطاقة، وتحقيق الاستفادة الاقتصادية والبيئية القصوى من موارد السلطنة، بما يتماشى مع أهداف التنمية المستدامة وأجندة رؤية عمان 2040.
موضوعات متعلقة..
اقرأ أيضًا..
المصدر..