بين الهدوء المؤقت والتصعيد المحتمل، يقف العالم على أعتاب مرحلة تجارية جديدة، فيما تتجه الأنظار نحو التاسع من يوليو، موعد انتهاء التجميد المؤقت للرسوم الجمركية الأمريكية، والذي فرضته إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب كفرصة أخيرة لإعادة رسم قواعد التجارة الدولية.
لكن ما يبدو في ظاهره قرارًا سياسيًا داخليًا، يحمل في طياته تداعيات اقتصادية تتجاوز حدود واشنطن، فهذه التوترات تضع أسعار الذهب في قلب المشهد الاقتصادي، باعتبارها المؤشر الأوضح على اتجاهات التوتر أو الانفراجة في العلاقات التجارية الدولية.
تأثير هدنة الرسوم الجمركية على أسعار الذهب عالميا
وارتباط أسعار الذهب بالتطورات الجيوسياسية والتجارية ليس أمرًا جديدًا، لكن حدة التذبذب التي شهدتها الأسواق خلال الأشهر الثلاثة الماضية، بالتزامن مع الهدنة الجمركية المؤقتة، أكدت مجددًا أن قرارات البيت الأبيض لم تعد محلية التأثير، بل باتت تمس منظومة الاقتصاد العالمي برمتها، وتعيد تشكيل حركة المعادن النفيسة، وفي مقدمتها الذهب.
تستعد الأسواق العالمية هذا الأسبوع لاستقبال قرارات حاسمة من البيت الأبيض، مع انتهاء المهلة البالغة 90 يومًا التي منحتها واشنطن لشركائها التجاريين لإعادة التفاوض بشأن شروط التجارة. وبينما تتصاعد التوقعات حول إمكانية إعلان اتفاقات جديدة مع دول مثل الصين والمملكة المتحدة وفيتنام، يظل الغموض يكتنف ملفات كبرى كالعلاقة مع الاتحاد الأوروبي، وهو ما يزيد من توتر الأسواق ويجعل حركة الذهب شديدة الارتباط بأي تغيير في نبرة التصريحات أو لغة البيانات الرسمية.
طفرة في أسعار الذهب بسبب الحرب التجارية
وفي هذا السياق، قال لطفي المنيب، نائب رئيس شعبة الذهب، إن مسار أسعار الذهب خلال السنوات الأخيرة يعكس بدقة خريطة الصراعات الاقتصادية العالمية، مشيرًا إلى أن الأوقية كانت تتداول عند 2600 دولار مع بداية فترة حكم ترامب، قبل أن تشتعل الحرب التجارية مع الصين، لتفرض واشنطن رسومًا على الواردات الصينية بنسبة 145%، وترد بكين برسوم مضادة بلغت 125%، ما دفع الأوقية إلى القفز إلى مستوى 3500 دولار.
وأضاف المنيب، في تصريحات خاصة لـ بانكير، أن الإعلان عن هدنة تجارية تستمرت 90 يومًا بين الطرفين، تنتهي في 9 يوليو الجاري، ساهم في امتصاص بعض الضغوط، لتتراجع الأسعار إلى حدود 3200 دولار، وتهبط أحيانًا دون هذا المستوى، انتظارًا لما ستسفر عنه المفاوضات.
ماذا يحدث لأسعار الذهب بعد 9 يوليو؟
وتبدو الاحتمالات منقسمة، لكن المؤكد – بحسب المنيب – أن ما بعد 9 يوليو لن يشبه ما قبله، فإذا نجحت الولايات المتحدة في إبرام اتفاقات تجارية جديدة، تتضمن خفضًا فعليًا للرسوم الجمركية إلى ما دون 25%، فقد تتراجع أسعار الذهب لتقترب من مستوى 3000 دولار للأوقية، أما إذا انهارت المحادثات، أو عاد خطاب التصعيد، فالسوق على موعد مع موجة صعود جديدة قد تتجاوز فيها الأوقية 3500 دولار، وربما أكثر.
تأثير تصاعد الحرب التجارية على أسعار الذهب في مصر
ويشدد نائب رئيس شعبة الذهب على أن السوق المحلي في مصر شديد الحساسية لأي تحرك عالمي في أسعار الذهب، نظرًا لارتباطه المباشر ببورصات المعادن الدولية، مؤكدا على أن أي تهدئة في المشهد العالمي، خاصة إذا تزامنت مع استقرار في سعر صرف الدولار محليًا، ستقود إلى ثبات أو انخفاض طفيف في أسعار الذهب في مصر.
وأضاف: "الذهب في مصر يتنفس مع البورصة العالمية، وقرار ترامب المقبل قد يحدد ما إذا كانت الأسواق ستدخل في موجة صعود، أم تتجه إلى الهدوء الحذر".
السيناريو المتوقع حدوثه لـ أسعار الذهب بعد 9 يوليو
ورغم ضبابية الموقف، لا يخفي المنيب تفاؤله بإمكانية حدوث انفراجة شاملة، قائلا: "إذا نجحت واشنطن في بناء أرضية مشتركة مع الصين والاتحاد الأوروبي، فقد تشهد الأسواق استقرارا واسع النطاق، وهو ما سيقود إلى تراجع نسبي في أسعار الذهب عالميًا، وينعكس بدوره على السوق المحلي"، مختتما حديثه بالتأكيد على أن 9 يوليو سيكون شهر الحسم، وسيمثل نقطة تحول محورية على مستوى الأسواق العالمية والمحلية معًا.
وهكذا، لا يبدو الذهب مجرد معدن نفيس في هذه المرحلة، بل أصبح مؤشراً فورياً لحالة الاقتصاد العالمي، وقرار ترامب المنتظر لن يحدد فقط شكل السياسة التجارية لأمريكا، بل قد يعيد تشكيل خريطة الأسواق العالمية، ويطلق موجات صعود أو هبوط في أسعار الذهب لا تقف عند حدود نيويورك أو بكين، بل تمتد لتصل إلى محال الصاغة في القاهرة.
إخلاء مسؤولية إن موقع عاجل الإخباري يعمل بطريقة آلية دون تدخل بشري،ولذلك فإن جميع المقالات والاخبار والتعليقات المنشوره في الموقع مسؤولية أصحابها وإداره الموقع لا تتحمل أي مسؤولية أدبية او قانونية عن محتوى الموقع.
