كشف الدكتور عباس شراقي، أستاذ الجيولوجيا والموارد المائية بجامعة القاهرة تفاصيل الملء الأول لسد النهضة الإثيوبي وتأثيراته على مصر، مؤكدًا أن السد العالي والسياسات المائية المصرية الحكيمة حميا البلاد من أي أضرار جسيمة.
الملء الأول لسد النهضة| حقائق وأرقام
وأوضح شراقي، في تدوينة له عبر صفحته الشخصية على موقع التواصل الإجتماعي فيسبوك، أن الملء الأول لسد النهضة اكتمل بعد تخزين 60 مليار متر مكعب من المياه على مدار خمس سنوات (2020 – 2024)، وقد وصل منسوب المياه في سد النهضة إلى 638 مترًا فوق سطح البحر، وهو ما يقل بمترين فقط عن أعلى مستوى للممر الأوسط (640 مترًا) للحفاظ على سلامة سد النهضة.
وأشار شراقي، إلى أن السعة القصوى الحالية لسد النهضة تبلغ 64 مليار متر مكعب نتيجة لإنشاء الممر الأوسط منخفضًا بخمسة أمتار عن الجانبين، ولفت إلى أن السعة القصوى لسد النهضة عند منسوب 645 مترًا في حالة عدم وجود الممر الأوسط كانت ستبلغ 74 مليار متر مكعب.
إيراد النيل الأزرق
وفند شراقي الادعاءات غير العلمية بخصوص إيراد النيل الأزرق خلال فترة الملء، مؤكدًا أن متوسط الإيراد السنوي للنيل الأزرق خلال 84 عامًا (1911 – 1995) هو 50 مليار متر مكعب، وهو ما يشكل 60% من إيراد نهر النيل عند أسوان (84 مليار متر مكعب)، وشدد على أنه حتى في أقصى سنوات الفيضان، لا يتعدى الإيراد 61 مليار متر مكعب، وهو ما لم يحدث طوال فترة التخزين، بل كان الإيراد أعلى قليلًا من المتوسط (أقل من 55 مليار متر مكعب).
ونفى شراقي، بشدة الادعاءات التي لا تستند إلى أساس علمي بأن إيراد النيل الأزرق السنوي طوال فترة ملء سد النهضة كان 75 مليار متر مكعب، وأن هذا هو سبب عدم تأثر مصر، واستذكر الترويجات التي صاحبت السنوات الأولى من الملء، والتي كانت تتنبأ بتوقف مليوني فدان عن الزراعة، وانخفاض منسوب المياه الجوفية، وزيادة ملوحة التربة الزراعية، وتهجم مياه البخر على الدلتا، وفقدان 10 ملايين مزارع لرزقهم مما سيضطرهم إلى الهجرة غير الشرعية، مؤكدًا أن كل هذه التنبؤات لم تتحقق.

درع مصر المائي| دور السد العالي والمشروعات المائية المصرية
وأكد شراقي، أن السد العالي كان الدرع الحامي لمصر من الملء الذي تم في السنوات الماضية، بما في ذلك التخزين الذي تم قبل سد النهضة، وأشار إلى أن ترشيد الاستهلاك ساهم بشكل كبير في توفير جزء من المياه يضاف إلى الاحتياطي الاستراتيجي.
وقال شراقي، إن جهود إعادة استخدام المياه ساهمت بشكل فعال، حيث تم إعادة استخدام حوالي 25 مليار متر مكعب من مياه الصرف الزراعي، منها 8 مليارات متر مكعب من المياه الجوفية في الوادي والدلتا، و17 مليار متر مكعب من المصارف الزراعية السطحية.
وأضاف شراقي، أن تشييد محطات معالجة مياه الصرف الزراعي، وتحديد مساحة زراعة الأرز بـ1.1 مليون فدان وعدم زيادتها (رغم أنها وصلت إلى 2.5 مليون فدان عام 2008 وكان عدد السكان أقل بأكثر من 20 مليون نسمة)، وتطوير ري بعض الأراضي الزراعية إلى الري الحديث، وبطين الترع، واستبدال جزء من زراعة قصب السكر ببنجر السكر، ومنع زراعة الموز في بعض الأماكن، ومشروع 100 ألف فدان صوب زراعية، وغيرها من المشروعات، كلها عوامل لعبت دورًا محوريًا.
وأوضح شراقي، أن هذه المشروعات لم تكن بسبب سد النهضة فقط، ولكن كان للسد دور كبير في الإسراع بتنفيذها وتحميل ميزانية الدولة أكثر من 500 مليار جنيه في المشروعات المائية، وذلك لضمان عدم وصول ضرر سد النهضة إلى المواطن.
واختتم الدكتور شراقي تدوينته بالدعاء لمصر وسدها العالي، وبالشكر لكل من عمل بإخلاص من أجلها.