أخبار عاجلة

بين تقارب واشنطن ودمشق وتراجع التمويل.. مستقبل "قسد" على مفترق طرق

بين تقارب واشنطن ودمشق وتراجع التمويل.. مستقبل "قسد" على مفترق طرق
بين تقارب واشنطن ودمشق وتراجع التمويل.. مستقبل "قسد" على مفترق طرق
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

في خضم تغيرات دراماتيكية في المشهد السوري، واتجاه واشنطن نحو تقارب سياسي مع دمشق، يبرز خفض وزارة الدفاع الأمريكية لمخصصات دعم شركائها المحليين في سوريا كعلامة فارقة تحمل في طياتها أبعادًا إستراتيجية تتجاوز الجوانب المالية.

ففي ميزانية عام 2026، خصص البنتاغون 130 مليون دولار فقط لدعم قوات سوريا الديمقراطية (قسد) و"جيش سوريا الحرة"، مقارنة بـ147 مليون دولار في 2024 و156 مليوناً في 2023. هذا التراجع، وإن بدا تدريجيًا، إلا أنه يأتي متزامنًا مع اندماج "جيش سوريا الحرة" في صفوف الجيش السوري، ومع بدء أولى خطوات دمج "قسد" في مؤسسات الدولة، ما يعكس تحولات كبرى في قواعد الاشتباك الجيوسياسي.

اللقاء الذي جمع الرئيسين الأمريكي دونالد ترامب والسوري أحمد الشرع في الرياض، برعاية سعودية، شكّل نقطة تحول في العلاقات بين البلدين، خاصة مع ما تلاه من رفع العقوبات عن دمشق وإزالة "هيئة تحرير الشام" من قائمة الإرهاب. كل ذلك ساهم في خلق بيئة سياسية جديدة تدفع واشنطن نحو إستراتيجية "التحول من الشركاء المحليين إلى الشركاء الحكوميين"، وهو تحول يضع "قسد" أمام تحديات غير مسبوقة.

التمويل.. أداة ضغط أم استمرار دعم مشروط؟

رغم الانخفاض في حجم التمويل، تصر وزارة الدفاع الأمريكية، أن دعمها لقسد لا يزال ضرورياً لمحاربة تنظيم داعش، محذرة الكونغرس من أن غياب التمويل سيقوّض القدرة على احتواء التنظيم، خاصة في مناطق حساسة مثل البادية السورية ومحيط مخيم الهول، حيث لا يزال التنظيم ينشط ويحتفظ بأكبر كتلة من مقاتليه عالمياً.

غير أن دمشق، من جهتها، تعتبر أن استمرار الدعم الأمريكي لقسد يعقّد مسار اندماجها في مؤسسات الدولة، ويمنحها نفوذاً تفاوضياً إضافياً، خاصة مع استمرار سيطرة القوات الكردية على أهم حقول النفط والغاز والمناطق الزراعية الحيوية في الشمال الشرقي.

"قسد" بين واشنطن ودمشق

في هذا السياق، يرى محمود حبيب، الناطق باسم "لواء الشمال الديمقراطي"، أن التمويل الأمريكي لا يرتبط بحجم القوات الأميركية على الأرض، بل يتعلق ببرامج التدريب وتحسين ظروف الاعتقال. ويعتبر أن القرار يحمل دلالة على التمسك بالشراكة، حتى مع تصاعد التوقعات بانسحاب جزئي لقوات التحالف من شرق الفرات.

لكن هذا التمويل، حسب دمشق، قد يكون موجهاً بالأساس إلى "جيش سوريا الحرة" الذي أصبح تحت مظلة وزارة الدفاع السورية، وهو ما يطرح سؤالاً جوهرياً: هل ستقبل واشنطن بتحوّل "قسد" إلى ذراع داخل المؤسسة العسكرية السورية، مع الحفاظ على استقلالية نسبية؟ أم أن هذا التحول يُعد خطوة تمهيدية لإنهاء دورها المستقل نهائياً؟

رؤية كردية وقلق تركي

من جهة أخرى، حذر بسام إسحاق، ممثل "مجلس سوريا الديمقراطية" في واشنطن، من تجاهل البُعد السياسي في هذا التمويل، مؤكداً أنه يعكس إصراراً أميركياً على منع داعش من ملء أي فراغ أمني محتمل في أعقاب سقوط نظام الأسد. لكنه أقر بأن استمرار الدعم دون إطار تنسيقي واضح مع الحكومة الجديدة قد يؤجج التوترات مع دمشق، ويثير قلق أنقرة التي ترى في قسد تهديداً دائماً لأمنها القومي.

نحو صيغة جديدة للتعاون؟

مع إعلان البنتاغون الإبقاء على 1500 جندي أمريكي في سوريا، ونفي أي نية فورية للانسحاب، تبدو واشنطن أمام خيار مركب: مواصلة التعاون مع شركائها المحليين، وفي الوقت ذاته، بناء علاقات أمنية جديدة مع دمشق تراعي المتغيرات السياسية. ويكمن التحدي في ابتكار صيغة تضمن استمرار مكافحة الإرهاب دون تعطيل المسار السياسي السوري، أو تعميق الشكوك التركية.

وفي النهاية، يقف ملف "قسد" عند تقاطع مسارات متداخلة: الانخراط في مؤسسات الدولة، أو الحفاظ على استقلالية مشروطة بالدعم الأميركي، أو الدخول في مواجهة سياسية مع دمشق التي لا تنظر بعين الارتياح لهذا التمويل المستمر.

ما يبدو أكيدًا أن الأشهر المقبلة ستشهد إعادة ترسيم العلاقة بين واشنطن، و"قسد"، ودمشق، في إطار مشهد إقليمي يعاد تشكيله على إيقاع التسويات الجديدة والتحالفات المتغيرة.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

السابق رئيس المحكمة الدستورية يزور النيابة الإدارية لتهنئة رئيس الهيئة بمنصبه الجديد
التالى جهاز تنمية المشروعات يتعاون مع لجنة المشروعات الصغيرة بمجلس النواب