أخبار عاجلة

في سوق الأسهم: الاعتراف بالخطأ يأتي أولاً قبل تحقيق الربح

في سوق الأسهم: الاعتراف بالخطأ يأتي أولاً قبل تحقيق الربح
في
سوق
الأسهم:
الاعتراف
بالخطأ
يأتي
أولاً
قبل
تحقيق
الربح

لاشك أن أسواق الأسهم من المجالات التي تحتاج لتجربة عملية كي يتيقن الشخص من قدرته على النجاح بها من عدمه، فبعد الإلمام بالمعارف الرئيسية اللازمة للتداول، يكون عليه اختبار قدراته النفسية على اتخاذ القرارات في السوق مع تجنب تأثر حكمه المنطقي بضغوط السوق وتقلبات الأسعار فيه.

 

ولذلك فإنه بعد الانخراط في السوق بشكل عملي، يكتشف العديد من المتداولين نقاط الضعف التي تحول بينهم وبين تحقيق النجاح في السوق، سواء كانت نقص المعرفة التقنية والاقتصادية، أو القدرات النفسية للتداول في السوق بشكل كفء، ويفوز فقط من يعمل على تلافي نقاط الضعف تلك والاعتراف بأخطائه في السوق.

 

 

ديفيدس.. من تنظيف النوافذ للتداول الفعال

 

تشير الإحصائيات دومًا إلى أن 1% فقط من المتداولين الفرديين يحققون أرباحًا بعد التداول لـ5 أعوام بينما يخسر 97% وتخرج النسبة الباقية برؤوس أموالها بلا نقصان أو زيادة لتعتبر خاسرة لتكلفة الفرصة البديلة على الأقل بما يجعل مراجعة الأخطاء والاعتراف بها أمرًا حيويًا في السوق.

 

للاطلاع على المزيد من المواضيع والتقارير في صفحة مختارات أرقام

 

وسنضرب بعض الأمثلة بمتداولين "عاديين" وليسوا من كبار المتداولين صححوا أخطاءهم في السوق، ومنهم "جارات ديفيس"، وهو بريطاني بدأ مسيرته بخسارة 50,000 دولار جمعها من أصدقائه وعائلته بعد اتباعه توصيات متداولين غير موثوقين، بما جعله مديونًا للكثير من المقربين واقترب من الحاجة لبيع بعض أملاكه للسداد.

 

والشاهد أن "ديفيس" لم يبدأ حياته المهنية في الأسواق المالية، بل كان يعمل في وظائف بسيطة مثل تنظيف النوافذ، وفي بداياته في التداول، لم يكن يمتلك أي خلفية أكاديمية في الاقتصاد أو التمويل، بل اعتمد على التعلم الذاتي، ولذلك وقع في فخ أنظمة التداول الجاهزة، فكان يتبع نظامًا، يختبره، ثم يفشل في السوق الحقيقي، ليبدأ من جديد في البحث عن نظام آخر، وهكذا حتى تفاقمت خسائره.

 

بعد هذه الخسارة اعترف "ديفيس" بخطئه وبدأ التداول من جديد، ولكن هذه المرة بدأ متسلحًا بالتعلم من متداول محترف في بنك استثماري، هذا التحول جعله يحقق نجاحًا لافتًا وأصبح لاحقًا مديرًا لصندوق استثماري مرخص في بريطانيا، وحقق أرباحًا وصلت إلى 10 ملايين دولار في بعض الأيام -لصالح البنك الذي يعمل له- في انتقال واضح من الخسارة إلى الربح.

 

 

ولم يصل ديفيس إلى هذا الرقم بسرعة أو بسهولة ولكن نتائجه الإيجابية في السوق جذبت انتباه صندوق تحوط صغير في هونغ كونغ ودفعته لتوظيف ديفيس، وخلال ستة أشهر فقط، حصل على أول حساب بقيمة مليون دولار، وتمت ترقيته إلى رئيس قسم تداول العملات الأجنبية، حتى إنه في عام 2008، تم تصنيفه كثاني أفضل متداول فوركس في العالم من قبل بنك "بركليز" بناء على نتائجه الواقعية في السوق.

 

وفي عام 2018، قرر ديفيس التقاعد من التداول سواء للأسهم أو العملات، وبدأ في شراء الشركات الصغيرة والمتعثرة ماليًا، واعتمد على نفس المبادئ التي تعلمها من التداول: التحليل العميق، إدارة المخاطر، والانضباط، إذ يركز على خلق قيمة طويلة الأجل من خلال إعادة هيكلة هذه الشركات، بعيدًا عن تقلبات الأسواق المالية.

 

لا لانتظار الأرباح اليومية

 

وتبرز قصة "جوناثان مورغان" كمثال حي آخر على أن الاعتراف بالخطأ حجر الأساس لبناء مسيرة مهنية ناجحة في الأسواق المالية.

 

فـ"مورغان" لم يكن غريبًا عن الأسواق عندما بدأ التداول، إذ سبق له العمل كمحلل لأسواق المال ولكن دون أن يخوض تجربة التداول بنفسه، ولكنه رغم خبرته، خسر حسابين كبيرين يحتويان على مبالغ ضخمة، ولم يُفصح عن الأرقام الدقيقة، لكن وصف الخسائر بأنها "كبيرة بما يكفي لتدمير الثقة بالنفس".

 

وخلافًا لحالة "ديفيدس" لم تكن هذه الخسائر نتيجة جهل، بل بسبب الإفراط في الثقة، وعدم الالتزام الصارم بإدارة المخاطر، وكان مورغان صريحًا مع نفسه ومع من حوله، ولم يلقِ اللوم على السوق أو الظروف، بل اعترف بأن قراراته كانت السبب.

 

هذا الاعتراف كان نقطة التحول، حيث بدأ في مراجعة استراتيجياته، وتوثيق كل صفقة، وتحليل الأخطاء بدقة، بل واستعان بزوجته كداعم مالي للأسرة وشاركته مراجعة الصفقات لتدعم قراراته أو تناقشه فيها، ووصف "مورغان" الدور الاستشاري لزوجته في أنه كان محوريًا في الانتقال من مرحلة الخسائر إلى المكاسب، لأن توافر "صوت آخر" من شأنه تصحيح الكثير من القرارات أو دعمها.

 

وكان الخطأ الذي اعترف به "مورغان" بعد فترة من التقييم الذاتي، هو التركيز على  فكرة تحقيق أرباح يومية ثابتة، أيًا كان حالة السوق، وبدأ في المقابل في التركيز على "الفرص الجيدة فقط"، حتى لو كانت قليلة، وهذا التغيير في العقلية جعله أهدأ، وأقل عرضة للقرارات العاطفية.

 

 

ويضع "مورغان" قواعده هنا:

 

عدم تحديد هدف ربحي يومي: السوق لا يقدم فرصًا متساوية كل يوم، لذا لا يجب إجبار النفس على التداول في ظروف غير مناسبة.

 

إدارة المخاطر الصارمة: لا يخاطر بأكثر مما يستطيع تحمله نفسيًا وماليًا.

 

الشفافية مع النفس والآخرين: يشارك تجاربه، بما فيها الخسائر، مع المتداولين الآخرين لتبادل الخبرات.

 

الدعم الأسري: يعتبر أن وجود شخص قريب للدعم أو الاستشارة هو أحد أهم عوامل النجاح.

 

مخاطرة عالية

 

أما "تيم غريتانـي" فقد بدأ رحلته في التداول عام 2010 بمبلغ صغير لا يتجاوز 1,500 دولار، وفي البداية، خسر حسابه بالكامل بسبب قرارات متهورة وعدم وجود خطة واضحة، لكنه بل قرر أن يعيد بناء نفسه من الصفر، وبدأ في دراسة سوق الأسهم الرخيصة  بشكل منهجي، وسجّل كل صفقة، مع علمه بأن هذا المجال عالي المخاطرة وبالتالي احتمالات الخسارة فيه كبيرة ولكنّ الربح فيه عالٍ في المقابل.

 

بعد ثلاث سنوات من الانضباط والتعلم، تجاوز رأسماله مليون دولار، وبنهاية عام 2024 كان لديه أسهم تقدر قيمتها السوقية بأكثر من 13 مليون دولار، ويؤكد "تيم" أن النجاح في التداول لا يأتي من الحظ، بل من الالتزام بخطة، وتقبل الخسائر كجزء من اللعبة.

 

"بوب" المتداول الوهمي وتوقيت السوق

 

وكثيرًا ما يُقال إن توقيت السوق هو أحد أصعب التحديات التي تواجه المستثمرين، وأحد أبرز الأخطاء التي يرتكبها المتداولون في السوق، ولعل قصة "بوب" – وهي شخصية تحليلية ابتكرها الكاتب المالي الأمريكي "بين كارلسون"– من الأدلة على خسائر التوقيت في مقابل مكاسب الاحتفاظ بالأسهم.

 

كان "بوب" موظفًا عاديًا بدأ مسيرته المهنية في أوائل السبعينيات. لم يكن خبيرًا ماليًا، لكنه قرر أن يدخر جزءًا من دخله ويستثمره في سوق الأسهم الأمريكية، وفي عام 1973، وبعد أن جمع مبلغ 6,000 دولار، قرر أن يستثمره بالكامل وكان ذلك قبل أشهر قليلة من بداية واحدة من أسوأ الأزمات الاقتصادية في تاريخ أمريكا، حيث فقد السوق ما يقارب 48% من قيمته خلال عامين فقط.

 

وبعد أكثر من عقد من الادخار، عاد في عام 1987 ليستثمر مبلغًا أكبر هذه المرة: 46,000 دولار. ولسوء حظه مرة أخرى، جاء استثماره قبل أيام فقط من "الإثنين الأسود"، حيث انهار السوق بنسبة 34% في يوم واحد، وفي عام 2000، ومع اقترابه من التقاعد، استثمر 68,000 دولار أخرى، وهذه المرة قبل انفجار فقاعة الإنترنت مباشرة.

 

ثم كرر "بوب" الأمر نفسه في عام 2007، عندما ضخ 64,000 دولار في السوق قبل الأزمة المالية العالمية.

 

 

من الناحية النظرية، كان بوب أسوأ مستثمر توقيتًا في التاريخ. لكنه ووفقًا لـ"كارلسون" امتلك "سلاحًا سريًا": لم يبع أبدًا، ولم يصبه الذعر، ولم يحاول الخروج من السوق عند الانهيارات، كان يستثمر ثم يترك أمواله تنمو، بغض النظر عن تقلبات السوق.

 

وعندما تقاعد بوب، بعد أكثر من 40 عامًا من الاستثمار، كانت محفظته قد نمت إلى 1.16 مليون دولار، رغم أنه استثمر فقط 184,000 دولار على مدار حياته، هذا يعني أنه حقق أرباحًا تقارب 980,000 دولار، بمعدل عائد سنوي يقارب 9% – وهو معدل قريب من متوسط عوائد السوق على المدى الطويل.

 

وقصة "بوب" -خلافًا للقصص السابقة- ليست حقيقية، لكنها مبنية على بيانات تاريخية حقيقية، وتُستخدم في الأوساط المالية لتوضيح قوة الاستثمار طويل الأجل، وأهمية الانضباط وتلافي الخطأ الرئيسي لغالبية المتداولين الصغار وهو الانجرار وراء العواطف أو محاولات توقيت السوق.

 

والملاحظ أنه في حالة الكثير من المضاربين فإن خطأهم الأول كان عدم دراسة أسباب الخسارة وعمل أوامر لوقفها عند سعر معين، وفي غالبية الحالات انتقل المضاربين من الخسارة مثل "غريتانـي" الذي بنى ثروته عبر عمل "يوميات" يسجل فيها أخطاءه يوميًا ليعمل على تلافيها باستثمار.

 

ويشبه هذا الأسلوب طريقة "جيسي ليفرمور" وهو أشهر مضارب في تاريخ الأسواق الأمريكية ولكن مسيرته المتقلبة المليئة بالخسائر والمكاسب تدل على خطورة هذا المنهج في المضاربة.

 

أما "سامانثا تران" التي بدأت بخسارة 40,000 دولار في المضاربة ثم أعادت بناء استراتيجيتها من الصفر، وركزت على التداول طويل الأجل باستخدام التحليل الأساسي، وأصبحت تحقق أرباحًا ثابتة، وتُدرّب متداولين جددًا على كيفية تجنب الأخطاء النفسية التي وقعت فيها.

 

في كل تلك التجارب السابقة يلاحظ أن المشترك بينها كان تسجيل الأخطاء وتحليلها وعدم "المكابرة" بأنه "ليس بالإمكان أبدع مما كان"، مع ملاحظة أن هؤلاء جميعًا ليسوا من كبار المتداولين الذين يملكون القدرة على التأثير على السوق ككل، ولكنهم مستثمرين تعلموا بالتجربة والخطأ ولم يعلقوا فشلهم في السوق على الحظ كما يفعل كثيرون.

 

المصادر: أرقام- فوربس- وول ستريت جورنال- سي إن بي سي- فاينانشيال تايمز

إخلاء مسؤولية إن موقع بالبلدي يعمل بطريقة آلية دون تدخل بشري،ولذلك فإن جميع المقالات والاخبار والتعليقات المنشوره في الموقع مسؤولية أصحابها وإداره الموقع لا تتحمل أي مسؤولية أدبية او قانونية عن محتوى الموقع.
"جميع الحقوق محفوظة لأصحابها"

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

السابق السعودية تقلّص إجازات الأعياد لموظفي الحكومة إلى 3 أو 5 أيام فقط
التالى كيف يطمئن الأهالي أبناءهم قبل ظهور نتيجة الثانوية العامة؟.. أستاذ مناهج يوضح