أخبار عاجلة

المسار المقدس.. الراهب مكاري البهنساوي يستعرض رحلة العائلة المقدسة إلى مصر بعيون باحث ألماني

المسار المقدس.. الراهب مكاري البهنساوي يستعرض رحلة العائلة المقدسة إلى مصر بعيون باحث ألماني
المسار المقدس.. الراهب مكاري البهنساوي يستعرض رحلة العائلة المقدسة إلى مصر بعيون باحث ألماني
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

«الباحث أوتو ميناردس» يوثّق جغرافيًا الرحلة على أصداء الكتاب المقدس

935.jpg
أوتو ميناردس

يعكف الأب الراهب مكارى البهنساوي، بدير العذراء والملاك ميخائيل على الطريق الغربى بالبهنسا، على صلاة من نوع خاص: "فتّشوا الكتب". إذ يقوم بترجمة وإعداد وتأليف مجموعات من ثمار الفكر الراقي، يُغذّى بها العقل والوجدان المسيحي. ورغم صعوبة المهمة وكثرة العقبات، إلا أنه، وبفضل التشجيع والرعاية المستمرة من الأنبا توماس رئيس الدير، لا يكفّ عن الإنتاج المثمر والمزدهر.

ومؤخرًا، قدّم الأب مكاري، باختيار ذكى وعميق، ترجمة لكتاب هام للعالِم الألمانى أوتو ميناردس، وهو باحث عشق الكنيسة القبطية، ويُعدّ من أهم علماء القبطيات. كتابه الذى كتبه عام ١٩٦٢ عن رحلة العائلة المقدسة جاء فى توقيت مثالي، خاصة مع الاهتمام غير المسبوق من الدولة بإحياء مسار العائلة المقدسة.

يتميّز الكتاب بتعدّد مصادره، وبالربط الذكى بين جغرافيا الرحلة وقصص الكتاب المقدس، مما يحقق للقارئ متعة وتشويقًا بلا مثيل. ومن المهم أن تقتنى مكتبات المدارس وقصور الثقافة هذا الكتاب لدعم ونشر الاهتمام العملى بمسار العائلة، لما له من فائدة على مستوى المواطنة وقبول الآخر، وأيضًا على المستوى الاقتصادى بتنشيط السياحة.

936.png

مصادر الرحلة

يقول أوتو ميناردس فى تقديمه للكتاب:"لقد تم تجميع تاريخ رحلة العائلة المقدسة إلى مصر من مختلف التقاليد الشرقية والغربية. أما المادة التى استخدمتها فهى مأخوذة من الأناجيل الأبوكريفية (المحفية) المنسوبة للقديسين متى وتوما، وكذلك من عدة أناجيل طفولية، وبالأخص الأناجيل العربية والأرمنية.وبالإضافة إلى هذا الأدب الأبوكريفى الشعبي، فقد استفدت من رؤيا ثيوفيلوس، بطريرك الإسكندرية الثالث والعشرين (القرن الرابع)، وميمر زخارياس أسقف سخا (القرن السابع).

كما رجعت إلى السنكسار القبطى والإثيوبي، وكتابات مؤرخى القرن الثالث عشر، مثل "أبو المكارم" و"سليمان الخيرات"، هذا بالإضافة إلى العديد من التقاليد الإسلامية.

وأخيرًا، فقد استندت إلى تقارير حجاج العصور الوسطى إلى الأرض المقدسة، الذين زاروا مصر أثناء حجّهم. وحيثما أمكن، أوردت التقاليد الشفوية المحلية وأضفتها إلى الكتاب".

تراث الأقباط

ويضيف أوتو ميناردس:"ان مسار العائلة المقدسة، كما ورد فى هذا المجلد الصغير، يستند فى المقام الأول إلى التقاليد التى تعود إلى العصور الوسطى، والتى لا تزال تُعد جزءًا من تراث الأقباط. وعليه، فإننا نأمل أن تكون محاولة إعادة بناء مسار العائلة المقدسة مفيدة لدارسى مصر المسيحية، رغم أننى أدرك تمامًا أن هذه الصورة لا بد أن يشوبها بعض النقص، حيث إن الظروف الاجتماعية والاقتصادية فى مصر بالقرن الأول كانت حتمًا مختلفة عن تلك التى سادت بين القرنين العاشر والثالث عشر، وهى الفترة التى تنتمى إليها أغلب المرويات المتعلقة بزيارة العائلة المقدسة.

ولكى أجعل هذه الدراسة كاملة قدر الإمكان، قمت بزيارة الأماكن التي، وفقًا للتقاليد المختلفة، تقدّست بحضور العائلة المقدسة، وحرصت على تقديم وصف موجز لها كلما أمكننى ذلك".

931.jpg

فى عصر الرومان.. الأرض المصرية مخزون غذائى للعالم 

يذكر كورنيليوس تاسيتوس فى سجلاته أن مجلس الشيوخ كان يمنح قيادة المقاطعات التابعة للإمبراطورية لأعضاء المجلس. أما مصر، التى كانت تُعد المخزن الرئيسى للقمح للإمبراطورية، فقد أقنع أغسطس مجلس الشيوخ بإسناد سلطتها إليه، وعين لها حكّامًا من رتبة فرسان.

ولم يكن أحد مسئولًا عن سلوك هؤلاء الحكام سوى الإمبراطور نفسه، الذى كان يُعد لدى المصريين فرعونًا جديدًا وسيدًا للأرضين، وذى صفات إلهية.

هكذا، لم يكن مسموحًا لأى مدينة مصرية بأن يكون لها مجلس شيوخ أو هيئة حكم محلية. بل إن أغسطس لم يكتفِ بمنح قيادة مصر لرجل من رتبة أدنى من أعضاء المجلس، بل أمر أيضًا بعدم السماح لأى عضو مجلس شيوخ بدخول مصر.ويوضح هذا الوصف الموجز أن الرومان فرضوا إدارة مركزية قوية ومدعومة جيدًا. ومع ذلك، فرغم قدرتهم الإدارية والمشاريع الكثيرة التى بدأوها وأكملوها، كانت مصر تحت الحكم الرومانى بمثابة "بقرة تُحلب" لصالح روما. لقد دُمِّرت أرض الفراعنة نتيجة الاستغلال قصير النظر، مما أدى إلى الانحدار الاقتصادى والاجتماعى خلال تلك الفترة.

933.jpg

من بيت لحم إلى وادى النيل.. مدن وقرى مصرية حظيت بزيارة العائلة المقدسة

حظيت العديد من المدن والقرى فى مصر بزيارة العائلة المقدسة، التى هربت من نظام الملك هيرودس القمعي، ولجأت إلى أحفاد أسلافها اليهود فى الدلتا ووادى النيل.

وقبل أن تغادر العائلة المقدسة، مع سالومى القابلة، مدينة بيت لحم، مكثت لفترة فى مغارة تقع جنوب شرق كنيسة المهد. وتُعرف هذه المغارة عند العرب باسم "مغارة السيدة"، وهى مزار قديم يُقدِّسه المسيحيون والمسلمون على حد سواء.

وتروى إحدى التقاليد الأرمنية أنه أثناء رحلة العذراء المباركة مريم إلى مصر، توقفت هنا وأرضعت طفلها، وإذ سقطت بعض قطرات من حليبها على الصخرة، تحوّلت على الفور إلى اللون الأبيض. فبُنيت كنيسة فى هذا الموقع.

ورغم أنها كُرّست فى البداية للعذراء الأم، فإنها عُرفت فيما بعد باسم "كنيسة القديسة بولا". وفى القرن الرابع عشر كانت ملكًا لليونانيين، ثم كُرّست للقديس نيقولاوس، وانتقلت لاحقًا إلى اللاتين.

وكانت المغارة مصدرًا للحجارة البيضاء الناعمة المعروفة باسم "حليب العذراء"، التى نُقلت إلى العديد من الكنائس اللاتينية فى أنحاء أوروبا.

وقد كُرّست الكنيسة الحالية فوق المغارة عام ١٨٧٢، وتُعد المغارة مكانًا مفضلًا لحج النساء، نظرًا للصخرة البيضاء الشبيهة بالحليب، التى يُبجّلها الناس لقوتها العلاجية، ومساعدتها على الرضاعة. وكانت النساء الحاجّات يأخذن قطعًا من هذه الصخرة، ويقمن بطحنها وخلطها بالماء وشربها.

الحمار

تمّت رحلة العائلة المقدسة إلى مصر باستخدام الحمار؛ إذ كانت العذراء المباركة تجلس على الحمار حاملة الطفل الإلهى بين ذراعيها، بينما كان يوسف يسير بجانبهما ويقود الحمار. وهذه هى وسيلة النقل نفسها التى استخدمها موسى عندما أخذ زوجته وأبناءه ووضعهم على حمار وعاد إلى مصر (كما جاء فى سفر الخروج ٤: ٢٠). فضلًا عن ذلك، فقد ذكرت نبوءة زكريا صراحةً أن المسيح سيأتى راكبًا على حمار (زكريا ٩: ٩).

وعلى الرغم من أن لهذا المشهد دلالة رمزية ونبوءة توراتية، إلا أن الحمار كان أيضًا الحيوان الأكثر استخدامًا فى السفر بالشرق القديم. فقد كان يُعد من أغلى ممتلكات الأسرة، وكان أكثر اقتصادًا مقارنة بالحصان، إذ يمكن إطعامه أى شيء تقريبًا. وباعتباره صانعًا ماهرًا، فقد كان يوسف النجار قادرًا على تحمّل تكلفة شراء حمار. ووفقًا للعادات اليهودية، ربما كان الحمار مزينًا بتميمة، تتكون من ذيل ثعلب أو ريشة قرمزية، لحمايته من العين الشريرة.

ووفقًا لإنجيل الطفولة الأرمني، بدأت العائلة المقدسة رحلتها متجهة أولًا إلى مدينة فلسطين القديمة وميناء أشقلون (عسقلان). ومن هناك، انطلقت شرقًا نحو حبرون إحدى أقدم المدن فى العالم. وبحسب الكتاب المقدس، فقد تأسست المدينة قبل سبع سنوات من صوعن  وهى صان الحجر الحالية فى مصر.

ويوجد فى الموقع التقليدى للمغارة المكفيلة اليوم سياج يحيط بالمكان، ويضم مسجدًا وكنيسًا يهوديًا، كانا فى السابق كنيسة صليبية تعود إلى القرن الثانى عشر، بُنيت بدورها على أنقاض كنيسة تعود لعهد الإمبراطور جستنيان. وتوجد داخل المبنى أضرحة إبراهيم، وإسحق، ويعقوب، وسارة، ورفقة، وليئة. وقد مكثت العائلة المقدسة مختبئة فى هذا المكان، كما يذكر إنجيل الطفولة الأرمني، لمدة ستة أشهر.

وعلى بُعد نحو أربعين كيلومترًا إلى الغرب، يقع موقع تخم الكنعانيين القديم فى غزة ولو كانت العائلة المقدسة قد اتبعت طريق القوافل من اليهودية إلى مصر، لكانت قد مرّت بهذه المدينة، التى شهدت قصة شمشون ودليلة وقد تمتعت غزة، فى زمن المسيح، بجمال وروعة، وأصبحت مركزًا للثقافة الهلنستية، فبعد أن دمرها الإسكندر جانيوس  شقيق أرسطوبولس الأول، عام ٩٤ ق.م، أعاد القنصل الرومانى أولوس جابينوس  بناءها عام ٥٧ ق.م.

وباتباع الطريق الموازى لشاطئ البحر الأبيض المتوسط، تكون العائلة المقدسة قد عبرت بعد نحو ساعتين وادى غزة، وهو الموضع الذى أجرى فيه السير فلندرز بتري  حفرياته فى الموقع المفترض لمدينة جرار  وفى هذا الموضع أخذ أبيمالك، ملك جرار، سارة زوجة إبراهيم ظنًا منه أنها أخته، كما ورد فى (تكوين ٢٠: ١-١٦)، ثم أعادها لاحقًا. وعندما نزل إسحق إلى جرار، اشتهى أهل الأرض زوجته رفقة، لكن أبيمالك حماهما 

وعلى مسافة يوم من غزة، وصلت العائلة المقدسة إلى بلدة جينيسوس القديمة، التى ذكرها المؤرخ اليونانى هيرودوتس، والتى تُعرف اليوم باسم خان يونس فى قطاع غزة.

وكانت المدينة التالية على طريق العائلة المقدسة هى رافيا (Raphia) أو رفح، وهى مدينة حدودية بين قطاع غزة ومقاطعة مصر.

 

929.jpg

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

السابق عاجل.. التعليم تحدد ضوابط منح درجات الرأفة لطلاب الثانوية العامة
التالى العثور على طبيب نساء به آثار طعن بالرقبة داخل مستشفى بني سويف الجامعي