أخبار عاجلة

سباق بين شركات الشرق والغرب على استكشاف الغاز في مصر

سباق بين شركات الشرق والغرب على استكشاف الغاز في مصر
سباق بين شركات الشرق والغرب على استكشاف الغاز في مصر

تتجه الأنظار نحو مصر، التي تبرز كوجهة استثمارية محورية في قطاع الطاقة العالمي، مع إعلانها عن طرح 12 منطقة استكشاف غاز رئيسية في البحر الأبيض المتوسط ودلتا النيل، في خطوة تهدف إلى تعزيز احتياطياتها وإنتاجها من الهيدروكربونات، وفقًا لموقع "أويل برايس" المتخصص في شؤون الطاقة.

وهذه الفرص، التي أطلقتها الشركة المصرية القابضة للغازات الطبيعية (إيجاس)، تأتي ضمن جولة تراخيص جديدة تشمل 34 منطقة لاستكشاف وتطوير النفط والغاز، وتقدر احتياطيات مصر المؤكدة من الغاز بحوالي 2.2 تريليون متر مكعب، لكن خبراء الطاقة، مثل شركة "وود ماكنزي"، يرون أن هذه الأرقام متحفظة بشكل كبير وأن واقع الاحتياطيات أكبر بكثير، مما يجعل السوق المصرية محط أنظار كبرى الشركات العالمية.

 

ولا يقتصر هذا الاهتمام على الجوانب الاقتصادية فحسب، بل يمتد إلى السباق الجيوسياسي بين الغرب والشرق، حيث تتنافس شركات مثل شيفرون الأمريكية وبريتش بتروليوم البريطانية وشل مع لوك أويل الروسية ونورث بتروليوم الصينية على هذه الفرص الواعدة.

 

التنافس الجيوسياسي: الغرب يواجه الشرق

تشهد مصر تنافسًا محمومًا بين عمالقة الطاقة الغربيين والشرقيين، مدفوعًا بأهميتها الاستراتيجية كبديل لإمدادات الغاز الروسي في أعقاب الغزو الأوكراني في فبراير 2022. وفقًا لتقرير نشرته صحيفة فاينانشيال تايمز، اليوم الخميس، تسعى الدول الأوروبية، بقيادة شركات مثل إيني الإيطالية وتوتال إنرجيز الفرنسية، إلى تعزيز الاستثمارات في مصر لتأمين إمدادات الغاز المسال (LNG) كبديل مستدام عن الغاز الروسي.

 

وفي المقابل، تسعى روسيا والصين إلى تعزيز نفوذهما في المنطقة. فقد أفادت وكالة تاس الروسية أن شركة لوك أويل وقّعت اتفاقية لإجراء مسح سيزمي ثلاثي الأبعاد وحفر ست آبار استكشافية في الصحراء الشرقية، في خطوة تهدف إلى تعزيز وجودها في مصر. من جانبها، أعلنت صحيفة تشاينا دايلي أن شركة نورث بتروليوم الدولية (NPIC)، التابعة لشركة تشينهوا أويل، خصصت 100 مليون دولار لاستكشاف مناطق جديدة في الصحراء الغربية والبحرية، مع التركيز على المناطق غير المستغلة.

 

تجدر الإشارة إلى أن موقع مصر الجغرافي يعزز من جاذبيتها، حيث تتحكم في قناة السويس، التي تمر عبرها حوالي 10% من تجارة النفط والغاز المسال العالمية، وخط أنابيب السويس-المتوسط، الذي يربط خليج السويس بالبحر المتوسط. وفقًا لصحيفة وول ستريت جورنال، فإن هذا الموقع يجعل مصر نقطة جذب استراتيجية في ظل التوترات في مضيق هرمز والباب المندب، اللذين تسيطر عليهما الصين جزئيًا من خلال اتفاقياتها مع إيران. ويُضاف إلى ذلك أن مصر هي الدولة الوحيدة في شرق المتوسط التي تمتلك قدرات تصدير للغاز المسال، مما يجعلها مركزًا إقليميًا للطاقة.

 

استثمارات ضخمة: الغرب يتصدر، والشرق يلحق

تتصدر الشركات الغربية المشهد باستثمارات ضخمة تعكس طموحها للهيمنة على السوق المصرية. وقالت وكالة رويترز إن شيفرون حصلت على حقوق حفر ثلاث آبار استكشافية في منطقة شرق الإسكندرية البحرية، بينما فازت مع شل بمنطقتي شمال ساميان وشمال غرب العطول البحريتين. 

من جانبها، أعلنت بي بي عن خطط لاستثمار 3.5 مليار دولار في استكشاف وتطوير حقول الغاز المصرية خلال السنوات الثلاث المقبلة، مع إمكانية مضاعفة هذا المبلغ إذا أسفرت الأعمال عن اكتشافات جديدة، وفقًا لبلومبرج.

 أما إيني الإيطالية، التي تقود جهود أوروبا لتعويض الغاز الروسي، فقد أكملت بئر كرونوس-2 في شرق المتوسط بطاقة إنتاجية تتجاوز 150 مليون قدم مكعب يوميًا، كما ذكر موقع أويل برايس، كما تدير إيني أيضًا عدة مناطق أخرى، بما في ذلك الكتل 2، 3، 8، و9، ولها مصالح في مناطق تديرها توتال إنرجيز.

 

على الجبهة الشرقية، تسعى الصين وروسيا إلى تعزيز وجودهما. فقد أشارت جلوبال تايمز الصينية إلى أن نورث بتروليوم تخطط لزيادة استثماراتها في مصر لتعزيز إنتاج النفط الخام، مستفيدة من خبرتها في العراق، حيث استخدمت تشينهوا أويل استراتيجية مشابهة لتأمين مصالح نفطية من خلال صفقات تمويل مسبق. 

كما أشارت شبكة كومرسانت الإخبارية الروسية إلى أن لوك أويل ترى في مصر فرصة لتوسيع محفظتها في المنطقة، مستفيدة من خبرتها في كردستان العراق، حيث سيطرت على حصص كبيرة في حقول نفطية عبر تمويل بقيمة 1.5 مليار دولار.

 

مصر: مركز طاقة وسط التحديات العالمية

تكتسب مصر أهمية استراتيجية كونها واحدة من الدول القليلة التي لا تسيطر عليها الصين في نقاط العبور الحيوية للطاقة. ففي حين تسيطر بكين على مضيق هرمز والباب المندب من خلال اتفاقية التعاون الشامل مع إيران لمدة 25 عامًا، كما لفتت صحيفة ساوث تشاينا مورننج بوست إلى أن قناة السويس تنعم بالاستقرار تحت الإدارة المصرية المتناغمة والخالصة، مما يجعلها ركيزة أساسية وعامل إضافي يساهم في اهتمام الشرق والغرب على حد سواء بالمنطقة وتعزيز الاستثمار فيها.


ووفقًا لصحيفة الجارديان البريطانية، فإن مصر تستفيد من موقعها لتعزيز قدراتها في تصدير الغاز المسال، مما يجعلها لاعبًا لا غنى عنه في سوق الطاقة الأوروبية.

 

البعد السياسي: مصر قائدة العالم العربي

من الناحية السياسية، تحتل مصر مكانة فريدة كقائدة للعالم العربي، متجذرة في إرث "القومية العربية" التي قادها جمال عبد الناصر. وأشار تقرير لصحيفة لوموند الفرنسية، أمس الأربعاء، إلى أن هذه المكانة تجعل مصر هدفًا استراتيجيًا للغرب لمواجهة نفوذ الصين وروسيا في المنطقة. ومع عودة السعودية كحليف رئيسي للولايات المتحدة في ولاية دونالد ترامب الثانية، كما ذكرت صحيفة نيويورك تايمز، تظل مصر ركيزة لا غنى عنها للغرب لتحقيق التوازن الجيوسياسي.

 

الفرص والتحديات

مع استمرار تدفق الاستثمارات، يتوقع أن تحصد الشركات الغربية النصيب الأكبر من التراخيص الجديدة، لكن التنافس الشرقي يضيف تعقيدًا للمشهد. ووفقًا لتقرير مجلة "وود ماجازين"، تبلغ القيمة الحالية الصافية لمواقع شرق المتوسط حوالي 19 مليار دولار، مما يعزز جاذبية مصر.

 كما أشار وزير الاستثمار المصري حسن الخطيب في منتدى الأعمال المصري-الصيني في 24 يونيو 2025، كما أشارت وكالة شينخوا الصينية، إلى أن رؤية مصر 2030 تتوافق مع مبادرة الحزام والطريق الصينية، مما يفتح المجال لمزيد من التعاون.

 ومع ذلك، فإن التحديات الجيوسياسية، مثل التوترات في البحر الأحمر، قد تعقد خطط الاستكشاف، كما حذرت الإيكونوميست خلال الأسبوع الماضي.

 

وتظل مصر ساحة تنافس عالمية تجمع بين المصالح الاقتصادية والجيوسياسية، حيث ستحدد قرارات الشركات والحكومات في الأشهر المقبلة شكل سوق الطاقة في المنطقة.
 

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

السابق روبي تصل لمسجد الشرطة لتودع طليقها سامح عبد العزيز
التالى بعد أزمة الكوادر.. أيمن يونس يعلن تقديم هدية خاصة لـ الزمالك