أبوبكر الديب يكتب: حرب النحاس وصواريخ "ترامب" الإقتصادية

أبوبكر الديب يكتب: حرب النحاس وصواريخ "ترامب" الإقتصادية
أبوبكر الديب يكتب: حرب النحاس وصواريخ "ترامب" الإقتصادية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

في خطوة تصعيدية تعكس تحولات عميقة في استراتيجية الولايات المتحدة الاقتصادية، قررت إدارة الرئيس دونالد ترامب فرض رسوم جمركية بنسبة 50% على واردات النحاس بدءًا من أغسطس 2025، مُعلنة بذلك انطلاق ما باتت توصف بهدوء بـ"حرب النحاس".

 وتمثل هذه الخطوة أولى جولات صراع جديد تدور رحاه حول المعادن الاستراتيجية وسلاسل الإمداد الصناعية في مرحلة ما بعد العولمة.

القرار الأمريكي الذي حمل توقيع "الأمن القومي" كغطاء قانوني، لم يكن مجرد إجراء اقتصادي بل تعبير واضح عن اتجاه جديد في العقيدة الاقتصادية الأمريكية، حيث باتت الموارد المعدنية تعامل بوصفها أدوات سيادة وطنية لا سلعا تجارية فقط، وهو ما دفع واشنطن إلى خنق الإمدادات الخارجية وتشجيع العودة إلى التصنيع المحلي ولو عبر بوابة الرسوم والتوترات.

ردود الفعل الدولية لم تتأخر، فقد وصف الرئيس البرازيلي الخطوة بأنها "عدوان اقتصادي"، ولوّح بتعليق اتفاقيات استراتيجية في مجالات الطاقة والمعادن، كما عبّرت المفوضية الأوروبية عن قلقها العميق من المسار الأمريكي الذي يعيد تشكيل خارطة التجارة العالمية ويقوض قواعدها، بينما التزمت دول مثل المكسيك وتشيلي لهجة أكثر براجماتية لكنها بدأت فعليا بتقليص الاعتماد على السوق الأمريكي في تصدير النحاس، ما ينذر بإعادة تشكيل الخريطة الجغرافية لتدفقات المواد الخام عالميا.

الأسواق بدورها تلقفت الرسالة بسرعة، فقفزت أسعار النحاس إلى أعلى مستوياتها منذ عقد، وتسابقت الشركات العالمية لتأمين عقود مسبقة قبل دخول الرسوم حيّز التنفيذ، فيما ارتفعت أسهم الشركات الأمريكية العاملة في قطاع التعدين وسط دعم سياسي مباشر من البيت الأبيض.

المثير في هذا التحول، أن واشنطن لا تُخفي نيتها توسيع نطاق هذه السياسات الحمائية لتشمل قطاعات أكثر حساسية مثل الصناعات الدوائية وأشباه الموصلات، بما يعكس قناعة متزايدة داخل دوائر القرار الأمريكي بأن المرحلة المقبلة تتطلب تقليص الاعتماد الاستراتيجي على الخصوم والمنافسين، وفي مقدمتهم الصين، ليس فقط في التكنولوجيا بل أيضًا في المواد الخام التي تقف خلف صناعات المستقبل.

"حرب النحاس" ليست مجرد خلاف تجاري مؤقت، بل إشارة رمزية وبنيوية إلى أن عصر التجارة المفتوحة بلا قيد يشارف على نهايته، وأن الاقتصاد العالمي مقبل على مرحلة عنوانها الأكبر "من يعتمد على الآخر أكثر، يخسر أولًا".

القرار، الذي تم تبريره بأسباب تتعلق بالأمن القومي، يندرج ضمن استراتيجية أمريكية جديدة لإعادة بناء سلاسل الإمداد محليًا وتقييد الاعتماد على الخارج في المواد الحيوية، خصوصًا المعادن المستخدمة في التكنولوجيا الدفاعية والطاقة المتجددة.

 ومن المتوقع أن تتبع هذه الرسوم إجراءات مشابهة تشمل قطاع الأدوية وأشباه الموصلات خلال الشهور المقبلة، ما ينذر بجولة تصعيد جديدة في الحروب التجارية العالمية.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

السابق بناءً على طلبهم.... كوريا الجنوبية تُعيد صيادين إلى كوريا الشمالية مرة أخرى
التالى وزارة الصحة توضح: شروط التقديم على مدارس التمريض 2025 والمستندات المطلوبة