ما حكم وجود ممرضة مع طبيب في عيادة خاصة دون محرم.. "الإفتاء" تجيب

حسمت دار الإفتاء المصرية الجدل الفقهي والاجتماعي الدائر في بعض الأوساط حول جواز وجود الممرضة مع الطبيب داخل العيادات الخاصة دون وجود مَحْرَم.
وأكدت دار الإفتاء أنه لا مانع شرعي من هذا الوضع ما دام بعيدًا عن مظنة الريبة، ولا تتحقق فيه شروط الخلوة المحرمة.

و أفتى الدكتور شوقي إبراهيم علام، مفتي الجمهورية السابق، أنه يجوز للممرضة العمل مع الطبيب في نفس المكان، في العيادة الخاصة، دون أن يُشترط وجود محرم لها، طالما روعيت الضوابط الشرعية، وكان المكان غير مغلق إغلاقًا تامًا يمنع دخول الغير، وانتفت الخلوة الموجبة للحرمة.

وأوضحت دار الإفتاء أن مجرد وجود المرأة مع الرجل في مكان واحد ليس حرامًا في ذاته، وإنما الحرمة متعلقة بوجود خلوة محرمة، والتي عرّفتها بأنها "انفراد الرجل بالمرأة في مكانٍ لا يُمكن لأحد الدخول عليهما فيه"، مشيرة إلى أن هذا هو الضابط الفقهي الذي ينبغي الاعتداد به.

الأعمال التي تتطلب بطبيعتها وجود رجل

وأضافت دار الإفتاء بأن الأعمال التي تتطلب بطبيعتها وجود رجل وامرأة في مكان واحد، مثل المهن الطبية، لا تُعد محرّمة شرعًا إذا أُمنت الفتنة وانتفت الريبة، وهو ما ينطبق على حال وجود طبيب وممرضة في عيادة خاصة، لا سيما إذا كانت أبوابها غير مغلقة بإحكام ويمكن للمرضى أو الموظفين الدخول إليها في أي وقت.

الأدلة الشرعية 

واستشهدت دار الإفتاء بعدد من النصوص الشرعية مشيرةً إلى أن النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم خَلَا في بعض الأحيان بنساء من غير المحارم في الطرقات أو الأماكن العامة، عند أمن الفتنة، كما جاء في حديث أنس بن مالك: "فَخَلاَ بِهَا فِي بَعْض الطُّرُق"، مما يبيّن أن الخلوة المنهية عنها هي ما كان معها ريبة أو انعدام رقابة.

كما أكد فقهاء كبار كالنووي وابن حجر وابن دقيق العيد على أن الخلوة المحرّمة مشروطة بعدم القدرة على دخول الغير، وأنها لا تتحقق بوجود امرأة ورجل معًا في مكان يمكن أن يدخله آخرون دون عناء. وأوضح الإمام النووي أن وجود رجل مع نسوة لا يُعد خلوة محرمة غالبًا، لأن النساء يستحيين من بعضهن البعض، ما يضعف احتمالات وقوع الفتنة.

وشددت الفتوى على ضرورة الالتزام بالآداب الإسلامية والاحتشام في الهيئة والسلوك، مؤكدة أن الحرمة لا تتعلق بمجرد الاجتماع بل بالسلوكيات المخالفة للشرع.

الخلاصة أن وجود الممرضة مع الطبيب في عيادة خاصة دون محرم ليس محظورًا شرعًا إذا روعيت الضوابط الشرعية وانتفت الخلوة المحرمة، وهو ما يتفق مع طبيعة العمل الطبي الذي يتطلب التعاون بين الجنسين لخدمة المرضى، ويؤكد أن الشريعة تراعي الواقع العملي دون الإخلال بالضوابط الأخلاقية.
--
المصدر: دار الإفتاء المصرية