مناجم الذهب في مصر.. كنوز تعزز الاحتياطي الاستراتيجي للدولة

تعد مناجم الذهب في مصر من الدعائم الرئيسية لتعزيز الاحتياطي الاستراتيجي من المعادن النفيسة، ولها دور محوري في دعم استقرار الاقتصاد الوطني، خاصة في ظل الاضطرابات الاقتصادية العالمية. 

وقد شهد قطاع التعدين في مصر طفرة كبيرة خلال السنوات الأخيرة بفضل إصلاحات تشريعية مدروسة، واستثمارات محلية وأجنبية متزايدة، جعلت من البلاد مركزا جاذبا للتنقيب عن الذهب.

ويستعرض هذا التقرير من بانكير، أهم مناجم الذهب في مصر، واحتياطياتها، وحجم إنتاجها من الذهب، وتأثيرها المباشر في تعزيز احتياطي الذهب بالبلاد.

مناجم الذهب في مصر: ثروة واعدة

تتمتع مصر بتاريخ ضارب في عمق التاريخ في مجال استخراج الذهب، يعود إلى العصور الفرعونية، وتزخر الصحراء الشرقية ومنطقة الدرع النوبي بأكثر من 270 موقعا للتنقيب، من بينها نحو 120 منجما قديما.

وقد كشفت الاستثمارات الحديثة والتقنيات المتقدمة عن إمكانات ضخمة لزيادة الإنتاج والاحتياطات، مما يضع مصر في موقع متقدم ضمن سوق الذهب العالمي، ووفقًا لوزارة البترول والثروة المعدنية، تتركز المناجم الرئيسية في مناطق الصحراء الشرقية، والمثلث الذهبي، وأبو مروات، وحمش، ووادي العلاقي.

أبرز مناجم الذهب في مصر

تضم مصر عددًا من المناجم الاستراتيجية التي تمثل العمود الفقري لإنتاج الذهب محليا، وتسهم بشكل مباشر في تعزيز الاحتياطي القومي للذهب، وفيما يلي أبرز هذه المناجم التي تشكل خريطة الثروة الذهبية في البلاد:

1- منجم السكري:

يُعد منجم السكري، الواقع على بُعد 30 كيلومترًا جنوب مدينة مرسى علم بالصحراء الشرقية، أكبر منجم ذهب في مصر، ومن بين أكبر 10 مناجم على مستوى العالم، وبدأ الإنتاج التجاري في عام 2010، ووفقًا لشركة "سنتامين" الأسترالية المشغلة للمنجم، وبلغت الاحتياطيات المؤكدة والمحتملة نحو 11.11 مليون أوقية.

وبحلول عام 2024، وصل إجمالي الإنتاج إلى 5.8 مليون أوقية بإجمالي إيرادات قدرها 7.5 مليار دولار، ومن المتوقع أن يصل الإنتاج السنوي خلال عام 2025 إلى ما بين 450 و475 ألف أوقية، مع خطط للتوسع باستخدام تقنيات حديثة لخفض التكاليف وزيادة الكفاءة.

2- منجم إيقات:

يقع في منطقة امتياز شركة شلاتين بالصحراء الشرقية، ويُعد أحد الاستثمارات المصرية الخالصة في قطاع الذهب، وبدأ التشغيل التجاري به عام 2023، ويحتوي على احتياطي مؤكد يبلغ 1.2 مليون أوقية بنسبة استخلاص تصل إلى 95%.

ومن المنتظر أن تصل استثمارات المنجم إلى نحو مليار دولار خلال السنوات العشر المقبلة، بما يعزز الاقتصاد المحلي من خلال خلق فرص عمل جديدة وزيادة حجم الاحتياطي الوطني من الذهب.

3- منجم البرامية:

يقع على بُعد 105 كيلومترات شرق مدينة إدفو بمحافظة أسوان، ويضم ثلاثة مواقع رئيسية للاحتياطي:

• الأول يحتوي على 14.8 مليون طن خام بنسبة ذهب 1.07 جرام/طن، أي ما يعادل نحو 16 طن ذهب.
• الثاني يضم 1.22 مليون طن خام بنسبة 2.85 جرام/طن، أي نحو 3.5 طن ذهب.
• الثالث يشمل 0.5 مليون طن بنسبة 3 جرام/طن، أي نحو 1.5 طن ذهب، ويعد المنجم وجهة استثمارية واعدة تخطط الدولة لتطويرها ضمن مزايدات 2025.

4- منجم أبو مروات 

يقع جنوب طريق سفاجا–قنا، ويحتوي على احتياطي استراتيجي يقدر بـ290 ألف طن، بتركيز ذهب يتراوح بين 3.8 و7.7 جرام/طن، بالإضافة إلى وجود احتياطي من الفضة بنسبة تتراوح بين 43.3 و102 جرام/طن.

وفي عام 2024، وقّعت وزارة البترول عقدًا مع شركة "أتون مايننغ" الكندية لتطوير المنجم، ما يؤكد على جاذبية قطاع الذهب المصري للاستثمارات الأجنبية المباشرة.

5- منجم عتود

يقع على بُعد 55 كيلومترًا غرب مدينة مرسى علم، ويضم:

• احتياطي مؤكد يبلغ 8,595 طنًا بنسبة ذهب 12.68 جرام/طن، أي نحو 109 كيلوجرامات.
• احتياطي محتمل يبلغ 13,600 طن بنسبة 17.5 غرام/طن، أي نحو 238 كيلوغرامًا.
• احتياطي يبلغ نحو 10,895 طنًا بنسبة 7.21 جرام/طن، أي نحو 78 كيلوجرامًا، ويتميز المنجم بتنوع موارده المعدنية، ما يجعله ذا أهمية اقتصادية خاصة.

احتياطي مصر من الذهب

وفقا لأحدث بيانات صادرة عن البنك المركزي المصري، بلغت أرصدة الذهب ضمن الاحتياطي الأجنبي نحو 13.679 مليار دولار، أي ما يعادل 679.6 مليار جنيه مصري بنهاية مايو 2025، مقارنة بـ 13.629 مليار دولار في أبريل 2025، بزيادة قدرها 50 مليون دولار.

وبالمقارنة مع ديسمبر 2024، الذي سجل احتياطيا قدره 540.4 مليار جنيه، فإن الزيادة الإجمالية تبلغ 139.2 مليار جنيه، بنسبة نمو 25.8%.

كما أفاد تقرير مجلس الذهب العالمي أن احتياطي مصر من الذهب ارتفع إلى 128.4 طنًا بنهاية أبريل 2025، بزيادة 1.5 طن عن الربع السابق والذي بلغ 126.88 طنًا في الربع الرابع من عام 2024.

وتشير البيانات إلى أن مصر قامت بشراء طن إضافي خلال الربع الأول من عام 2025، في خطوة تهدف إلى تعزيز الاحتياطي بالتزامن مع صعود أسعار الذهب عالميًا، والتي سجلت 3284 دولارًا للأوقية بنهاية مايو 2025، بزيادة 667 دولارًا منذ بداية العام.

وتستهدف مصر الوصول باحتياطي الذهب إلى 200 طن بحلول عام 2030، مما يعزز من قوة الاقتصاد الوطني ويقلل الاعتماد على العملات الأجنبية.

دور مناجم الذهب في تعزيز الاحتياطي الاستراتيجي

الذهب يُعد أداة تحوط رئيسية في مواجهة التضخم وتقلبات أسعار الصرف، ويسهم الاحتياطي المصري البالغ 128.4 طنًا بقيمة 13.679 مليار دولار، في تعزيز ثقة المستثمرين في الاقتصاد الوطني، خاصة مع قدرته على تغطية واردات البلاد لمدة تصل إلى 8 أشهر، وهي نسبة تتفوق على المتوسط العالمي الذي لا يتعدى 3 أشهر.

كما أسهمت التعديلات التي أُجريت على قانون التعدين، ومزايدات عام 2020، في جذب شركات عالمية كبرى مثل "سنتامين" و"أتون مايننغ"، وقد فازت 11 شركة عالمية بـ82 قطاعًا خلال مزايدة 2020، باستثمارات تجاوزت 60 مليون دولار، وتخطط شركة شلاتين لإطلاق مزايدة عالمية جديدة في يوليو 2025، تشمل مناطق البرامية، عنود، وفاطيري.

وساهم منجم السكري وحده في تحقيق إيرادات تراكمية بلغت 7.5 مليار دولار حتى نهاية 2023، كما بلغت قيمة الإتاوة الحكومية نسبة 3% من العائدات، بما يعادل 19.5 مليون دولار في عام 2019، ومن المتوقع أن يسهم منجم إيقات بإيرادات كبيرة مع اقتراب عام 2030.

بالإضافة إلى توفر المناجم فرص عمل للمجتمعات المحلية، وتسهم في دعم مشروعات البنية التحتية بالمناطق النائية، ما يحقق نوعًا من التنمية المتوازنة ويقلل الفجوة التنموية بين الحضر والصعيد والصحراء.

ومما لا شك فيه، أن مناجم الذهب في مصر، بقيادة منجمي السكري وإيقات، تشكل حجر زاوية في بناء احتياطي استراتيجي قوي، بلغ 128.4 طنًا بقيمة 13.679 مليار دولار بنهاية مايو 2025.

ومع استمرار جهود الإصلاح وجذب الاستثمارات، تتقدم مصر بخطى ثابتة نحو ترسيخ مكانتها كقوة إقليمية صاعدة في سوق الذهب العالمي، وهو ما ينعكس على استقرار الاقتصاد وفتح آفاق جديدة للتنمية المستدامة.