أخبار عاجلة
تغير المناخ|الأسباب والتأثير والحلول -
FBI يطيح بـ23 متهمًا في أول أيام حملة استعادة الأمن -

خريطة الطريق المرتقبة وآمال الانفراج.. ليبيا بين جمود سياسي مزمن وتغلغل الإرهاب

خريطة الطريق المرتقبة وآمال الانفراج.. ليبيا بين جمود سياسي مزمن وتغلغل الإرهاب
خريطة الطريق المرتقبة وآمال الانفراج.. ليبيا بين جمود سياسي مزمن وتغلغل الإرهاب
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

فى ظل أزمة سياسية خانقة تضرب البلاد منذ أكثر من عقد، تبدو ليبيا اليوم على مفترق طرق حاسم، وبينما يترقب الليبيون ما ستعلنه مبعوثة الأمم المتحدة الجديدة إلى ليبيا، هانا سيروا تيتيه، من خريطة طريق مرتقبة لإنهاء حالة الجمود، تتفاقم التحديات الأمنية والاقتصادية والاجتماعية، وتزداد المخاوف من إعادة تموضع الجماعات الإرهابية والمرتزقة فى فراغ السلطة الذى طال أمده.
لقد أصبح واضحًا أن الأزمة الليبية لم تعد تقتصر على صراع سياسى بين الشرق والغرب أو تنازع الشرعيات بين المؤسسات، بل تطورت إلى ساحة مفتوحة لتدخلات خارجية وتهديدات إرهابية تتغذى على الانقسام الداخلي.
وفى هذا السياق، كان حديث تيتيه الأخير بمثابة كشف للمعضلات الجوهرية التى تمنع الوصول إلى تسوية سياسية حقيقية.
المرتزقة الأجانب.. قنبلة موقوتة
من بين أبرز العراقيل التى أشارت إليها تيتيه، يأتى وجود المرتزقة الأجانب على الأراضى الليبية، وهو ملف شائك لا يرتبط فقط بالأمن القومى الليبي، بل يمتد إلى الإقليم برمّته.
فمنذ سقوط النظام السابق عام ٢٠١١، أصبحت ليبيا ملاذًا لمقاتلين أجانب من جنسيات متعددة، بعضهم يعمل ضمن أجندات استخباراتية، وآخرون يتبعون جماعات إرهابية، ما حوّل البلاد إلى نقطة انطلاق لعمليات عابرة للحدود.
وبحسب الأمم المتحدة، فإن عدد هؤلاء المرتزقة يُقدّر بنحو ٢٠ ألف مقاتل، يتوزعون بين مناطق الشرق والغرب والجنوب، وينتمون إلى دول مثل تشاد، السودان، سوريا، روسيا، وتركيا.
بعض هؤلاء ينخرط فى النزاع الليبى مباشرة، وآخرون يتبعون تنظيمات إرهابية مثل «داعش» و«القاعدة»، مستفيدين من حالة الفراغ الأمنى وانقسام السلطات.
هذا الوجود المكثف للمرتزقة لا يهدد فقط السيادة الليبية، بل يمثل أحد أبرز مصادر تغذية الإرهاب، فقد ثبت أن بعض هؤلاء المرتزقة يديرون معسكرات تدريب سرية، أو يسهلون حركة الأسلحة والمقاتلين بين ليبيا ومنطقة الساحل الإفريقي، كما أن الجماعات المتطرفة تعيد تموضعها فى الجنوب الليبي، مُستغلة انهيار مؤسسات الدولة.
الإرهاب فى الجنوب الليبى
الجنوب الليبي، الذى يعانى من تهميش مزمن، أصبح منطقة رخوة لا تخضع لسيطرة كاملة من أى جهة. وهذا ما جعل منه بؤرة نشاط متزايد للجماعات الإرهابية العابرة للحدود، مثل «داعش الصحراء الكبرى» و«بوكو حرام»، إلى جانب ميليشيات قبلية ومجموعات تهريب البشر والمخدرات.
وقد أظهرت تقارير استخباراتية دولية أن الجنوب الليبى يُستخدم كممر استراتيجى لنقل الأسلحة من ليبيا إلى مالى وتشاد والنيجر، وفى الاتجاه المعاكس كذلك.
كما رُصدت تحركات لعناصر أجنبية مرتبطة بميليشيات فاغنر الروسية فى قواعد مثل الجفرة والخادم، والتى باتت تشكل تهديدًا مباشرًا لأى عملية سياسية مستقبلية.
غياب السياسة المالية الموحدة
وفى حديثها، شددت تيتيه أيضًا على مسألة غياب سياسة مالية موحدة، وهو عامل آخر يؤجج الفوضى ويقوّض أى جهد لبناء دولة مركزية قوية. فوجود مصرفين مركزيين، أحدهما فى طرابلس والآخر فى البيضاء، يعنى أن الموارد تُدار بمعايير مزدوجة، ما يفتح الباب أمام التمويل غير الشرعى للجماعات المسلحة، سواء كانت ذات طابع سياسى أو دينى متشدد.
الفراغ المالى والرقابة الهشة على التحويلات جعلت من ليبيا نقطة ارتكاز لشبكات مالية غير مشروعة، تموّل الإرهاب والتهريب، فى وقت يعانى فيه الشعب من انهيار البنية التحتية، وغياب الخدمات الأساسية، وتدهور مستوى المعيشة.
خريطة الطريق
فى خضم هذه الفوضى، تتطلع البعثة الأممية إلى طرح خريطة طريق سياسية جديدة، تسعى من خلالها إلى إنهاء الانسداد والتمهيد لإجراء انتخابات طال انتظارها.
وتؤكد تيتيه أن الخطوة الأولى تتمثل فى إصلاح القوانين الانتخابية، وتعديل الإعلان الدستوري، بما يضمن نزاهة الانتخابات وقبول نتائجها من جميع الأطراف.
ورغم الجهود المبذولة، فإن الحل السياسى لا يزال رهين توازنات القوى الداخلية والخارجية. فبعض القوى لا ترى مصلحتها فى الاستقرار، وتسعى إلى إبقاء الوضع على ما هو عليه، لضمان مصالح اقتصادية وجيوسياسية مستدامة، سواء فى مجال الطاقة أو النفوذ الإقليمي.
وفى محاولة لكسر هذه الدائرة المفرغة، أطلقت البعثة استطلاعًا واسع النطاق شمل أكثر من ١٥ ألف ليبى وليبية، فى الداخل والخارج، لجمع آراء حول مستقبل البلاد السياسي.
وتهدف هذه الخطوة إلى إعطاء العملية السياسية بُعدًا شعبيًا حقيقيًا، يمنحها الشرعية الضرورية لتجاوز منطق المحاصصة والنخبوية.
الإرادة الدولية.. بين الدعم والمصالح
لا شك أن المجتمع الدولي، ممثلًا فى مجلس الأمن، يقف أمام مفترق طرق حاسم فى تعاطيه مع الملف الليبي. فإما دعم عملية سياسية تقود إلى انتخابات فعلية، أو الاستمرار فى إدارة الأزمة بدل حلها، ما يفتح الباب أمام موجة جديدة من الإرهاب المنظم، تهدد ليس فقط ليبيا، بل الضفة الجنوبية للمتوسط أيضًا.
وقد لمّحت تيتيه فى تصريحاتها إلى احتمال فرض عقوبات على المعرقلين للعملية السياسية، فى خطوة قد تكون مفصلية للضغط على الأطراف المتشددة.
كما أشارت إلى استمرار التواصل مع دول الجوار، مثل تشاد والسودان، لإعادة المرتزقة، ما يؤكد الطابع الإقليمى للأزمة.
خريطة تيتيه
يرى مراقبون أن الجمود السياسي، بحد ذاته، لم يعد مجرد مأزق دستورى أو إداري، بل تحوّل إلى بوابة مفتوحة لتصاعد الإرهاب والتدخل الأجنبى وتفكك الدولة، وإذا لم تتمكن البعثة الأممية من فرض إطار سياسى واضح يلتزم به الجميع، فإن خطر الانهيار الكامل قد يصبح واقعًا لا مفر منه.
ويشير المراقبون إلى أن ليبيا اليوم تحتاج إلى أكثر من خارطة طريق؛ تحتاج إلى إرادة وطنية جامعة، وقرار دولى صارم، ومصارحة حقيقية مع النفس، بأن استمرار الانقسام يفتح أبواب الجحيم، ويمنح الإرهاب فرصة جديدة للتمدد فى قلب شمال أفريقيا.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

السابق "أون سبورت" تنقل مواجهة مصر واليابان في مونديال كرة اليد تحت 19 عاما
التالى نقابة الصحفيين المصريين تجدد إدانتها للجرائم الوحشية للعدوان الصهيوني في غزة