أكد الكاتب الصحفي المتخصص في العلاقات الدولية وحقوق الإنسان، سلمان إسماعيل، أن الدولة المصرية رفضت منذ اللحظة الأولى مخطط تهجير الفلسطينيين من قطاع غزة، مشيرًا إلى أن مؤسسات الدولة السيادية تنبّهت مبكرًا لهذا السيناريو عبر تقديرات استخباراتية دقيقة حذّرت من وجود خطة ممنهجة لاقتلاع سكان القطاع ودفعهم إلى سيناء أو إلى أي مكان خارج فلسطين.
وأضاف خلال لقائه في برنامج حوار اليوم عبر شاشة "النيل للإخبار"، أن هذا الموقف لا يستند فقط إلى اعتبارات سياسية أو أمنية، بل إلى موقف مبدئي يعتبر التهجير القسري "جريمة تطهير عرقي لا يمكن القبول بها".
رفض رسمي وشعبي شامل لمخططات التهجير
وأوضح إسماعيل أن رفض مصر للتهجير جاء على كافة المستويات: من رئاسة الجمهورية ووزارة الخارجية، مرورًا بالمندوب المصري في الأمم المتحدة، وصولًا إلى وسائل الإعلام والمجتمع المدني، مؤكدًا أن الإجماع المصري حول هذه القضية يعكس ثبات الموقف الأخلاقي والسيادي تجاه القضية الفلسطينية.
مساعدات إنسانية ضخمة رغم الأزمة الاقتصادية
وأشار الكاتب الصحفي إلى أن مساهمة مصر في المساعدات الإنسانية لغزة كانت لافتة، رغم ما تمر به من تحديات اقتصادية، موضحًا أن نحو 80% من المساعدات التي دخلت أو تنتظر الدخول إلى القطاع، خرجت من مصر، سواء من الحكومة أو المجتمع المدني أو النقابات أو التبرعات الشعبية، مما يعكس حجم التضامن الشعبي والرسمي مع أهل غزة.
تفنيد أكاذيب الإعلام الإسرائيلي بشأن معبر رفح
ردًا على اتهامات الإعلام الإسرائيلي بأن مصر تمنع دخول المساعدات، شدد إسماعيل على أن هذه المزاعم عارية تمامًا من الصحة، ويتم ترويجها في إطار دعاية مضللة تستهدف تشويه دور مصر.
وأشار إلى أن زيارات مسؤولين دوليين لمعبر رفح، من بينهم الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، ورئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز، والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، كشفت أن السبب الحقيقي لتعطيل العمل في المعبر هو القصف الإسرائيلي الذي دمر البنية التحتية للجانب الفلسطيني من المعبر، وليس مصر.
فرانشيسكا ألبانيز صوت أممي يقلق إسرائيل
أشاد إسماعيل بتجديد ولاية فرانشيسكا ألبانيز، المقررة الخاصة لحقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة، معتبرًا أن مواقفها بمثابة "ناقوس خطر لإحياء الضمير الإنساني العالمي".
وقال إن محاولات إسرائيل والولايات المتحدة لعرقلة استمرارها في منصبها تؤكد مدى إزعاج مواقفها التي تصف الأوضاع في غزة بوصفها القانوني الصحيح: إبادة جماعية.
وفي الشأن السياسي، أكد إسماعيل أن مصر لا تزال تلعب دورًا محوريًا في الوساطة بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي.
وأشار إلى أن القاهرة، بالتنسيق مع الدوحة، طرحت مقترحًا لوقف إطلاق نار لمدة 60 يومًا، يتضمن تبادلًا للأسرى، وضمانات لبدء مفاوضات جادة نحو هدنة دائمة، إلى جانب انسحاب تدريجي لقوات الاحتلال من القطاع.
وعن دور الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في التهدئة، قال إسماعيل إن ترامب رجل يناقض نفسه فهو يشجع الإبادة الجماعية في قطاع غزة ويدعم تهجير سكانه، وفي نفس الوقت يريد الحصول على جائزة نوبل للسلام.
باريس تقترب من الاعتراف بالدولة الفلسطينية
وفي إطار التحولات الأوروبية، لفت إسماعيل إلى أن فرنسا باتت تقود الموقف الأوروبي في ظل تراجع الدور الألماني بعد رحيل المستشارة أنجيلا ميركل.
وأشار إلى أن باريس بدأت تتخذ مواقف أكثر توازنًا تجاه ما يحدث في غزة، بل تقترب من الاعتراف الرسمي بالدولة الفلسطينية، وهو ما قد يعيد ترتيب المواقف الأوروبية تجاه الصراع.
صمت الغرب يشجع على تكرار المجازر
وحذّر الكاتب الصحفي من أن استمرار المجازر في غزة لا يهدد الفلسطينيين وحدهم، بل ينسف مصداقية النظام الدولي بأسره، إذ أن "الإفلات من العقاب" هو الباب الأكبر لانتهاك القانون الدولي وحقوق الإنسان، على حد تعبيره.
وأضاف: "إذا صمت الغرب اليوم عن غزة، قد يجد نفسه غدًا في موقف العاجز إذا تعرضت أوكرانيا أو دول أخرى لجرائم مشابهة".
خطة مصرية شاملة لإعادة إعمار غزة
وفي ختام حديثه، أشار إسماعيل إلى أن مصر قدمت بالفعل خطة متكاملة إلى الأمم المتحدة لإعادة إعمار غزة، ترتكز على مراحل منظمة، وتنفيذ بأيدٍ مصرية تمتلك الكفاءة والخبرة، مؤكدًا أن رغم الدمار الهائل، فإن لدى الشعب الفلسطيني إرادة صلبة للنهوض وإعادة بناء وطنهم من تحت الركام.