يُعدّ التعدين في أعماق البحار، أي استخراج المعادن الأساسية منه، سياسة راسخة تنتهجها إدارة الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، لكبح احتكار الصين وتلبية الاحتياجات الوطنية.
وبحسب متابعة منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن) لتحديثات القطاع، يسعى الرئيس ترمب إلى ترسيخ مكانة الولايات المتحدة بصفتها رائدة عالمية بمجال استكشاف المعادن في أعماق البحار، وتقنيات وممارسات التطوير المسؤولة.
ولذلك، تُسرّع الولايات المتحدة من وتيرة التعدين في أعماق البحار سعيًا لتأمين المعادن الأساسية، بعيدًا عن سيطرة الصين.
وتحتوي أعماق البحار على مليارات "العقيدات متعددة المعادن" بحجم قبضة اليد، غنية بالكوبالت والنيكل والمنغنيز والنحاس، وجميعها ضرورية لبطاريات السيارات الكهربائية الحالية.
ما هو التعدين في أعماق البحار؟
يُقصد بالتعدين في أعماق البحار استخراج الموارد المعدنية الأساسية من قاع المحيط.
وتزخر أعماق البحار بموارد قيّمة مثل المنغنيز والنيكل والكوبالت والعناصر الأرضية النادرة، التي تُستعمل في أنظمة الدفاع والبطاريات والهواتف الذكية والأجهزة الطبية.
ويُعدّ الوصول إلى هذه المعادن عاملًا أساسيًا في سلامة سلاسل التوريد الأميركية ومرونتها.

وقبل أن يتمكن أيّ مواطن أميركي -بما في ذلك الشركات الأميركية- من المشاركة في أنشطة تعدين أعماق البحار في مناطق قاع المحيط الواقعة خارج نطاق الولاية الوطنية، يجب عليه الحصول على التراخيص الحكومية المناسبة.
وبالنسبة لمناطق قاع المحيطات الواقعة ضمن السيادة الوطنية الأميركية، فإن السلطة القانونية الأساسية لأنشطة التعدين البحرية هي قانون أراضي الجرف القاري الخارجي، الذي يُديره مكتب إدارة طاقة المحيطات التابع لوزارة الداخلية.
قوانين التعدين في أعماق البحار
على الرغم من أن المجتمع الدولي فشلَ في التوصل إلى توافق في الآراء بشأن القوانين، وأدان الإجراءات أحادية الجانب بشأن التعدين في أعماق البحار، تُسرّع إدارة ترمب من وتيرة سعيها لاستخراج المعادن الأساسية من أعماق المحيط.
وتعدّ الولايات المتحدة المعادن الأساسية والعناصر الأرضية النادرة قضية أمن قومي.
ويُستعمل الكوبالت والنيكل والنحاس والمنغنيز وغيرها من المعادن الأرضية النادرة في صناعات الدفاع والفضاء والطاقة وغيرها، حيث تؤدي دورًا حيويًا في اقتصاد البلاد.
وتسيطر الصين، حاليًا، على جزء كبير من الإنتاج والتعدين البري للعناصر الأرضية النادرة، ما يمنحها احتكارًا شبه كامل لهذه الموارد القيّمة، وفق معلومات جمعتها منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن).
تأمين إمدادات موثوقة من المعادن الأساسية
في إطار جهودها لتأمين إمدادات موثوقة من المعادن الأساسية، بعيدًا عن سيطرة بكين، تُعزز الولايات المتحدة إطار عملها الحالي المُنظّم للتعدين في أعماق البحار، الذي سُنّ في ثمانينيات القرن الماضي.
وقد حُدّدت طموحات البلاد في الأمر التنفيذي للرئيس ترمب، "إطلاق العنان للمعادن والموارد البحرية الأساسية الأميركية"، الصادر في أبريل/نيسان الماضي.
ويهدف الأمر التنفيذي إلى ترسيخ مكانة الولايات المتحدة بصفتها "رائدة عالمية في مجال استكشاف المعادن في أعماق البحار، وتقنيات وممارسات تطويرها، وشريكة للدول التي تُطوّر مواردها المعدنية في أعماق البحار في المناطق الخاضعة لولايتها الوطنية، بما في ذلك مناطقها الاقتصادية الخالصة".
في مايو/أيار الماضي، بدأت وزارة الداخلية الأميركية عملية تقييم بيع عقد إيجار محتمل لغرض استخراج معادن أساسية من الجرف القاري الخارجي للولايات المتحدة في المياه قبالة سواحل منطقة ساموا الأميركية.
من ناحيتها، أرسلت شركة "إمبوسيبل ميتالز" الأميركية (Impossible Metals) طلبًا رسميًا لبيع عقد إيجار إلى مكتب إدارة طاقة المحيطات في أوائل أبريل/نيسان الماضي.

الهيئة الدولية لأعماق البحار
تأسست الهيئة الدولية لأعماق البحار (ISA) عام 1982 لتنظيم التعدين في أعماق البحار في المناطق الواقعة خارج نطاق الولاية الوطنية للدول الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار (UNCLOS).
في يوليو/تموز 2025، اجتمع مندوبو الهيئة الدولية لأعماق البحار في مدينة كينغستون عاصمة جامايكا، للتفاوض على مسودة قانون التعدين الخاص بالمنظمة.
وفشلت المفاوضات في الدورة الـ30 لمجلس الهيئة الدولية لأعماق البحار في وضع اللمسات الأخيرة على مسار تنظيمي لجمع معادن أعماق البحار مع حماية البيئة البحرية.
وقالت الأمينة العامة للهيئة الدولية لأعماق البحار، ليتيسيا كارفالو: "إن هناك حاجة إلى نظام تنظيمي قائم على العلم، لمنع الفوضى التي قد تُسبِّبها الإجراءات أحادية الجانب".
وأضافت كارفالو: "ما سيمنع الفوضى هو القوانين".
وبما أن الولايات المتحدة ليست من الدول الموقّعة لاتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار، فإنها تستند في نهجها إلى قانونها الخاص بشأن موارد المعادن الصلبة في أعماق البحار العميقة (DSHMRA).
وتخضع أحكام هذا القانون للمراجعة من قِبل الإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي، المسؤولة عن إصدار التراخيص والتصاريح للمواطنين الأميركيين في المناطق الواقعة خارج نطاق السيادة الوطنية.
وقد اقترحت الوكالة توحيد التراخيص والتصاريح لتيسير العملية التنظيمية، ويُفتح باب التعليقات على التغيير التنظيمي حتى 5 سبتمبر/أيلول 2025.
موضوعات متعلقة..
اقرأ أيضًا..
المصدر..