تحذيرات من تآكل الديمقراطية وتحول في العلاقة بين المؤسستين العسكرية والمدنية
في خطوة تُنذر بتحول جذري في السياسة الداخلية الأمريكية، كشفت مذكرة سرية مسربة من وزارة الأمن الداخلي عن خطة مثيرة للجدل، تدعو إلى إشراك الجيش الأمريكي في تنفيذ برنامج واسع للترحيل الجماعي للمهاجرين غير الشرعيين، وُصفت بأنها "الخيار الوحيد المتبقي".
الخطة، التي صاغها فيل هيجسيث – المستشار السابق في البنتاغون وشقيق وزير الدفاع الحالي بيت هيجسيث – أثارت ردود فعل صاخبة في الأوساط السياسية والإعلامية، بعد نشر تفاصيلها عبر موقع ذا نيو ريبابلك.
وبحسب تقرير نشرته صحيفة الإندبندنت البريطانية، فإن المذكرة التي تحمل عنوان "إنهاء الغزو" تكشف عن توجهات متشددة داخل الإدارة الأمريكية، تدفع نحو عسكرة ملف الهجرة، في خرق غير مسبوق للتقاليد الدستورية التي تفصل بين السلطات المدنية والعسكرية.
إجراءات عقابية وتغييرات بنيوية داخل الدولة
المذكرة، التي تضمنت محضر اجتماع بتاريخ 21 يونيو ضم كبار المسؤولين في وزارتي الأمن الداخلي والدفاع، لا تقتصر على الدعوة إلى ترحيل المهاجرين، بل تشمل سلسلة إجراءات شاملة تهدف إلى إعادة تشكيل المشهد السياسي والمؤسسي.
من بين المقترحات: إحلال ضباط عسكريين محل مسؤولين مدنيين بوزارة الأمن الداخلي، ورفع دعاوى جنائية ضد منظمات المجتمع المدني التي تقدم الدعم للمهاجرين، إضافة إلى فرض عقوبات على قضاة يتخذون قرارات مناهضة لسياسات الحكومة.
وتضمنت المذكرة كذلك توجيهات بإطلاق حملة علاقات عامة تستهدف تصوير المهاجرين كمصدر "تهديد وجودي" للولايات المتحدة، في ما اعتبره مراقبون تصعيدًا خطيرًا في الخطاب السياسي تجاه ملف الهجرة.
مخاوف من عسكرة الداخل الأمريكي
وتأتي هذه التسريبات في سياق استعدادات انتخابية محتدمة، في وقت يسعى فيه الرئيس دونالد ترامب إلى تجييش الرأي العام حول قضايا الأمن والهجرة.
وبحسب المذكرة، فإن الإدارة تعتزم استخدام "قدرات التخطيط العملياتي على مستوى البلاد" التي يملكها البنتاغون، لتوسيع نطاق عمليات الترحيل وتكثيفها على مدى السنوات المقبلة.
اللافت أن هذه الخطة تأتي استكمالًا لتحركات سابقة، كان أبرزها نشر ترامب ما يقرب من 5 آلاف من أفراد الحرس الوطني و700 من مشاة البحرية في لوس أنجلوس، للتصدي لاحتجاجات شعبية ضد حملات المداهمة التي نفذتها هيئة الهجرة والجمارك.
ورغم اعتراف المذكرة بأن هذه الخطوة لم تكن مثالية، فإنها تؤكد النية في تكرار التجربة مستقبلًا.
انتقادات وتحذيرات من "تفكيك الديمقراطية"
أثارت المذكرة ردود فعل غاضبة، إذ حذر محللون من أن تطبيق هذه الخطة قد يؤدي إلى اضطرابات داخلية، وتآكل الثقة في المؤسسات الديمقراطية، وتكريس دور غير دستوري للجيش في الحياة المدنية.
ويرى مراقبون أن الوثيقة المسرّبة تمثل اختبارًا لقدرة الديمقراطية الأمريكية على مقاومة النزعات السلطوية داخل المؤسسات الرسمية، خصوصًا إذا أعيد انتخاب ترامب لفترة جديدة، ما قد يتيح له تنفيذ رؤى أكثر تشددًا في ملفات الأمن والهجرة.