
في مشهد وطني لا تغيب عنه ملامح الانتماء والانحياز للمستقبل، شارك المصريون بالخارج بقوة لافتة في انتخابات مجلس الشيوخ 2025، مجددين بذلك العهد مع وطنهم، ومؤكدين أن الجغرافيا لن تفصلهم عن قرار المشاركة في بناء الدولة.
وبين لجان السفارات والقنصليات، ومنصات التصويت الإلكتروني التي أتاحتها الهيئة الوطنية للانتخابات، ارتفعت نسبة الإقبال لتشكل رسالة مزدوجة: دعم للاستقرار، وثقة في مؤسسات الدولة، ووعي بأن المشاركة السياسية ليست رفاهية بل مسؤولية وطنية.
المصريون بالخارج.. تصويت يتجاوز المسافات
رغم اختلاف التوقيتات الدولية وتنوع الظروف الاقتصادية والاجتماعية، شهدت لجان التصويت في القنصليات والسفارات المصرية إقبالاً متزايدًا منذ اليوم الأول من بدء التصويت.

وأكد مصدر مسؤول بالهيئة الوطنية للانتخابات أن نسبة التصويت بين المصريين بالخارج تجاوزت التوقعات الأولية، خاصة في دول الخليج العربي وأوروبا، مشيرًا إلى أن التكنولوجيا لعبت دورًا مهمًا في تسهيل العملية، عبر المنصة الرقمية الخاصة بالانتخابات، التي أتاحت للمصريين في أكثر من 140 دولة الإدلاء بأصواتهم بسهولة.
ومن خلال تصريحاته ، قال السفير أحمد عبد المجيد ، القنصل العام في جدة:"شهدنا إقبالًا كبيرًا من أبناء الجالية المصرية، وحرصًا على المشاركة من جميع الفئات، رجالًا ونساءً، شبابًا وكبار السن، وهذا يعكس ارتباطًا حقيقيًا بالوطن رغم المسافات."
البرلمان يثمّن.. ورسالة للعالم
وفي سياق متصل، ثمّن عدد من نواب مجلس النواب ومجلس الشيوخ هذه المشاركة، معتبرين أنها تجديد للثقة بين المصريين بالخارج والدولة، وتأكيد على نضج التجربة الديمقراطية المصرية.

قال النائب طارق رضوان، رئيس لجنة حقوق الانسان بمجلس النواب، أن "ما جرى في الخارج يُرسل رسالة للعالم بأن المصريين في الخارج ليسوا فقط سفراء في الوظائف والمراكز، بل أيضًا في دعم الدولة وصناعة قرارها."
تعد "المشاركة النشطة من المصريين بالخارج تؤكد أن الوعي السياسي لم يعد محصورًا داخل الحدود. لقد أصبح المواطن المصري في الداخل والخارج جزءًا فاعلًا من خارطة القرار الوطني."
دلالات ورسائل أبعد من الصناديق
المتابعون للشأن السياسي يرون أن هذه المشاركة تعكس عدة رسائل هامة:
ثقة المصري بالخارج في مسار الدولة واستقرار مؤسساتها.
تأكيد على أن المشاركة السياسية أصبحت ثقافة متجذّرة وليست رد فعل مؤقت.
تعزيز لمكانة مصر الخارجية كدولة ذات مؤسسات تحترم مشاركة مواطنيها أينما كانوا.

فان "الإقبال الكثيف من المصريين بالخارج يعكس أيضًا إدراكهم لأهمية الاستقرار السياسي في التأثير على صورة مصر الاقتصادية عالميًا، وعلى علاقات الاستثمار والتعاون الدولي.
تحديات تجاوزتها الدولة بنجاح
وعلى الرغم من التحديات التقنية والتفاوت في البنى التحتية لبعض الدول، نجحت الهيئة الوطنية للانتخابات في توفير آليات تيسّر العملية الانتخابية عبر منصة إلكترونية محكمة التأمين والتوثيق، وهي خطوة وُصفت بأنها قفزة نوعية في إدارة العمليات الانتخابية المصرية بالخارج.
كما عملت وزارة الخارجية بالتعاون مع وزارتي الهجرة والاتصالات على ضمان سلامة وسهولة الوصول للناخبين وتقديم الدعم الكامل لهم، سواء عبر القنصليات أو عبر الخطوط الساخنة الإلكترونية، ما خلق مناخًا انتخابيًا حضاريًا شهد له المراقبون الدوليون.
عندما يتحد الوطن بأبنائه في كل بقاع الأرض
مشاركة المصريين بالخارج في انتخابات مجلس الشيوخ 2025 لم تكن مجرد إجراء قانوني، بل كانت إعلانًا جماعيًا عن انتماء راسخ، وولاء لا تحده الجغرافيا، وثقة لا تنكسر في مؤسسات الدولة.
لقد قال المصريون في الخارج كلمتهم بصوت هادئ لكن واضح: نحن هنا.. من أجل مصر، من أجل الاستقرار، من أجل الديمقراطية التي نصنعها بأيدينا مهما ابتعدنا.
وبهذا المشهد الناضج، تؤكد مصر للعالم أن قوتها لا تنحصر داخل حدودها، بل تمتد لتشمل قلوب وعقول أبنائها المنتشرين في كل بقعة على هذا الكوكب، يصوتون من أجل وطن لا يغيب عنهم لحظة.