في ظل الانتشار الواسع لمواقع التواصل الاجتماعي، تصاعدت خلال السنوات الأخيرة ظاهرة صانعي المحتوى الذين يسعون إلى الشهرة السريعة والربح المادي من خلال بث مقاطع تحمل طابعًا مثيرًا أو خادشًا للحياء، دون مراعاة لقيم المجتمع أو التقاليد الراسخة.
وباتت بعض المنصات، وعلى رأسها "تيك توك"، مسرحًا لمحتوى يبتعد كثيرًا عن الترفيه البنّاء، ويعتمد على الإسفاف والإيحاءات، مستهدفًا تحقيق التفاعل بأي وسيلة، حتى ولو على حساب الذوق العام أو الأخلاق المجتمعية.
ظاهرة الإسفاف الرقمي
هذا التوجه المقلق أثار حفيظة قطاعات واسعة من المواطنين، ودفع الجهات الأمنية، وعلى رأسها وزارة الداخلية، إلى تكثيف جهودها لمواجهة ما يُعرف إعلاميًا بـ"ظاهرة الإسفاف الرقمي"، من خلال الرصد المستمر للمحتوى المتداول، والتعامل الفوري مع البلاغات التي ترد بشأن أي إساءة استخدام لتلك المنصات، سواء من حيث خدش الحياء، أو بث الشائعات، أو نشر معلومات كاذبة بهدف تضليل الرأي العام أو جني مكاسب مالية غير مشروعة.
في هذا السياق، تبرز واقعة ضبط "أم مكة" و"أم سجدة" كحلقة جديدة ضمن سلسلة حملات ضبط تجاوزات صانعي المحتوى، ما يعكس إصرار الدولة على حماية المجتمع من التلوث الأخلاقي الرقمي، وتأكيدها أن حرية التعبير لا تعني الفوضى أو خدش الحياء باسم "الترند".
"أم مكة" و"أم سجدة"
كانت قد تمكنت وزارة الداخلية من ضبط صانعتي محتوى شهيرتين على تطبيق "تيك توك"، تُعرفان إعلاميًا باسم "أم مكة" و"أم سجدة"، بعد نشرهما مقاطع فيديو خادشة للحياء وتتضمن خروجًا فجًا على قيم وآداب المجتمع المصري.
تأتي هذه الواقعة في إطار مواصلة وزارة الداخلية جهودها الحثيثة لضبط التجاوزات الأخلاقية والإسفاف الإلكتروني، خاصة بعد تصاعد شكاوى المواطنين وورود عدة بلاغات ضد المذكورتين، لقيامهما ببث محتوى مرئي تضمن ألفاظًا غير لائقة وإيحاءات خادشة، فضلًا عن استغلال المنصات الرقمية لتحقيق أرباح مالية سريعة عبر إثارة الجدل وتجاوز الخطوط الحمراء.
مقاطع مثيرة للجدل
وبحسب بيان أمني، أكدت التحريات أن "أم مكة" و"أم سجدة" – وهما ربتا منزل، تقيمان في محافظتي القاهرة والقليوبية – لجأتا إلى نشر مقاطع مثيرة للجدل بهدف رفع نسب المشاهدات وجني مكاسب مالية عبر منصات السوشيال ميديا. وبعد تقنين الإجراءات، تمكنت أجهزة الأمن من تحديد أماكن تواجدهما وضبطهما، وبمواجهتهما أقرتا بارتكاب الواقعة سعيًا للربح وتحقيق الشهرة.
تم اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة حيالهما، وإحالتهما إلى جهات التحقيق المختصة.
في سياق متصل، حذر خبراء اجتماع وإعلام من ظاهرة "الربح السريع" على حساب القيم، مشيرين إلى خطورة تحول بعض المنصات الرقمية إلى ساحات لبث محتويات مبتذلة تفسد الذوق العام وتؤثر سلبًا على النشء والشباب.
ودعوا إلى ضرورة تغليظ العقوبات وتشديد الرقابة المجتمعية، بجانب التوعية الأسرية والإعلامية للحد من هذه الظواهر الدخيلة على المجتمع المصري.