أقيمت احتفالية خاصة لتكريم الفائزين بمسابقة النصوص المسرحية في المهرجان القومي للمسرح المصري، مساء أمس الأربعاء بقاعة المجلس الأعلى للثقافة، ضمن فعاليات الدورة الثامنة عشرة، بحضور لافت من الجمهور وعدد من الكُتاب والمبدعين، وذلك في إطار دعم الأصوات الجديدة في مجال الكتابة المسرحية.
الاحتفاء بالكتاب المسرحيين
أدار اللقاء المخرج المسرحي عمرو قابيل، الذي عبّر في كلمته عن سعادته بهذا التقليد الجديد، مؤكدًا أن الاحتفاء بالكُتاب المسرحيين ليس غريبًا على الساحة المصرية، التي طالما احتضنت الريادة في هذا الفن.
وقال قابيل، إن الكتابة المسرحية في مصر لها جذور عميقة، ومصر كانت ولا تزال الملهمة على مر التاريخ. تاريخنا زاخر بعشرات، بل مئات الكُتاب الذين أثروا المشهد المسرحي، واليوم نحتفي بثلاثة من الفائزين بمسابقة التأليف المسرحي".
وأشار قابيل، إلى غياب الكاتب محمد سرور، صاحب نص "الخالة" الفائز بالمركز الثالث، وقدم نبذة تعريفية عن الكُتاب الحاضرين، قبل أن يُسلم الكلمة للدكتور شريف صالح لتقديم قراءة تحليلية للنصوص الثلاثة الفائزة.
شريف صالح: النص المسرحي أدبيًا أم عرضًا؟ وإشكالية الغموض والهوية
استهل د. شريف صالح حديثه بتهنئة الفائزين الثلاثة، موضحًا أن مشاركته جاءت من زاوية تحليلية نقدية لا علاقة لها بتحكيم النصوص.
وأضاف صالح، أن المسرح كاشف، فإما أن تلامس النصوص المتلقي، أو ينصرف عنها الجمهور، والنص المسرحي هنا أراه كنص أدبي، مثله مثل الرواية، ويجب أن نتساءل: هل هو نص قابل للقراءة بذاته أم فقط عند تحوله إلى عرض؟".
واستخدم صالح المنهج السيميائي (العلاماتي) لتحليل النصوص الثلاثة، مشيرًا إلى غياب التصنيف النوعي الدقيق في النصوص، إذ لم يتضح ما إذا كانت تراجيدية أو كوميدية بشكل صريح، وإن كانت تميل للطابع التراجيدي المصاحب ببعض لمحات الكوميديا.
كما أثنى على اختيارات العناوين التي حملت طابعًا تساؤليًا ومحفزًا للتأمل، مثل "فريق الكابتن يحيى"، و"40 ميلًا بحريًا نحو الشمال"، و"الخالة"، معتبرًا أنها تفي بشرط الإثارة والفضول لدى المتلقي.
تحليل بنية النصوص: اللغة، الفضاء، والشخصيات
تناول د. صالح أيضًا البنية الدرامية للنصوص الثلاثة، مشيرًا إلى تباين مستويات اللغة فيها، لا سيما استخدام العامية كما في نص "فريق الكابتن يحيى"، وتفاوت مستوى لغة الإرشادات ومدى التزام الكُتاب بها.
وتطرق إلى الحيز المكاني في النصوص، وتحليل الشخصيات ونهايات الأعمال، موضحًا نقاط القوة والضعف، قبل أن يُعلق بقولهالنصوص حاولت أن تقول كل شيء، وهذا ما جعلها في الحقيقة لا تقول شيئًا محددًا، وأفقدها مساحة التأمل".
أحمد سمير: تجربتي بدأت من الإعداد.. وهذا أول نص مسرحي أكتبه
من جانبه، تحدث الكاتب والمخرج أحمد سمير، الحاصل على المركز الأول عن نصه "فريق الكابتن يحيى"، مؤكدًا أن هذا العمل هو أول تجربة تأليف مسرحية خالصة له، بعد أن اعتاد إعداد النصوص التي يقوم بإخراجها أو يشارك في كتابتها.
وقال سمير: أنا أميل في عملي الإخراجي إلى مسرحة الرواية أكثر من الاعتماد على نصوص مسرحية جاهزة، ومن هنا جاءت محاولتي الأولى في الكتابة الكاملة. فكرة النص خرجت من خيالي بالكامل، والشخصيات تم بناؤها دراميًا من الصفر".
الحمامصي: فكرة قديمة.. وصديقة دعمتني لتحقيقها
بدوره، أعرب الكاتب عبد الرحمن الحمامصي عن سعادته بالمشاركة في المسابقة، مؤكدًا أن نصه الفائز "40 ميلًا بحريًا نحو الشمال" كان فكرة تراوده منذ السنة الثانية الجامعية.
وقال الحمامصي: ظلت الفكرة في ذهني لسنوات حتى شجعتني إحدى الصديقات على تحويلها إلى نص كامل وإخراجه مع إحدى الفرق. وبالفعل قدمته وفزت، لذا أشكرها بشدة على هذا الدعم".
كما عبر عن امتنانه العميق للملاحظات النقدية التي قدمها د. شريف صالح، مشيرًا إلى أنها أضاءت له الكثير من المناطق المهمة في العمل.
الجمهور يشارك.. وصفاء البيلي تؤكد أهمية الأصالة
شهدت الندوة تفاعلًا ثريًا من الجمهور، حيث أبدت الكاتبة صفاء البيلي ملاحظاتها حول بنية النصوص، مشيرة إلى بعض الإشكاليات في اللغة والبنية وأصالة الفكرة.
كما تحدث الدكتور أحمد عامر، مقدمًا ملاحظات تحليلية حول التقنيات الدرامية المستخدمة في النصوص، وهو ما أضفى على اللقاء طابعًا حواريًا عميقًا ومثمرًا، ساهم في توسيع الرؤية النقدية والتأملية لدى الحضور والكتّاب أنفسهم.


