لطفي لبيب , رحل عن عالمنا الفنان القدير بعد تعرضه لأزمة صحية حادة أدت إلى نقله للعناية المركزة، حيث فارق الحياة بعد مسيرة فنية وإنسانية غنية بالعطاء، ومواقف نبيلة راسخة في الوجدان. لم يكن مجرد ممثل بارع، بل كان إنسانًا صادقًا حمل في قلبه حبًا للوطن وتقديرًا عميقًا للتجربة الإنسانية التي خاضها خلال حرب أكتوبر، وهي التجربة التي ظلت تلازمه حتى أيامه الأخيرة.

صداقة لا تُنسى لـ لطفي لبيب في خنادق القتال
من أبرز المواقف التي بقيت محفورة في ذاكرة الفنان الراحل ، صلته الوثيقة بالشيخ عبد الفتاح صقر، إمام مسجد شاركه سنوات من الخدمة العسكرية أثناء حرب أكتوبر، رغم اختلاف ديانتهما. في لقاء تليفزيوني نادر مع الإعلامي عمرو الليثي عبر قناة “النهار” عام 2022، كشف لبيب عن تفاصيل هذه العلاقة الفريدة، قائلاً:
“دخلت الجيش سنة 1970 وخرجت في آخر 1976.. ست سنين مليانة بالذكريات.”
تحدث بتأثر بالغ عن موقف لا ينساه يوم 7 يناير، في وقت كانوا فيه محاصرين، حين قدّم له الشيخ عبد الفتاح “نصف جركن ماء” كعيدية ليستحم به. وصف هذا التصرف بأنه لفتة نابعة من روح أخوية صافية:
“كنا بنسخّن الميّه سوا بتناكات بنزين العربيات اللي اتضربت، نولّع تحتها بالكوتش، عشان نقدر نتحمّم.”
بعد مرور السنوات، تلقى النجم نبأ وفاة الشيخ عبد الفتاح بحزن بالغ، قائلاً:
“كان بيصلي على الشهداء، وكان أكتر من أخ.. بكيت عليه كأني فقدت جزء مني.”

لطفي لبيب لا فرق بين مسلم ومسيحي في ساحات الشرف
أكد الفنان في حديثه أن ما عاشه خلال فترة الحرب هو أبلغ دليل على وحدة الصف بين المصريين، حيث لم تكن الهوية الدينية محل سؤال أو تمييز، بل كانت الأرواح متحدة في مواجهة العدو:
“الحرب مليانة تفاصيل، بس مكنش حد يعرف أنا مسيحي غير بعد عشر سنين، إحنا كنا أسرة واحدة في الخندق.”
وروى موقفًا طريفًا حدث له في ساحة المعركة:
“واحد سألني: ما بتصليش ليه؟ قلت له: عندي عذر.. رد وقال: عذر إيه؟ قلت له: أنا مسيحي.”
كانت هذه اللحظات البسيطة تحمل دلالة عميقة على روح التسامح والتفاهم التي سادت بين الجنود، بعيدًا عن أي تصنيفات.
" frameborder="0">
فنان برفض التطبيع ويعتز بماضيه
لم ينس الفنان الراحل تاريخه كمحارب، حتى بعد أن أصبح نجمًا سينمائيًا، وهو ما انعكس في موقفه الرافض لتكريم قدمته له السفارة الإسرائيلية عقب فيلم السفارة في العمارة:
“كلموني من السفارة وقالوا عايزين نكرمك، لكن أنا رفضت، قلت لهم: مينفعش.. دول ناس كنت بحاربهم.”
بهذا الموقف، عبّر عن التزامه بالمبدأ والوفاء لتاريخه الوطني، مؤكدًا أن الفن لا يمكن فصله عن القيم والمواقف.