هل يواصل الغاز المسال تعزيز أمن الطاقة في جنوب شرق آسيا؟ (تقرير)

يثير استمرار الغاز المسال في تعزيز أمن الطاقة بدول جنوب شرق آسيا تساؤلات لدى الخبراء والمحللين، وسط تقّلبات أسعار الوقود ومنافسة الأسواق واضطرابات مسارات الشحن.

ووفق منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)، شهدَ استعمال الغاز المسال في جنوب شرق آسيا ارتفاعًا حادًا في السنوات الأخيرة نتيجةً لتزايُد الطلب على الطاقة.

في المقابل، يمرّ أمن الطاقة في جنوب شرق آسيا بمرحلةٍ حرجة، حيث يقف الغاز المسال عند مفترق طرقٍ.

يأتي هذا في ظل استمرار بؤر التوتر العالمية، بما في ذلك الصراع الإيراني الإسرائيلي والحرب الدائرة منذ أكثر من 3 سنوات في أوكرانيا.

أمن الطاقة في جنوب شرق آسيا

ناقش الباحث في مجال تحول الطاقة لدى مجموعة الأبحاث الدولية "زيرو كربون أناليتكس" (ZCA)، داريو كينر، ما إذا كانت واردات الغاز المسال تضمن أمن الطاقة في جنوب شرق آسيا أم لا، وكانت نتائجه واعدة.

وقال كينر: "إذا اكتملت جميع مشروعات استيراد الغاز المسال قيد التطوير في جنوب شرق آسيا، فسيبلغ إجمالي القدرة الاستيرادية 111 مليون طن سنويًا، وسيتطلب ذلك استثمارًا إجماليًا قدره 11.8 مليار دولار أميركي"، و"هذا يمثّل زيادة تقارب 3 أضعاف القدرة الحالية".

وأوضح أن مشكلات المنطقة ستتفاقم إذا استمرت في الاعتماد على الغاز المسال لتعزيز أمن الطاقة.

وتشمل هذه العقبات تقلبات ومراجحة الأسعار؛ حيث لا تُعدّ مراجحة الأسعار في أسواق الغاز المسال أمرًا جديدًا.

تاريخيًا، ضمنت أسعار الغاز المسال المرتفعة في آسيا إعطاء البائعين الأولوية للمنطقة على أوروبا، وقد تغيرت هذه التوجهات الآن، بحسب متابعة منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن) لتحديثات القطاع.

وأضاف كينر: "على آسيا الآن أن تتعايش مع خطر تقلُّب أسعار الغاز المسال والارتفاعات المفاجئة في الطلب من أوروبا".

وأوضح أن "التجّار حوّلوا في السنوات الأخيرة شحنات الغاز المسال من آسيا نحو أوروبا، لأنهم يستطيعون الحصول على أرباح أعلى، ومن المرجّح أن يستمر هذا الاتجاه إذا ظل الطلب الأوروبي على الغاز المسال مرتفعًا".

إمدادات الغاز المسال من الولايات المتحدة وقطر

أوضح الباحث في مجال تحول الطاقة لدى شركة "زيرو كربون أناليتكس"، داريو كينر، أن الإمدادات الجديدة من أكبر منتجي الغاز المسال عالميًا، الولايات المتحدة وقطر، تزيد من الغموض.

وأشار كينر إلى قدرة المنتجَين التقليديَين للغاز المسال على زيادة قدرتهما الإنتاجية.

ومن المتوقع أن تتضاعف قدرة تصدير الغاز المسال في أميركا الشمالية بين عامي 2024 و2028، من 11.4 مليار قدم مكعبة يوميًا قبل عامين فقط إلى 24.4 مليار قدم مكعبة يوميًا في عام 2028، إذا بدأت المشروعات قيد الإنشاء حاليًا العمل كما هو مخطط لها.

وتتميز خطط قطر لإنتاج الغاز المسال بحزم أكبر، وتهدف إلى زيادة إنتاجها من 77 مليون طن سنويًا إلى 126 مليون طن سنويًا بحلول عام 2027، ثم إلى 142 مليون طن سنويًا قبل عام 2030، ويمثّل ذلك زيادة في القدرة الإنتاجية بنسبة تقارب 80%.

اضطرابات مسارات الشحن

قد تتحول إحدى المشكلات المحتملة الناجمة عن كل هذا العرض الإضافي إلى اضطرابات مسارات الشحن، وكلما زاد إنتاج الغاز المسال وازداد اعتماد الدول عليه في قطاعات الكهرباء لديها، زادت احتمال تعرُّضها لمشكلات الشحن.

ويشمل ذلك مضيق هرمز المتقلب جيوسياسيًا، وحتى قناة بنما، التي شهدت اضطرابات شحن كلّفت مليارات الدولارات في عام 2024 بسبب انخفاض منسوب المياه.

وتُعدّ هذه القناة أقصر طريق إلى آسيا بالنسبة لمُصدّري الغاز المسال الأميركيين، الذين شهدت مبيعاتهم إلى اليابان والصين وكوريا الجنوبية والهند نموًا ملحوظًا خلال العقد الماضي.

رسوم ترمب التجارية

قد يُبقي ضغط الرئيس الأميركي دونالد ترمب على العديد من أعضاء رابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان) المنطقةَ ملتزمة لعقود من صفقات شراء الغاز المسال طويلة الأجل.

إزاء ذلك، أعلنت فيتنام وتايلاند عزمهما استيراد المزيد من الغاز المسال الأميركي لتعويض الزيادات المُرتقبة في الرسوم الجمركية.

وفي الوقت نفسه، حذت اليابان وكوريا الجنوبية والهند وتايوان حذوهما، وفق ما اطّلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة.

ويرى خبير الغاز المسال لدى آسيا بمعهد اقتصاديات الطاقة والتحليل المالي (IEEFA)، كريستوفر دولمان، أن اليابان تُمثّل عقبةً رئيسة أمام طموحات جنوب شرق آسيا في مجال الطاقة النظيفة.

ويستمر نفوذ اليابان بمجال الغاز المسال في المنطقة، وتمويل المشروعات، وتطوير البنية التحتية، دون هوادة على ما يبدو.

وقال دولمان: "تمتلك اليابان معيار تسعير الغاز المسال في المنطقة، وهي تعمل ميدانيًا للتأثير في سياسات الطاقة".

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

المصدر..