في خطوة نوعية تمثل تحولًا عالميًا في جهود الحفاظ البيئي، أعلنت جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية (كاوست) تعاونها مع شركة ديجيلاب (digiLab) لتطوير أول نموذج ذكاء اصطناعي في مجال ترميم الشعاب المرجانية وحمايتها.
وتجسد هذه الشراكة الرائدة التزام كاوست بتوظيف أحدث التقنيات العالمية في خدمة حماية الشعاب المرجانية، وذلك من خلال مبادرة كاوست لإحياء الشعاب المرجانية (KCRI)، التي تُعدّ أكبر مشروع لترميم الشعاب المرجانية في العالم، إذ تهدف إلى زراعة مليوني مرجان بحلول عام 2030، وإنشاء حضانة مرجانية ضخمة تنتج مئات الآلاف من المرجان سنويًا.
إدماج الذكاء الاصطناعي لتحسين فهم النظام البيئي البحري:
تغطي مبادرة (كاوست لإحياء الشعاب المرجانية) مساحة مرجانية واسعة تبلغ 100 هكتار في البحر الأحمر، وتُوظف تقنيات (digiLab) في مراقبة الشعاب وتطوير إستراتيجيات ترميمها، وتهدف الشركة إلى إحداث تحول جذري في منهجيات الترميم التقليدية من خلال حلول الذكاء الاصطناعي المتقدمة.
وسيتيح إدماج منصة الذكاء الاصطناعي التابعة لشركة (digiLab) في مبادرة (كاوست لإحياء الشعاب المرجانية)، للعلماء محاكاة سلوك منظومة الشعاب المرجانية الواقعية والتنبؤ به عن كثب لحظيًا، وستتيح هذه القدرة مراقبة سهلة وفعالة لمنظومة الشعاب المرجانية، سواء في المشاتل الأرضية أو البحرية.
كما تعمل أدوات الذكاء الاصطناعي على تحليل المنظومة بعمق للكشف عن بيانات حاسمة، مثل: نمو الطحالب، وعلامات المرض، مما يضمن التدخل السريع والفعال لحماية هذه المنظومة البيئية الحيوية.
وقد صُممت حلول الذكاء الاصطناعي خصوصًا لمعالجة الجوانب الحاسمة لمرونة الشعاب المرجانية، مثل: قدرتها على تحمل الحرارة ومعدلات نموها، وتُعدّ هذه الحلول ضرورية لإحداث نقلة نوعية في كيفية فهم وحماية الشعاب المرجانية من تأثير التغيرات البيئية.
وستقلل هذه الحلول بنحو كبير من الوقت اللازم لتقييم الشعاب المرجانية، وتزيد من دقة البيانات المستخرجة المتعلقة بالضغوط البيئية مثل: درجة الحرارة والضوء، وتُعدّ هذه البيانات الدقيقة حيوية لفهم عملية تكاثر أنواع المرجان وضمان بقائها في ظل التحديات المناخية الراهنة.
ومن المتوقع أن تستغرق عملية الدمج عامين، بدعم من الدكتورة ليز جورجن من مبادرة (KCRI)، وتحت قيادة الدكتور أنهاد ساندو، الشريك المؤسس لشركة (digiLab)، بهدف تسريع عمليات الترميم والحفاظ على الشعاب على نطاق غير مسبوق.
تقنيات (digiLab) تُحدث ثورة في مراقبة الشعاب المرجانية وتوفر التكاليف:
ستعتمد شركة (digiLab) على تقنيات متقدمة لمراقبة الشعاب المرجانية، ومنها: تقنيات الرؤية الحاسوبية، التي ستسهم ف تقليص مدة المراقبة من شهرين إلى أسبوعين، بالإضافة إلى تحسين نشر أجهزة الاستشعار من خلال تحديد المواقع المثلى لها، مما يقلل من الوقت والتكاليف ويزيد من دقة جمع البيانات.
كما ستُدار نسخة توأم رقمي ضخمة بحجم يبلغ 22 بيتابايت عبر منصة (chatReef) التابعة للشركة، مما سيتيح لفريق كاوست رصد منظومة الشعاب بسهولة، واستخلاص بيانات حيوية حول مشكلات مثل نمو الطحالب وانتشار الأمراض، واتخاذ قرارات فورية مبنية على تحليلات دقيقة.
أهداف مبادرة (KCRI) ودور الذكاء الاصطناعي:
تتطلع كاوست من خلال مبادرة (KCRI) إلى زراعة مليوني مرجان بحلول عام 2030، وإنشاء حضّانة مرجانية ضخمة تنتج مئات الآلاف سنويًا، وستكون أدوات الذكاء الاصطناعي المطورة بالتعاون مع شركة (digiLab) عاملًا حاسمًا في تحقيق هذا الهدف بكفاءة عالية، إذ ستُقلص أوقات تقييم الشعاب المرجانية من أشهر إلى أسابيع، وتُحسِّن توزيع أجهزة الاستشعار البيئية لضمان جمع البيانات بدقة عالية.
ويؤكد البروفيسور ديف سوجيت، مدير مبادرة كاوست لإحياء الشعاب المرجانية، أن هذه الشراكة ستمكن كاوست من توظيف أحدث تقنيات الذكاء الاصطناعي لمراقبة إستراتيجيات الترميم وترتيبها وتطويرها لحظيًا، وهو ما قد يحدث تحولًا جذريًا في أساليب الحفاظ على الشعاب المرجانية على الصعيد العالمي.
نموذج عالمي جديد لترميم الشعاب المرجانية:
ستمثل هذه الشراكة بين كاوست وشركة (digiLab) نموذجًا عالميًا جديدًا لترميم الشعاب المرجانية، إذ يبرز دور الذكاء الاصطناعي كنموذج قابل للتوسع في جهود الحفاظ البيئي، وستقدم هذه الشراكة أدوات ورؤى يمكن تكييفها وتطبيقها عالميًا لحماية المنظومة البيئية للشعاب المرجانية وإعادة تأهيلها في ظل التحديات البيئية المستمرة.
ومن ثم؛ يجسد هذا التعاون الريادة العلمية السعودية في مجال البيئة والذكاء الاصطناعي، ويؤسس لنقلة نوعية في الاستدامة البحرية باستخدام أدوات رقمية متقدمة، تجعل من الحفاظ على الشعاب المرجانية مهمة أكثر دقة وفعالية واستدامة.
نسخ الرابط تم نسخ الرابط