أخبار عاجلة
المجلس القومي للمرأة يهنئ أمينة عرفي لتتويجها ... -
وزير قطاع الأعمال العام يتابع الموقف التنفيذي ... -
نائب رئيس الوزراء ووزير الصحة: حصول مصر على ... -
التنظيم والإدارة يعلن نتيجة مسابقة معلم مساعد ... -

أزمة الكهرباء في إيران.. كيف تتخطى طهران مشكلاتها الهيكلية طويلة الأمد؟ (مقال)

أزمة الكهرباء في إيران.. كيف تتخطى طهران مشكلاتها الهيكلية طويلة الأمد؟ (مقال)
أزمة الكهرباء في إيران.. كيف تتخطى طهران مشكلاتها الهيكلية طويلة الأمد؟ (مقال)

اقرأ في هذا المقال

  • إيران أغلقت المكاتب الرسمية لمدة 3 أيام للحدّ من الطلب المتزايد على الكهرباء
  • انقطاعات الكهرباء المُستمرة في إيران خلال الصيف تُحدِث تغييرًا جذريًا في أنماط الطلب
  • المنتجون الزراعيون والصناعيون يُعدّلون عملياتهم لتتلاءم مع جداول انقطاع التيار
  • الحلول غير الرسمية مثل الاستعمال المتزايد للمولدات الخاصة في المناطق الحضرية أصبحت أكثر شيوعًا

تتزامن انقطاعات الماء والكهرباء في إيران لهذا العام 2025 من موجة حر شديدة، ما تسبَّب في تعطيل أعمال الدوائر الرسمية.

في يوم الأربعاء، 23 يوليو/تموز 2025، شهدت طهران وعدّة محافظات أخرى في إيران انقطاعات واسعة النطاق، ومُخطط لها في الكهرباء والمياه.

إزاء ذلك، مددت الحكومة عطلة نهاية الأسبوع بفرض إغلاق طارئ للمكاتب الرسمية لمدة 3 أيام للحدّ من الطلب المتزايد على الكهرباء في إيران خلال حرارة الصيف الشديدة.

ورغم أن هذا الإجراء القاسي حظي باهتمام كبير، فإنه جزء من مشكلة أكبر وأكثر تفاقمًا، كشفت عن هشاشة مرافق الطاقة والبنية التحتية لقطاع الكهرباء في إيران خلال أسابيع من الانقطاعات اليومية التي تستمر لساعات في العديد من المدن.

أسباب أزمة الكهرباء في إيران

أدت عدّة عوامل إلى أزمة الكهرباء في إيران، فدرجات الحرارة الصيفية التي تتجاوز باستمرار 40 درجة مئوية تزيد الطلب على شبكة قديمة تعاني من نقص التمويل.

وبالإضافة إلى إرهاق البنية التحتية بشكل كبير، عاقت المعركة الأخيرة التي استمرت 12 يومًا مع إسرائيل توصيل الوقود وصيانة المحطات.

في المقابل، لا يوجد دليل على أن "قصفًا صاروخيًا تسبَّب في انقطاع التيار الكهربائي، على الرغم من الشائعات المتداولة على شبكة الإنترنت التي تُشير إلى عكس ذلك.

وما تزال الأسباب المحلية الرئيسة تتمثل في سوء إدارة الشبكة، وتقادم البنية التحتية، والإغلاقات الحكومية المفروضة بسبب نقص الموارد، وقد أشعلت هذه الظروف الاحتجاجات والاستياء العام.

وتنبع الأزمة من مشكلات هيكلية طويلة الأمد، إذ يعترف المسؤولون الإيرانيون بوجود نقص مستمر في الاستثمار، حيث تقلّ قدرة التوليد بشكل كبير عن الزيادة السنوية في الطلب البالغة نحو7%، أو 5 غيغاواط.

انقطاع التيار الكهربائي في شارع (ولي عصر) بالعاصمة الإيرانية طهران
انقطاع التيار الكهربائي في شارع (ولي عصر) بالعاصمة الإيرانية طهران – الصورة من نيويورك تايمز

بدورها، حالت العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة، إلى جانب العزلة الاقتصادية، دون الحصول على التمويل الأجنبي والتقنيات اللازمة للتحديث.

بالإضافة إلى ذلك، يُستهلك ما يصل إلى 15% من نقص الكهرباء في ساعات الذروة من خلال عمليات تعدين البيتكوين، القانونية وغير القانونية.

ولم تُسهم التدابير قصيرة الأجل التي اتخذتها السلطات -مثل إغلاق الشركات والمدارس، وتركيب عدّادات ذكية في المباني الحكومية، وتطبيق عمليات انقطاع التيار الكهربائي التي تقتصر رسميًا على ساعتين يوميًا، وغالبًا ما تكون أطول في المناطق المحرومة- في تخفيف الاضطرابات الاجتماعية والخسائر الاقتصادية.

استمرار انقطاعات الكهرباء

يُحذّر المسؤولون والمحللون من أنه ما لم تُطبَّق إصلاحات جوهرية، فمن المرجَّح أن تستمرّ انقطاعات الكهرباء في إيران بشكل متكرر لـ4 سنوات أخرى على الأقل، لا سيما خلال فصلي الصيف والشتاء.

وفي الوقت نفسه، تُعدّ تدابير القطاع العام وبرامج الترشيد الأخيرة قاصرة؛ فتحديث البنية التحتية، وتوسيع نطاق الطاقة المتجددة، والتنويع بتقنيات مثل المفاعلات المعيارية الصغيرة، وتخفيف العقوبات لجذب الاستثمار الأجنبي، كلّها أمور ضرورية لتحقيق تقدم مستدام، إلّا أنها جميعها تعوقها عقبات سياسية واقتصادية.

من ناحية ثانية، هناك تداعيات اجتماعية واقتصادية خطيرة، إذ تُسبّب انقطاعات الكهرباء اضطرابات في الصناعة والمستشفيات ومخازن الأغذية، ما يُفاقم الاضطرابات ويُقوّض ثقة الجمهور بالحكومة.

وسيظلّ وضع الكهرباء في إيران، الذي يُسيطر عليه كبح الطلب بدلًا من التقدم التكنولوجي، قضيةً مُلحّة وحسّاسة سياسيًا في غياب الإصلاح الهيكلي.

انقطاعات الكهرباء في إيران تُعيد تشكيل أنماط الطلب صيفًا

تُحدِث انقطاعات الكهرباء في إيران خلال الصيف تغييرًا جذريًا في أنماط الطلب من خلال التحولات السلوكية، والتخفيضات القسرية، وعدم الكفاءة النظامية.

وقد أدى انقطاع التيار الكهربائي المتكرر على نطاق واسع -خصوصًا خلال ساعات الذروة (11:00-16:00)- إلى عجز الشبكة عن تلبية الطلب الصيفي، ما سبَّبَ إغلاقات إقليمية تُقلل من الاستهلاك السكني والصناعي.

ونتيجةً لذلك، تُحوّل العديد من الأسر والشركات استهلاكها إلى ساعات خارج الذروة أو تعتمد على مولدات احتياطية، ما يُغيّر التوقيت بدلًا من حجم الطلب.

وواجهت الصناعات كثيفة استهلاك الطاقة تباطؤًا وإغلاقات غير مُخطط لها، ما تسبَّب في انخفاض الإنتاج وخسائر اقتصادية كبيرة.

انقطاع التيار الكهربائي عن محطة حافلات بمدينة طهران الإيرانية
انقطاع التيار الكهربائي عن محطة حافلات بمدينة طهران الإيرانية – الصورة من نيويورك تايمز

وقد أدى هذا النقص إلى تغييرات سلوكية وهيكلية أعمق، حيث تعتمد الأسر بشكل متزايد على الأجهزة الموفرة للطاقة وتدابير الاستعمال المُتحفظة.

من ناحيتهم، يُعدّل المنتجون الزراعيون والصناعيون عملياتهم لتتلاءم مع جداول انقطاع التيار، ما يجعل النشاط الصيفي أقل جدوى.

وعلى الرغم من النمو السكاني وارتفاع درجات الحرارة، فإن عدم استقرار الشبكة المزمن يُحدّ من نمو الطلب الصيفي.

وحتى الأحمال الخفية الكبيرة سابقًا -مثل تعدين العملات المشفرة- قد انخفضت بسبب حملات إنفاذ القانون وقيود الإنترنت، ما أدى إلى مزيد من تحول أنماط الطلب.

الحلول غير الرسمية

أصبحت الحلول غير الرسمية، مثل الاستعمال المتزايد للمولدات الخاصة في المناطق الحضرية، أكثر شيوعًا، وعلى الرغم من أن هذه الحلول تُخفف من ضغط الشبكة، فإنها تُشكّل تحديات بيئية واقتصادية وتنظيمية.

وما تزال جهود الحكومة لتعزيز إدارة الطلب من خلال العدّادات الذكية وحملات تقليص استهلاك القطاع العام غير كافية لمعالجة المشكلات الهيكلية الأعمق.

ومع استمرار انقطاع التيار الكهربائي المتكرر والتقنين لسنوات، سيظل الطلب على الكهرباء في الصيف مُكبوتًا بشكل مصطنع، ويتأثر بشكل أكبر بالتخفيضات القسرية والتدابير المؤقتة أكثر من النمو العضوي أو التحديث.

إزاء ذلك، تتآكل ثقة الجمهور في موثوقية الشبكة باطّراد.

تحسين مرونة الطاقة خلال مواسم الذروة

لتعزيز مرونة الطاقة خلال ذروة الطلب، تحتاج إيران إلى إستراتيجية شاملة تُعالج كلًا من العرض والطلب، وعلى صعيد العرض، تُخطط السلطات لتوسيع قدرة الطاقة الشمسية وطاقة الرياح بمقدار 15 ضعفًا بحلول عام 2028.

ويُمكن لهذه الموارد الوفيرة أن تُخفف الضغط الموسمي على أنظمة الغاز الطبيعي والطاقة الكهرومائية، خصوصًا خلال فصول الصيف الجافة التي تشهد طلبًا مرتفعًا على الغاز.

ويُعدّ تحديث المحطات الكهروحرارية القديمة من خلال التحول إلى أنظمة الدورة المركبة أمرًا بالغ الأهمية لتحسين الكفاءة.

إلى جانب ذلك، يُعدّ تحديث شبكات النقل والتوزيع أمرًا أساسيًا لتقليل الخسائر الحالية المُقدَّرة بنسبة 25-30%.

وسيُعزز مزيج الطاقة المُتنوع -بما في ذلك الطاقة الكهرومائية والكتلة الحيوية والتخزين على نطاق الشبكة- استقرار العرض خلال أوقات الذروة.

وتُعدّ تحسينات جانب الطلب بالغة الأهمية، ويُمكن لتوسيع برامج كفاءة الطاقة وأدوات إدارة الاستهلاك الحديثة -مثل حوافز الأجهزة، والمعايير الصناعية الأكثر صرامة، والعدّادات الذكية، ومبادرات الاستجابة للطلب- تنظيم أوقات الأحمال العالية.

ويُمكن لحملات التوعية العامة أن تُشجع على تغييرات سلوكية تُقلّل من الاستعمال غير الضروري.

ويُعدّ تعزيز احتياطيات الوقود الإستراتيجية -خصوصًا الديزل والغاز الطبيعي- أمرًا بالغ الأهمية للحفاظ على تشغيل المحطات الكهروحرارية في ظل الاضطرابات.

ويُعدّ تشجيع الاستثمار الخاص والأجنبي في مصادر الطاقة المتجددة المركزية واللامركزية أمرًا ضروريًا لتسريع وتيرة التقدم في ظل القيود المالية والسياسية.

وتنطوي الإصلاحات المؤسسية والسياسية على أهمية خاصة بهدف الحفاظ على المكاسب.

ويمكن لترشيد دعم الطاقة -وكثير منه غير موجّه- أن يُحسّن استرداد التكاليف، ويُحفّز الكفاءة، ويجذب الاستثمار في التكنولوجيا الحديثة.

وسيدعم نزع الطابع السياسي عن قرارات قطاع الطاقة التخطيط طويل الأجل وتكامل مصادر الطاقة المتجددة بشكل أفضل.

ورغم العقبات الكبيرة -بما في ذلك العقوبات والجمود البيروقراطي-، يحظى هذا النهج متعدد الأوجه بدعم متزايد من الخبراء المحليين والمراقبين الدوليين بصفته السبيل الأمثل للحدّ من انقطاعات الكهرباء، واستقرار الشبكة، وبناء نظام طاقة مرن.

محطة عسلويه الكهربائية الواقعة جنوب إيران
محطة عسلويه الكهربائية الواقعة جنوب إيران - الصورة من غرفة التجارة والصناعة والمناجم والزراعة الإيرانية

التعاون الإقليمي

توجد إمكانات إستراتيجية، وإن لم تُستغل بعد، للتعاون الإقليمي لتحسين مرونة الطاقة في إيران خلال أوقات ارتفاع الطلب.

وتطمح إيران إلى استيراد الكهرباء من دول مجاورة مثل تركيا وأذربيجان، اللتين قد تُوفران ما يصل إلى 500 ميغاواط و140 ميغاواط على التوالي، لكن هذه الترتيبات غير مطبَّقة حاليًا.

وتتجلى محدودية خيارات الطاقة العابرة للحدود الحالية في أن هذه الواردات -حتّى في حال تفعيلها- لن تُمثّل سوى أقل من 4% من عجز إيران الصيفي المُقدَّر بـ 25 غيغاواط.

لذلك، تحتاج إيران إلى إجراء إصلاحات محلية كبرى، مثل تحديث بُنيتها التحتية للطاقة ووضع خطط قوية لإدارة الطلب، إذا كانت تأمل في تحويل الشراكات الإقليمية من مجرد أفكار نظرية إلى أدوات فعّالة.

وفي غياب هذه التعديلات، من غير المرجَّح أن يُمثّل التعاون الإقليمي حلًا جذريًا لأزمة الكهرباء، بل مجرد إضافة.

ويمكن أن يكون التعاون الإقليمي في مجال الطاقة عاملًا مساعدًا مهمًا في إستراتيجية أكثر شمولًا ومتعددة الأبعاد لمعالجة مشكلات الطاقة المستمرة في إيران، على الرغم من أنه ليس حلًا قائمًا بذاته.

الخلاصة

تُعدّ المشكلات الهيكلية المتجذرة، وسوء الإدارة المستمر، والضغط المتزايد على قطاع الطاقة، الأسباب الجذرية لأزمة الكهرباء في إيران، التي برزت جليًا مع انقطاع التيار الكهربائي الهائل "يوم الأربعاء" في 23 يوليو/تموز 2025.

وقد تسبَّب انقطاع التيار الكهربائي المتكرر في استياء اجتماعي واضطرابات اقتصادية بسبب الظروف الجوية القاسية، والبنية التحتية القديمة، والعقوبات التي تعوق الاستثمار.

من جهتها، تتأثر المناطق الأكثر فقرًا بشكل غير متناسب بهذه الانقطاعات، مما يُفاقم عدم المساواة ويُضعف الثقة في المؤسسات الحكومية.

ويبدو أن مستقبل إمدادات الكهرباء في إيران قاتم، وإذا لم تُنفّذ تحسينات جوهرية، فسيستمر انقطاع التيار الكهربائي المُجدول لسنوات بسبب قيود العرض المستمرة، وارتفاع الطلب، ومحدودية توسيع القدرة الإنتاجية.

وتوجد عوائق مالية وسياسية رئيسية أمام إدارة الطلب، وتحديث الشبكة، وتوسيع نطاق الطاقة المتجددة. ويزداد شيوع تحويل الطلب خارج أوقات الذروة، واستعمال المولدات الخاصة، إلّا أنهما لا يُمثّلان بدائل كافية لشبكة كهرباء موثوقة ومستدامة.

ويأتي انقطاع التيار الكهربائي في إيران نتيجة تفاعل معقّد بين تدهور البنية التحتية، والظروف الاقتصادية الصعبة، وسوء الإدارة.

وسيظل انقطاع التيار الكهربائي جزءًا من الحياة الإيرانية في غياب سياسة وطنية متماسكة مدعومة بالتزام سياسي قوي، واستثمارات مركزة، وتعاون إقليمي مستمر.

ولا يمكن استبدال الإصلاحات المحلية الشاملة بواردات الكهرباء الإقليمية، حتى إن كانت توفر راحة مؤقتة وإمكانًا لمزيد من التكامل.

ويمثّل "حادث الأربعاء" تذكيرًا صارخًا بهذه القضية، وحجّة قوية لإجراء إصلاح هيكلي فوري لضمان حصول الشعب الإيراني على الطاقة النظيفة في السنوات المقبلة.

الدكتور أومود شوكري، الخبير الإستراتيجي في مجال الطاقة، الزميل الزائر الأول في جامعة جورج ميسون الأميركية، مؤلف كتاب "دبلوماسية الطاقة الأميركية في حوض بحر قزوين: الاتجاهات المتغيرة منذ عام 2001".

* هذا المقال يمثّل رأي الكاتب، ولا يعبّر بالضرورة عن رأي منصة الطاقة.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

السابق هرحل بشكل نهائي.. نجم جديد يشعل الاجواء داخل الأهلي ويعلن تمرده
التالى ” قريبة من الفشل”.. وسيط صفقة وسام أبو علي يفتح النار على إدارة الأهلي