في تصعيد جديد يعكس عودة التنظيم الإرهابي إلى واجهة الصراع السوري، شن مسلحو تنظيم "داعش" سلسلة هجمات مباغتة خلال الأيام الماضية على مواقع ونقاط تمركز تابعة لـ"قوات سوريا الديمقراطية" (قسد) في ريفي دير الزور والحسكة، ما أسفر عن سقوط عدد من القتلى والجرحى، وفتح الباب واسعًا أمام تساؤلات بشأن مستقبل الأمن في شرق سوريا.
كمائن ليلية وهجمات خاطفة
نفذ التنظيم هجماته بأسلوبه المعتاد، كمائن ليلية، عبوات ناسفة، وتسلل خاطف إلى النقاط المعزولة.
ففي ريف دير الزور الشرقي، قُتل ما لا يقل عن 8 عناصر من "قسد" في كمين استهدف دورية أثناء مرورها على طريق حيوي قرب بلدة الشحيل، تلاه اشتباك مسلح استخدم فيه التنظيم الأسلحة الرشاشة والقذائف الصاروخية.
وفي الحسكة، أوقع تفجير عبوة ناسفة استهدفت آلية عسكرية لـ"قسد" عدة إصابات في صفوف القوات، وسط حالة استنفار أمني وانتشار مكثف في محيط المواقع المستهدفة.
عودة التنظيم... أم تكتيك فوضى؟
ورغم تراجع "داعش" ميدانيًا بعد خسارته مناطق سيطرته عام 2019، تشير هذه العمليات إلى أن التنظيم لا يزال قادرًا على التحرك في الفراغات الأمنية وعلى استغلال التوترات المحلية، مستفيدًا من طبيعة التضاريس الوعرة والعوامل العشائرية والسياسية التي تعقد المشهد في المنطقة.
ويقول مراقبون إن "داعش" يسعى من خلال هذه الهجمات إلى إثبات وجوده واستعادة تأثيره، لا سيما مع تصاعد الحديث عن خلافات داخل "قسد"، وتزايد الانتقادات المحلية ضد سياساتها في المناطق ذات الغالبية العربية.
قسد ترد وتطلق عملية تمشيط
ردًا على الهجمات، أطلقت "قسد" بدعم من التحالف الدولي، حملة أمنية واسعة النطاق في أرياف دير الزور والحسكة، شملت مداهمات واعتقالات ومراقبة جوية مكثفة. وأعلنت القوات في بيان رسمي "استمرار العملية حتى القضاء الكامل على خلايا التنظيم".
إلا أن تحديات الحملة تبدو كبيرة، في ظل اعتماد التنظيم على تكتيك "اضرب واهرب"، ووجود حواضن صغيرة قادرة على توفير الدعم اللوجستي لعناصره.
تحذيرات وتحركات دولية
من جانبها، أعربت الأمم المتحدة وعدد من منظمات حقوق الإنسان عن قلقها من عودة نشاط "داعش" في المنطقة، محذرة من أن تدهور الأوضاع الأمنية قد يعيد السيناريو الدموي إلى مناطق عانت لسنوات من ويلات الحرب والإرهاب.
وتطرح عودة الهجمات الداعشية تحديات كبرى أمام "قسد" والتحالف الدولي، وتفتح ملفًا حساسًا حول الاستقرار الهش في شرق سوريا، حيث لا تزال الصراعات القومية والطائفية، إلى جانب تدخلات القوى الإقليمية، تغذي بؤر التوتر التي يتسلل منها التنظيم من جديد.