في لحظة كان الظلام سيد المشهد، وفي شوارع الجيزة التي اعتادت على وهج الأنوار، خيم السكون وتوقفت الحياة على وقع عطل مفاجئ بمحطة محولات الكهرباء بجزيرة الذهب، وبين ترقب الأهالي وجهود المهندسين، دارت معركة صامتة خلف الأسوار، حسمتها الخبرة وأعاد فيها التيار الكهربائي ببطء ولكن بثبات.
وهكذا، بدأت آلة الحياة بالدوران مجددًا، بعد أن أعلن مركز التحكم بدء عودة الكهرباء إلى المناطق المتأثرة، واضعًا نهاية لأزمة استمرت أكثر من 16 ساعة.
عملية إطلاق التيار بالمحطة تمت بنجاح
أكدت مصادر مطلعة بوزارة الكهرباء أن محطة محولات جزيرة الذهب بدأت رسميًا استقبال التيار الكهربائي مجددًا، بعد انتهاء أعمال الاختبار الفني لكابلات الجهد العالي (66 ك.ف) والتأكد من سلامتها التامة.
ووفقًا لتلك المصادر، فإن عملية إطلاق التيار بالمحطة تمت بنجاح، ومن المتوقع أن تعود الكهرباء بشكل كامل خلال ساعة إلى مناطق الجيزة، والهرم، وفيصل، وساقية مكي.
تغيير 14 مترًا من كابلات الجهد العالي بواقع 7 أمتار في كل دائرة
وأوضحت المصادر أن الشركة المصرية لنقل الكهرباء استعانت أخيرًا بفريق متخصص من كبرى شركات القطاع الخاص، بعد أن فشلت محاولاتها المتكررة في إصلاح العطل على مدار أكثر من 16 ساعة، وجرى تغيير 14 مترًا من كابلات الجهد العالي – بواقع 7 أمتار في كل دائرة – مع بدء التجارب التشغيلية فورًا.
في الوقت ذاته، تم تشغيل 20 وحدة ديزل لتأمين تغذية مؤقتة، إلى جانب إعادة توصيل أكشاك التوزيع لضمان استقرار الإمداد الكهربائي بشكل تدريجي حتى تستقر الشبكة بالكامل، ويتولى مركز التحكم القومي حالياً عملية استلام المحطة ومتابعة إعادة توجيه الأحمال الكهربائية تدريجيًا للأحياء المتضررة.
بعودة التيار، تنفس السكان الصعداء، بعدما تحولت الأزمة إلى درس عملي في أهمية الجاهزية والصيانة والتعاون بين القطاعين العام والخاص، ويبقى السؤال العالق في أذهان الجميع، لماذا حدث العطل؟ وهل ستتكرر الأزمة؟ التحقيقات مستمرة، لكن الأمل عاد، ومعه النور.
تكشف هذه الواقعة مجددًا عن أهمية التخطيط الاستباقي وضرورة الصيانة الدورية لشبكات الكهرباء، خاصة مع تزايد الأحمال في فصل الصيف، فرغم الجهود الكبيرة التي بُذلت خلال أكثر من 16 ساعة من العمل المتواصل، إلا أن الاعتماد على فرق خارجية لإصلاح العطل يثير تساؤلات حول مدى جاهزية فرق الدعم الفني التابعة للشركة المصرية لنقل الكهرباء.
ومع عودة التيار إلى مناطق الجيزة والهرم وفيصل وساقية مكي، يبقى التحدي الأساسي هو تفادي تكرار مثل هذه الأعطال المفاجئة، وتحقيق الاستقرار الكامل لمنظومة التوزيع، خاصة في المناطق الحيوية ذات الكثافة السكانية العالية.