
في خطوة لافتة، انضمت المملكة المتحدة إلى 27 دولة غربية، بما في ذلك فرنسا، كندا، أستراليا، إيطاليا، واليابان، لإصدار بيان مشترك يدين السياسات الإسرائيلية في قطاع غزة، التي أدت إلى تفاقم معاناة المدنيين إلى مستويات غير مسبوقة.

ووفقًا لصحيفة الإندبندنت، يركز البيان على انتقاد الحكومة الإسرائيلية لتقديم المساعدات الإنسانية بطريقة "بالتنقيط"، وهو ما وُصف بأنه خطير ويؤجج عدم الاستقرار، محرومًا سكان غزة من كرامتهم الإنسانية.
هذه الإدانة تأتي في سياق تصاعد الأزمة الإنسانية في القطاع، حيث أفادت تقارير بمقتل أكثر من 800 فلسطيني أثناء محاولتهم الحصول على مساعدات، بما في ذلك أطفال يبحثون عن الغذاء والماء.
يعكس هذا البيان قلقًا دوليًا متزايدًا إزاء الوضع في غزة، مع دعوات ملحة لوقف إطلاق النار الفوري ورفع القيود على تدفق المساعدات.
الأزمة الإنسانية: معاناة غير مسبوقة
بلغت معاناة المدنيين في غزة مستويات كارثية، حيث أشار البيان المشترك إلى أن أكثر من مليوني فلسطيني يواجهون نقصًا حادًا في الغذاء، الماء، والاحتياجات الأساسية، مع انهيار الخدمات الأساسية في القطاع.
وفقًا لتقارير الأمم المتحدة، قُتل أكثر من 59،029 فلسطينيًا وأُصيب 142،135 آخرين منذ 7 أكتوبر 2023، معظمهم من المدنيين، بما في ذلك آلاف الأطفال والنساء.
كما أفادت وزارة الصحة في غزة بمقتل 995 شخصًا وإصابة 6،011 آخرين أثناء انتظارهم للمساعدات منذ مايو 2025، بالإضافة إلى 86 شهيدًا، منهم 76 طفلًا، بسبب الجوع وسوء التغذية.
يرى الخبراء أن هذه الأرقام تعكس كارثة إنسانية غير مسبوقة، بينما يشير المراقبون إلى أن استمرار الحصار وتقييد المساعدات يشكل انتهاكًا صارخًا للقانون الإنساني الدولي، مما يفاقم الوضع ويؤدي إلى وفيات جماعية بسبب المجاعة.
انتقادات لنموذج توزيع المساعدات
انتقدت الدول الـ28، بقيادة المملكة المتحدة، نموذج توزيع المساعدات الذي تتبعه إسرائيل، واصفة إياه بأنه "غير آمن" و"يؤدي إلى زعزعة الاستقرار".
وفقًا لصحيفة الإندبندنت، أدان البيان مقتل أكثر من 800 مدني فلسطيني أثناء محاولتهم الحصول على المساعدات، مشيرًا إلى أن هذه الآلية، التي تديرها "مؤسسة غزة الإنسانية" المدعومة من إسرائيل والولايات المتحدة، فشلت في إيصال المساعدات بشكل كافٍ إلى المدنيين.
وأكدت الدول أن رفض إسرائيل تقديم المساعدات الأساسية بشكل كافٍ يعد "غير مقبول"، مطالبة برفع الحصار فورًا والسماح للأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية بتقديم المساعدات بأمان وفعالية.
يرى الخبراء أن هذا النموذج يفاقم معاناة المدنيين، بينما يحذر المراقبون من أن استمرار هذه السياسة قد يؤدي إلى كارثة إنسانية أكبر، خاصة مع انهيار البنية التحتية في غزة.
رد إسرائيل وموقف حماس
ردت إسرائيل على البيان المشترك برفضه، واصفة إياه بأنه "منفصل عن الواقع" ويوجه رسالة خاطئة لحركة حماس.
وفقًا لوزارة الخارجية الإسرائيلية، تتحمل حماس المسؤولية الكاملة عن الحرب ومعاناة المدنيين، مشيرة إلى أن عملياتها تهدف إلى تدمير الحركة وإعادة الرهائن المحتجزين منذ 7 أكتوبر 2023.
من جانبها، رحبت حماس بالبيان، معتبرة أنه يمثل "اعترافًا دوليًا بحجم الانتهاكات التي ترتكبها إسرائيل"، بما في ذلك سياسة التجويع الممنهج التي أودت بحياة أكثر من 70 طفلًا.
يرى الخبراء أن هذا التباين في المواقف يعكس تعقيد الصراع، بينما يشير المراقبون إلى أن الضغط الدولي قد يدفع نحو مفاوضات لوقف إطلاق النار، لكنه يواجه تحديات بسبب استمرار التصعيد العسكري.
الضغط الدولي
أكدت الدول الـ28، بما في ذلك أعضاء تحالف "العيون الخمس" الاستخباراتي، على ضرورة وقف إطلاق نار فوري وغير مشروط، مع الإفراج عن الرهائن المحتجزين لدى حماس، معتبرة أن هذا هو "أفضل أمل" لإنهاء المعاناة وإعادة الاستقرار.
ومع ذلك، أشار بعض المراقبين إلى أن هذه الدعوات تواجه انتقادات بسبب عدم ترجمتها إلى إجراءات ملموسة، مثل فرض عقوبات على إسرائيل أو تعليق تصدير الأسلحة.
وفقًا لصحيفة الإندبندنت، أعربت بعض الدول، مثل إسبانيا والنرويج، عن استعدادها لاتخاذ خطوات إضافية، بما في ذلك دعم مقترحات الأمم المتحدة لإنشاء آليات حماية دولية للفلسطينيين.
ويرى الخبراء أن هذا الضغط الدولي قد يشكل نقطة تحول في الصراع، لكنهم يحذرون من أن الانقسامات داخل الاتحاد الأوروبي والدعم الأمريكي المستمر لإسرائيل قد يحد من فعالية هذه الجهود.