أخبار عاجلة
عاجل.. ناد فرنسي يُهدد الأهلي في صفقة مصطفى محمد -
تعليق قوي من شوبير على اعتذار وسام أبو علي -
كل ما تحتاج معرفته عن قانون الإيجار القديم -

نيفين مسعد تُحذر من استغلال إسرائيل للدروز

نيفين مسعد تُحذر من استغلال إسرائيل للدروز
نيفين مسعد تُحذر من استغلال إسرائيل للدروز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

فى عام ١٩٨٨ أصدر مركز البحوث والدراسات السياسية بجامعة القاهرة للدكتورة نيفين مسعد، أستاذة العلوم السياسية، رسالتها للدكتوراه فى كتاب بعنوان: «الأقليات والاستقرار السياسى فى الوطن العربي»، ورغم مرور كل هذه السنوات، تبقى تلك الرسالة كعمل تأسيسى مهم وسابق فى التنبأ بالواقع المعاش.

فمثلًا ما يحدث فى سوريا هذه الأيام من اضطرابات سياسية وإبادة للأقليات المسيحية والدروزية، يؤكد أن نيفين مسعد قد امتلكت بصر وبصيرة زرقاء اليمامة لطرقها هذا المجال والإشارة إليه وإلى خطورته مُبكرًا، 

فالكتاب يُعد أحد أوائل الدراسات العربية التى تناولت موضوع الأقليات فى سياق التحليل السياسي، وربطت بين وجودها فى المجتمعات العربية ومدى تأثيرها على استقرار النظم السياسية. وقد كُتب فى فترة كانت تشهد تصاعد التوترات الطائفية والإثنية فى العالم العربي، مما جعل الكتاب آنذاك مساهمة فكرية مبكرة فى قراءة المشهد السياسى من زاوية الهوية والانتماء والتعدد.

ينقسم الكتاب إلى مقدمة وأربعة فصول رئيسية، بالإضافة إلى خاتمة وتوصيات، تناولت المقدمة: الإطار النظرى والمنهجي.

وقالت المؤلفة فى المقدمة، إن سبب اختيارها للموضوع، أن غياب ثقافة سياسية تعترف بالتعدد هو أحد أسباب هشاشة الاستقرار السياسى فى العالم العربي. كما قامت بتحديد المفاهيم الأساسية للدراسة، وهي:

 الأقلية: هى جماعة بشرية تختلف عن الأغلبية فى الدين، أو اللغة، أو العِرق، وتُعدّ نفسها متميزة عنها.

 الاستقرار السياسي: لا يُقصد به فقط غياب العنف، بل أيضًا وجود نظام سياسى قادر على استيعاب الاختلافات والتعامل معها دون قمع أو تهميش.

واعتمدت الكاتبة على المنهج المقارن والتحليل السياسي، مع أمثلة من دول عربية متعددة.

جاء الفصل الأول تحت عنوان مفهوم الأقلية وأبعادها فى السياق العربي، ويضع هذا الفصل أساسًا نظريًا لفهم الأقليات، عبر ثلاثة مستويات، هي:

أولًا- مفاهيم الأقلية: التمييز بين الأقلية العددية كاللغة الأمازيغية، والأقلية السياسية، مثل الشيعة فى بعض الدول الخليجية. والفرق بين مصطلحى الأقلية والطائفة، من حيث الأثر السياسى والموقع الاجتماعي.

ثانيًا- الأقليات فى الفكر القومى العربي: ويضم نقدٌ لهيمنة الخطاب القومى الذى يسعى إلى توحيد الهوية وتذويب التعدد، وكيف أن بعض النظم اعتبرت الأقليات تهديدًا لوحدة الأمة.

ثالثًا- الدين والدولة: وفيه رصد للعلاقة بين الدين كمرجعية سياسية، وموقع الأقليات الدينية فى النظام القانونى والدستوري. وأكدت نيفين، أن المجتمعات العربية تعانى من فقرٍ فى تقاليد التعدد، ما ينعكس فى التهميش القانونى والاجتماعى للأقليات.

وفى الفصل الثاني، ناقشت أنماط العلاقة بين الدولة والأقليات، حيث يُحلل هذا الفصل أشكال تعامل الأنظمة السياسية العربية مع الأقليات، ويصنفها إلى أنماط، وهي:

أولًا- نمط الدمج القسري: وتقوم فيه الدولة بإلغاء الفوارق وفرض هوية قومية جامعة بالقوة، مثل محاولات التعريب. مما يؤدى إلى رد فعل عكسى من الأقليات.

ثانيًا- نمط العزل والتمييز: ويتم فيه إبقاء الأقلية على هامش النظام السياسي، كما حدث أحيانًا مع الأقباط فى مصر أو الشيعة فى الخليج. وينتج عنه إحساس دائم بالاغتراب السياسي.

ثالثًا- نمط التسامح المشروط: وفيه يُسمح للأقليات بممارسة شعائرها وهويتها ضمن حدود لا تمس السلطة السياسية. وغالبًا ما يكون وضعًا هشًا، ينقلب عند الأزمات.

وأكدت الكاتبة، أن أنماط العلاقة السياسية بين الدولة والأقليات غالبًا ما تكون فوقية وقمعية أو انتقائية، ما يعمق فجوة الثقة ويزيد احتمالات عدم الاستقرار.

وجاء الفصل الثالث تحت عنوان: «الأقليات كعامل تأثير فى الاستقرار السياسي»، ويناقش هذا الفصل الكيفية التى تؤثر بها الأقليات على الاستقرار، سواء كعامل تهديد أو كشريك استقرار.

وتناولت فيه دور الأقليات فى الاحتجاج السياسي، حيث قد تكون الأقليات فى طليعة المعارضة، إذا كانت تعانى من التمييز كالأكراد فى العراق. لكنها أيضًا قد تكون أدوات فى يد السلطة لتوازن قوى داخلية، مثل تسليح بعض الأقليات ضد الأغلبية.

وأشارت إلى العامل الخارجى وخطورة التوظيف السياسى للأقليات من قبل قوى أجنبية، مثلًا تدخلات إيران فى شئون الشيعة، أو إسرائيل فى قضايا الأقليات مثلما حدث مع الدروز فى سوريا مؤخرًا. وهذا يعقّد العلاقة بين الداخل والخارج.

وتحدثت الكاتبة حول الاندماج الوطني، وقالت إن نجاح الدول فى دمج الأقليات يرتبط بسياسات التعليم، الإعلام، الدستور، والتمثيل السياسي. والأمثلة على ذلك نادرة فى الوطن العربي. فغياب سياسات دمج متوازنة يُحوّل الأقليات إلى مصدر تهديد مستمر للنظام السياسي.

فى الفصل الرابع، قدمت الدكتورة نيفين مسعد، دراسات حالة وتجارب عربية مُحددة، حيث استعرضت حالات واقعية لتفاعل الدولة والأقليات، ومنها: الأكراد فى العراق، حيث تاريخ طويل من الصراع والمقاومة. وكيف تم استخدامهم كورقة من قِبل قوى خارجية، ومطالبتهم بالاستقلال أو الحكم الذاتي.

والأمازيغ فى الجزائر والمغرب بين التهميش الثقافى واللغوي، مقابل محاولات لفرض التعريب، وصولًا للاعتراف بالأمازيغية كلغة رسمية.

وقالت نيفين، إن الدول التى لم تعترف بالتعدد بوصفه مصدر قوة، غالبًا ما أنتجت نماذج هشة سياسيًا، قابلة للانفجار عند أول أزمة، وفى ختام الدراسة الشيقة، أكدت الكاتبة، أن التعدد فى حد ذاته ليس سببًا لعدم الاستقرار، بل طريقة التعامل معه.

وقدمت عدة توصيات مازالت عدد من الأنظمة السياسية فى حاجه أن تستمع وتعمل بها، منها الانتقال من سياسات الإقصاء إلى سياسات الاعتراف والدمج. وأهمية صياغة دساتير تضمن المساواة وتمنع التمييز. ومراجعة الخطاب القومى التقليدى واستبداله بخطاب ديمقراطى تعددي.

يبقى أن كتاب «الأقليات والاستقرار السياسى فى الوطن العربي» لا يقدم فقط تأريخًا لعلاقة الدولة بالأقليات، بل يطرح أيضًا رؤية نقدية لكيفية بناء دولة قادرة على احتواء تعددها الداخلي. إنه كتاب تأسيسى فى هذ المجال حذر من خطورة الوضع اللبنانى كنموذج للعلاقة بين درجة التعددية وعدم الاستقرار السياسى وهو أمر أصبح للاسف ينطبق على عدة دول، وخاصةً سوريا حاليًا، ومؤشرات ذلك عدم الاتفاق حول القيم الأساسية والولاء للجزء دون الكل والتمركز الجغرافى للطوائف وتعدد النظم التشريعية والتعليمية.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

السابق ليفربول يحسم صفقته السادسة
التالى ريبيرو يجتمع مع الطاقم المعاون